لست مفتيا و لن أكون كذلك لأن الإفتاء مسؤولية و مخاطرة عظيمة، لكني كاتب تقني محب لهذا المجال و أعرف أن مسؤوليتي هنا أيضا ليست سهلة، لكن السؤال الذي طرحه الواقع العربي على الويب أكثر من مرة و لم يجب عنه أحدا صراحة “هل الإعلانات حرام أم حلال ؟” لقد أخجل أصحاب المواقع العربية و خلق لنا مستخدمين لا يدركون المعنى الحقيقي لتلك الإعلانات أبد .
إنه أمر محير جدا و سؤال جعل الإعلانات على الويب العربي بطيئة من حيث التطور و التفاعل معها ، ليعيد السؤال نفسه في وجهي صارخا هل الإعلانات حلال أم حرام؟ … بعض الهدوء عم المكان و في قلبي إجابة واحدة لا يمكن أن تتغير … السطور القادمة تبلورها و تصورها على شكل قصص أحداثها من واقعنا المعاش على الويب.
بينما أحد أقربائي جالس بالقرب معي و أنا أتصفح أحد المواقع العربية التقنية كعادتي لأرى إن كانت تغطية الأخبار التي يقدمها جيدة و مستمرة كالعادة إذ ظهر لي إعلانا جانبيا لأحد الهواتف الذكية الأحدث في الأسواق العالمية ، نقرت على الإعلان لأستطلع المزيد من المعلومات حول ذلك المنتج و أوسع أكثر من معارفي حوله لأتفاجأ بردة فعل جنونية من القريب… قفز من مكانه و قال لي بصوت عالي ماذا فعلت ؟ … أصبت بدهشة مما قام به لكني واجهته بابتسامة واسعة و قلت له يا عزيزي إنه مجرد إعلان لهاتف ذكي من الشركة الفلانية أردت من خلاله معرفة المزيد من المعلومات حوله أين المشكلة هنا ؟ كان جوابه أنه قيل له لا تضغط على الإعلانات لأنها كذلك كل الويب حلال إلا الإعلانات … أو ليست الإعلانات جزء مهم من الشبكة العنكبوتية اليوم؟ ألم نتفاعل معها من قبل عند سماع الراديو و لماذا نعتبرها حلالا عندما تعرض قبل و أثناء و بعد مشاهدة الأفلام و النشرات الإخبارية و البرامج المختلفة على التلفزيون ؟
إقرأ أيضا:5 فضائح جديدة تدعم أزمة فيس بوك لتمتد إلى واتسابمرة أخرى أصادف شخصا لديه مدونات عربية يعرض فيها المحتوى و يربح من الإعلانات التي يتم عرضها عليها بواسطة برنامج إعلاني ، جلست معه ذات صباح باكر لأحاول مساعدته في حل مشكلة برمجية تعاني منها إحدى مدوناته ، و بينما نبحث عن الحلول في المواقع و المنتديات التطويرية العربية إذ ظهر لنا إعلانا في أعلى إحدى صفحات الدروس مكتوب عليه عبارة “أحصل على كتاب إربح 1000 دولار من موقعك يوميا”نظرنا إلى بعضنا البعض بشكل يوحي بأن الإعلان مهم لنا جميعا و بينما أنتظر منه الضغط على الإعلان المهم إذ فتح نافدة أخرى ضمن المتصفح و كتب على محرك بحث جوجل “كتاب إربح 1000 دولار من موقعك يوميا” لتعرض له صف من المواقع التي تقدمه و مجددا صدمة عارمة أصابتني لأسأله نفس السؤال : لماذا لم تضغط على الإعلان ؟ أجابني مبتسما أنا اضغط على الإعلانات ؟ مستحيل لسبب واحد و هو أن صاحب ذلك الموقع سيربح مني … حسنا أو لم تربح منه محتوى ينفعك في حل مشكلتك ؟ و لماذا تريد أن تربح من مدوناتك و لا تريد له أيضا نفس الشيء ؟ و هل ستجعله نقرتك غنيا و متفوقا عليك ؟ بالله عليك ما هذا الغباء ؟
للأسف هذا هو واقع الإعلانات في الويب العربي ، المستخدم العربي يخاف منها و يكون حذرا منها أشد الحذر و كأنها فخ بمجرد أن تسقط فيها تموت لتأكلك الحشرات و ديدان الأرض ، و الأخطر في هذا أن غالبية المستخدمين العرب باختلاف مستوياتهم الدراسية و التعليمية يتفادون الإعلانات و يعتبرون النقر عليها ممنوعا و محرما حتى جزء كبير من أصحاب المواقع و المتخصصين في ميدان البرمجة و تطوير الويب لا يدركون أن الإعلانات ليست بذلك السوء المروج عنها منذ بداية الويب العربي.
إقرأ أيضا:نصائح لزيادة المبيعات عن طريق الهواتف و اللوحياتفي بدايتي على الويب سمعت من الناس الذين أعرفهم أنه ممنوع علي النقر على الإعلانات لإحتواءها على الفيروسات أو لأنها كائنات غريبة مستقرة بجنبات المواقع تثير الإنتباه و من يضغط عليها يسقط بجهنم ! هؤلاء لا يملكون أبدا أدلة موضوعية حول الإعلانات …
إنه مرض الرهاب من الإعلانات ، إكتشفت أن الأغلبية من مستخدمي الويب العربي أصيبوا به ، كبارا و حتى صغارا ذكورا و إناثا ، من حسن حظي أني حقنت نفسي منذ أمد طويل بحقنة تجعلني لا أخاف منها بل أتعامل معها كجزء لا يتجزأ من المحتوى أضغط على تلك التي تهمني لأستفيد من خلالها بمزيد من المعلومات و قد أشتري منتجا يهمني و قادر على أن ينفعني في حياتي بسببها ، أدركت أنها مصدر معلومات مهم بالنسبة لي جعلتني شخصا يتعلم بسرعة و يجمع المزيد من المعلومات حول ما يهمه.
