كانت ولا تزال حرائق تركيا تأخذ حيزا مهما من نشرات الأخبار، وهي الحرائق الأسوأ التي عانت منها هذه الدولة في العصر الحديث.
تطلب اخماد الحرائق الهائلة والكثير تدخل قوات المساعدة من دول مختلفة مثل روسيا وبعض دول الإتحاد الأوروبي وعرضت قبرص واليونان المساعدة أيضا.
وهكذا فشلت تركيا في اخماد الحرائق بقواتها المحلية، واتضح أنه ليست مستعدة لحرائق الغابات والتعامل معها رغم تكرار الحرائق في السنوات الماضية واندلاعها على نطاق واسع في دول مجاورة خلال الفترات الماضية في كل من سوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل واليونان.
وأكدت مقاطع الفيديو التي انتشرت في الأيام الماضية، أن الكثير من المواطنين خاطروا بحياتهم في سبيل اخماد النيران التي دمرت الغطاء النباتي في مناطق كثيرة من البلاد.
وفيما حشدت اليونان 39 ناقلة جوية لمكافحة النيران، لا تملك تركيا التي تنفق المليارات من الدولارات على شراء الأسلحة أيا منها، هذا أيضا في مقابل أسطول أردوغان الرئاسي المكون من 13 طائرة.
وشكلت الحرائق الأخيرة ضربة ليس فقط لصورة تركيا التي تلعب دور إقليمي مهم في منطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضا للسياحة وبالتالي الإقتصاد الذي يعتمد على استقطاب الملايين من السياح سنويا، فقد ألغى معظمهم عطلته وعاد إلى بلده أو غير وجهته إلى دول مجاورة لا تعاني من الحرائق مثل أرمينيا.
إقرأ أيضا:نهاية تمرد فاغنر: انتصر بريغوجين على جيش بوتيندمرت الحرائق المجتمعات المحلية والمنتجعات الساحلية مع ارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية، ودمرت العشرات من الحرائق الغابات ذات المناظر الخلابة على الريفييرا التركية وهددت المدن الساحلية في أنطاليا وبودروم ومارماريس، مع هروب السياح والسكان المحليين، وفي بعض الأحيان يحملون ماشيتهم يتم أيضًا تدمير الأراضي الزراعية الخصبة.
تواجه تركيا بالفعل تباطؤًا اقتصاديًا وتدفقًا هائلاً للاجئين وتشهد فصلًا محبطًا بشكل لا يطاق في تاريخها، مع استمرار أزمة الليرة التركية التي اندلعت منذ أغسطس 2018.
من الإهمال وسوء تخصيص الموارد، اتضح أنه بينما كانت الحكومة التركية تتفاخر باستمرار ببراعتها العسكرية وطموحاتها الإقليمية، لم تكن مستعدة تمامًا لمواجهة كارثة طبيعية.
بلد يبلغ تعداد سكانه 85 مليون نسمة لا يمتلك طائرة إطفاء واحدة للعمليات (كانت تستأجر ثلاث طائرات من روسيا)، مقارنة بـ 39 طائرة إطفاء في مخزون دولة اليونان.
ولا شك أن تغير المناخ يهدد كافة دول العالم وليس تركيا فقط ضحية فساد الإنسان على الأرض واصراره على الإدارة غير العقلانية للموارد واستخراج النفط والغاز الملوثين للبيئة، لذا يبدو الحديث عن مؤامرة ضد هذا البلد مجرد بلبلة للتغطية عن الحقيقة المرة.
كشفت أزمة حرائق تركيا عن أخطاء حكومية قاتلة في توجيه واستخدام الموارد والتهيئة لمثل هذه الظروف الصعبة، وتناقض واضح بين حديث الحكومة التركية عن العظمة الإمبراطورية وقدرتها الحقيقية على تقديم خدمات الطوارئ الأساسية لمواطنيها.
إقرأ أيضا:تنبؤات الحرب العالمية الثالثة 2025 حسب المخابرات الألمانيةوبينما لا تزال تركيا تتدخل في شؤون الدول المجاورة، وستتعرض عضلاتها في المنطقة من خلال انفاق أموال متزايدة في المغامرات العسكرية، تبدو هذه الدولة داخليا هشة وعاجزة عن التعامل مع الكوارث الطبيعية المتلاحقة عليها، قبل أزمة الحرائق تعرضت مناطق منها لزلازل مدمرة.
وكما هو الحال منذ محاولة الإنقلاب الفاشلة في تركيا، لم تفوت سلطة البث التركية أي شيء للرقابة، فقد أمرت شبكات التلفزيون بتقييد تغطية حرائق الغابات وأيضًا الإبلاغ عن الحرائق التي تم إخمادها، مهددة بفرض غرامات، وتوجه الإعلام المحلي للحديث عن مؤامرة من جهات خبيثة ومجهولة هي التي دمرت واستهدفت السياحة التركية.
إقرأ أيضا:كيف تنفق شركات النفط مليارات الدولارات لنفي التغير المناخي؟وتحولت الأزمة إلى قضية سياسية وغضب شعبي في تركيا من سياسات الرئيس وحكومته التي تتخبط بشكل واضح في السنوات الأخيرة والتي دمرت عددا من المكتسبات التي حققتها في السنوات الماضية.
في النهاية، لا يمكننا منع حرائق الغابات عبر البحر الأبيض المتوسط إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، ولكن يمكننا بشكل جماعي منع الجحيم من خلال الالتزام بالعمل المناخي والتحول الأخضر، هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على اقتصاداتنا واقفة على قدميها والحفاظ على أمن دولنا.
إقرا أيضا:
حرائق الغابات المتزايدة عالميا ونظرية المؤامرة
الركود الإقتصادي بعد فوضى حرائق غابات أستراليا
جمعت 500 ألف دولار من بيع صورها العارية لإيقاف حرائق أستراليا
لبنان يحترق اقتصاديا بالتوازي مع حرائق الغابات