سبق لنا أن نشرنا بأن الإسلام والمسيحية هما أكبر ديانتين في العالم لأن أكبر الإمبراطوريات في التاريخ تبنت احدى الديانتين، فيما البوذية هي فلسفة مختلفة تتواجد في الهند لكن لها تأثير عالمي قوي.
بداية من الإمبراطوريات الأوروبية التي احتلت دول أفريقيا والشرق الأوسط وخسرت مناطق كثيرا لصالح الدولة الإسلامية في الحروب والتي نشرت الإسلام وفرضت على غير المسلمين الجزية، ثم احتلال الدول الغربية لأفريقيا ودول أمريكا الشمالية والجنوبية ودول آسيا ونشر المسيحية من خلال حملات التبشير.
الإسلام ينتشر بالجهاد
في تاريخ ابن خلدون (الجزء 6 الصفحة 121) جاء: “قال ابن أبي زيد: إن البربر ارتدوا اثنتي عشر مرة بإفريقية والمغرب، ولم يكمل إسلامهم إلا في موسى بن نصير، في خلافة الوليد بن عبد الملك وظهرت نجدتهم في جهاد الكفار، ولم يذعنوا إلا لولاية أهل البيت، لما نزل عليهم إدريس ابن عبد الله الكامل أيام الرشيد”.
ويحكي في هذا الجزء محاولات المسلمين لنشر الإسلام في شمال أفريقيا، خصوصا في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وهي مناطق استعصت وقاومت بقوة الغزو الإسلامي.
يعد الجهاد من أسس الدين الإسلامي به انتشر في شبه الجزيرة العربية، خصوصا بعد أن أمضى النبي محمد حوالي عقدا من الزمن وهو يدعو بالحسنى فيما ترفض قريش دعوته.
وجاء ذكر الجهاد كثيرا في السنة النبوية وأبرزها (..رأسُ الأمرِ فالإسلامُ، من أسلم سلِم، وأمَّا عمودُه فالصَّلاةُ، وأمَّا ذُروةِ سَنامِه فالجهادُ في سبيلِ اللهِ) صححه الألباني.
إقرأ أيضا:حقيقة الهولوغرام وتقنيات هوليوود في هجمات 11 سبتمبروكان الجهاد في غاية الأهمية للدولة الإسلامية لأنه تحقق منه مكاسب مالية واقتصادية، سواء من خلال الغنائم أو فرض الجزية على المقيمين من غير المسلمين.
وقد وعد النبي محمد أتباعه بفتح فارس والشام ومصر وبلادا كثيرة، وهو الوهد الذي آمن به المسلمين الأوائل وصدقوه وساعدهم ذلك نفسيا في مواجهة أقوى جيشين في العالم، الفرس والروم.
اليوم لأن الإسلام والمسيحية هما أكبر ديانتين في العالم، لهذا من الطبيعي أن يستقطبا المزيد من الأتباع لأن المزيد من الناس يسمعون بهما.
الفلسفة البوذية تنتشر فكريا
في المقابل جاء في مقال بعنوان “هندنة الصين” الذي كتبه هو شيه، مؤسس حركة الرابع من مايو ورئيس جامعة بكين: “الهند غزت الصين وسيطرت عليها ثقافيًا لمدة عشرين قرنًا دون الاضطرار إلى إرسال جندي واحد”.
هذا لأن البوذية وهي فلسفة هندية قامت في مجتمع هندوسي، جاءت لتحقيق الإستنارة والتحرر من الجسد بعد الموت وعدم العودة في جسد جديد لأن التناسخ ودورة الميلاد من المعتقدات الأساسية في الهند والمجتمع الهندوسي.
جاءت البوذية بالتأمل واليوغا وروجت أكثر للكارما، وقد وضع مؤسسها مجموعة من القواعد التي تقوم على العزلة والسلام والتعفف من الرغبات المادية.
وتنقسم البوذية اليوم إلى قسمين، الرهبان الذين يعيشون حياة الرهبانية في المعابد أملا في أن لا يعودوا إلى هذه الدنيا بعد موتهم، وهناك الأتباع الذين يخلطون بين الهندوسية والبوذية أو ديانات أخرى مع البوذية وهناك المتأثرين بها من المسلمين والمسيحيين واليهود.
إقرأ أيضا:المساواة في الميراث ضروري في عصر التغير المناخيتقر الفلسفة البوذية بأن الحياة في أصلها مبنية على المعاناة، ويجب أن نفكر مليا قبل القيام بأي تصرف يجلب الضرر لبقية البشر والكائنات لأنه الضرر سيعود علينا.
ولهذا وجدت الفلسفة انتشارا قويا بين المؤمنين بالسلام والأخوة بين كافة البشر بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، وهذا عكس الإسلام الذي يرى أن الأخوة تتحقق من خلال الدين فقط.
التسامح في البوذية والإسلام
في البوذية لا وجود للحقائق الثابتة، إذ لا أحد يعرف الحقيقة، وإذا أثبت العلم أن الله موجود فإن البوذيين الملحدين سيؤمنون به وهذه وصية بوذا لكل بوذي، ولا توجد في هذه الفلسفة العقوبة للراهب الذي يترك الرهبانية ويعود إلى حياته العادية.
في المقابل الإسلام مبني على الحقائق ويعد انكارها أو التشكيك فيها سببا كافيا للصدام مع هذا الدين، ومن حق المؤسسة الدينية تكفير المشكك في نهاية المطاف، وهناك النار التي تنتظر كل من أنكر الإيمان بهذا الدين.
إقرأ أيضا:موقف روسيا بوتين والصين من غزو العراق 2003في البوذية التسامح لانهائي ويشمل الجميع، في الإسلام التسامح محل اختلاف وخلاف، هناك مدارس دينية تؤكد عليه وتطبقه وتستعرضه من القرآن والسنة النبوية، لكن المدرسة الدينية الأكثر شهرة وهي السلفية تسامحها محدود لدرجة أنها تلجأ إلى القتل في حال ترك الصلاة.
إقرأ أيضا:
كيف انتشرت اليوغا عالميا وغيرت البوذية كافة الديانات؟
11 سبتمبر وداعش و7 أكتوبر: هل الإسلام دين الإرهاب؟
داعش ليست صناعة أمريكية بل إسلامية سنية سلفية وهابية
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
البوذية ليست ديانة ولا تتعارض مع الإسلام أو غيره
لا أحد يعلم ماذا يحدث بعد الموت
كيف يفسر تناسخ الأرواح معضلة الشر والمعاناة في الحياة؟
ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