صحيح أن أصحاب المواقع و المنتديات و الشبكات الإجتماعية يحققون من خلال الإعلانات أرباحا و مداخيل مادية تختلف باختلاف عدد النقرات و المشاهدات، لكن الحقيقة أيضا أن كل هذه المواقع تقف خلفها مصاريف كثيرة لإدارتها و استضافتها و حتى إنتاج المحتوى عليها ، و ببساطة أنت تتعلم هنا مجانا و تقرأ الأخبار و المقالات مجانا و تطرح أفكارك و تعليقاتك ليسمعك العالم كله مجانا ، و بما أنك تشاهد البرامج التلفزيونية و المسلسلات المختلفة و النشرات الإخبارية و تقبل أن تشاهد الإعلانات إلى جانبها ، فمن المنطقي جدا أن نستفيد من الويب و نعمل عليه مع الضغط على الإعلانات التي تهمنا و التي تقدم لنا معلومات إضافية لما يهمنا و تقودنا إلى منتجات نحتاجها لنشتريها.
إقرأ أيضا:أفضل 5 مواقع التورنت حالياعليك أن تعرف أيها المستخدم العربي أن لا شيء في عالمنا مجاني أبدا … الشبكة العنكبوتية بحجمها الخيالي هي نتاج جهود و فكر و إستثمارات مادية كبيرة كي تتاح لك المعرفة دون أن يفرض عليك الدفع للإستفادة لكن من الأخلاق على هذه الشبكة الضغط على الإعلانات التي تهمنا و التي نرى أنها ستضيف لنا معلومة قيمة عجز المحتوى العادي عن توفيرها أو ربما الحصول على منتج يساعدنا في حياتنا الشخصية و العملية .
الأن أدركت جيدا لماذا تتوقف الكثير من المواقع العربية الصغيرة و الكبيرة عن العمل ، و تعرض الكثير منها للبيع و الإندثار و تتحطم أحلام الشباب و المستثمرين ، نعم أدركت لماذا يفكر المعلن الأجنبي طويلا قبل أن يقرر تجربة الإعلان على المواقع العربية ، و عرفت أيضا لماذا يتوجه الكثير من المدونين العرب إلى التدوين الأجنبي … ببساطة لأن المستخدم العربي لم يدرك حقيقة الويب أبدا فهو يرى أن المسألة ليست إلا لعبة مواقع و منتديات تتيح له المحتوى و إمكانية التفاعل معها مجانا و يتجاهل أن هناك تجارة إلكترونية تتطلب الاطراف الثلاتة المهمة شركات و مواقع محتوى و مستخدم فعال و غياب هذا الأخير في الويب العربي أثر بشكل سلبي على جودة المحتوى و الكمية التي تنشر يوميا باللغة العربية و دفع معظم المواقع لمضاعفة عدد الوحدات الإعلانية المعروضة وزرعها ضمن المحتوى بشكل خادع لعل و عسى أن تزداد عدد النقرات عليها و هو ما أضر بالمعلنين ، بينما إذا كان يرى الأمر بالنسبة له ترفيها عن النفس و استفادة و إفادة أيضا لرأينا ثورة إعلانية بالويب الناطق بلغة الضاد … نعم سنرى مواقع و مشاريع و محتويات أفضل تتجدد و تتطور بشكل سريع تدر على أصحابها أموالا تشجعهم لتوظيف المزيد من المبدعين و المتخصصين لتقديم الافضل فيتطور المستوى المعرفي للمستخدم العربي و تبدأ المنافسة الحقيقية مع الويب العالمي لنرى إنجازات عربية تدخل التاريخ.
عزيزي القارئ من حقك أن تتجاهل الإعلانات لكن عليك أن تعرف أنه ليس من الأخلاق على الويب أن تتجاهل الإستفادة مما تقدمه ، لا أتحدث عن الإعلانات الجنسية لكن عن إعلانات تحمل القيم و المعارف و تقدم منتجات ضرورية لك تظهر لك كل يوم هنا و هناك و في كل مكان بالويب ، الضغط على تلك التي تهمك و الإستفادة منها لن ينقص من جيبك شيئا بل سيفيدك حقا ثق بي إذا غيرت نظرتك للإعلانات سيتقدم الويب العربي و سنرى مواقع تنبض بالحياة و مشاريع تنافس جوجل و مايكروسوفت و الفيس بوك و أمازون و سلسلة من المواقع العالمية التي تحظى بمستخدمين أكثر وعيا لفوائد الإعلانات على كافة الأطراف الثلاتة.
أعتقد أنني أجبت عن السؤال الرئيسي أليس كذلك؟ حسنا أتمنى أن أرى الويب العربي يأخد منحى جديدا نحو التطور و التقدم و أرجوا أن يحدث هذا قريبا … لا تنسى أن هذا في صالح الجمي .
حقائق عن المغاربة والتفاعل مع الإعلانات عبر الإنترنت
الإعلانات الرقمية ستستفيد من انهيار إعلانات التلفزيون بسبب كورونا
لهذه الأسباب ستعرض جوجل الكثير من الإعلانات لك