وقف المستشرقين أمامها وقفة إعجاب و إحترام أما نحن ؟!
تختصر اللغة تاريخ الأمة و وجدانها ثقافتها و إختلافاتها و تحكي ماضيها و حاضرها و بها نواجه المستقبل و اللغة الخاصة بأمة عن غيرها علامة صريحة على إستقلاليتها و عدم تبعيتها للأخرين .
تلك هي رسالتي للإخوة العرب من أقصى الشرق إلى أعماق غرب الأرض في هذا اليوم المهم للغة العربية الفصحى و أتحدث عن 18 ديسمبر ، اليوم العالمي للغة الضاد و القرآن ، لغة الإعجاز العلمي و مشاعر الإنسان … اللغة التي خاطب بها الله خاتم الأنبياء و الرسل محمدا عليه الصلاة و السلام.
و نحن نعيش هذه اللحظة المهمة بالنسبة لهذه اللغة العريقة ، علينا أن نتوقف اليوم وقفة صريحة مع أنفسنا و نتساءل بكل صدق عن مساهماتنا في تطويرها و نشرها و تعزيز هيبتها … هل أدينا أمانة الأجداد إتجاه لغتنا الجميلة ؟ بصدق ليس تماما .
لا يمكن لأحد أن ينكر جهود طبقة من الجيل الجديد تكتب باللغة العربية الفصحى كتبا و مقالات و قصصا و تدوينات و حتى منشورات على الفيس بوك و تغريدات على تويتر ، هذه الطبقة التي أفتخر بكوني منها ساهمت بشكل جيد في إغناء الويب العربي و توفير المحتوى بمختلف المجالات و الميادين و وفرت للمستخدم العربي الإطلاع على المعارف و المعلومات بهذه اللغة الرائعة .
إقرأ أيضا:سناب شات في نفق الأزمة القاتلة غير بعيد عن تويترهذا لا يعني أننا نجحنا تماما في مهمتنا و وصلنا إلى مستوى بعض الأمم المتفوقة عالميا على الويب بكثرة المحتويات المتوفرة و جودتها ، بل أكدنا لأنفسنا و للأخرين أن اللغة العربية تنمو نحو الأفضل و لديها مستقبل كبير للغاية إذا ما استمرت هذه الطبقة بحماس في إغناء الويب العربي .
غير أنه من المؤسف أن نجد طبقة أخرى عوض أن تساندنا في هذه المهمة تستثمر كل ما لديها من إمكانيات للتأكيد على أن العربية لغة التخلف و عصور الجاهلية و لا مجال لها في المستقبل .
و أقصد بصراحة فئتين مهمتين ، الفئة الأولى هي التي تنشر المحتوى الأجنبي على الويب و توفر مواقع الخدمات بلغات أجنبية موجهة للمستخدمين المحليين ، هذا لكونهم يعتقدون أن موقع خدماتي بالفرنسية أو الإنجليزية مثلا سيقنع المستخدم العربي بأن ما يقدمونه هو الأفضل و هذا اعتقاد خاطئ .
نفس الفئة تنظم مؤتمرات و لقاءات تثقيفية و ندوات و مسابقات وطنية و إقليمية ، الحديث فيها بالفرنسية هنا بالمغرب العربي و بالإنجليزية في دول المشرق العربي و هذه هي التبعية الثقافية للغرب … الإستعمار القديم في حلة جديدة بكل بساطة .
الفئة الثانية هي التي ظهرت مؤخرا على الويب العربي ، و قد صادفت مواقع تكتب باللهجات المصرية و مواقع أخرى هنا بالمغرب تقدم المحتوى بالمغربية ، مع إصرارهم على أنها لغات !
إقرأ أيضا:4 فوائد تحديثات جوجل و تطور سيوإذن هي مسألة جهل و مسألة حقد أيضا ، الفئة الأولى تظن أن الحديث باللغات الأجنبية أفضل لأنها تجعلك في أفضل صورة محليا و عالميا بينما الفئة الثانية تعادي العربية متناسية أن اللهجات المحلية إستمدت الكثير من العبارات و الكلمات من هذه اللغة .
و صدق أو لا تصدق فإن عدد كلمات اللغة العربية دون تكرار هي أكثر من 12 مليون كلمة بينما الإنجليزية جاءت في الرتبة الثانية كواحدة من أكبر اللغات الإنسانية بعدد كلمات محددة فقط في 600 ألف فيما اللغة الفرنسية لم تتعدى عدد كلماتها 150 ألف كلمة غير مكررة و هذا أحدث دليل على أن اللسان العربي يظل الأغنى و الأكثر إبداعا عن بقية الألسنة.
أعتقد أنك مخطئ إذا كنت تعتقد أن لغتنا العربية ضعيفة و عاجزة على التعبير و أن الإبداع بها أصبح من الماضي ، حجم الويب العربي المتنامي و الإقبال على المحتوى المكتوب بهذه اللغة في إزدياد مهم ، و رغم تحديات النقل و النسخ و السرقة التي يديرها البعض ظنا منهم أنهم يساهمون في إنتاج المحتوى ، تبعث المشاريع العربية الناجحة على الإنترنت الأمل في النفوس على أن الغد أفضل من اليوم بالنسبة للغة القرآن .
و بينما أنتم معجبون بلغات أوروبا العجوز و لغات المشرق منها الصينية و اليابانية و الكورية هناك الكثير من الشخصيات العالمية و المفكرين الأجانب و المستشرقين الذين عجزوا أمام جمال و سحر اللغة العربية ، دعونا نقف أمام هذه الاقوال الخالدة وقفة صمت و تفكير مع تأمل عميق .
إقرأ أيضا:ضربات أزمة فيس بوك كافية لمحو شركة Teslaقال الألماني “فريتاج” : اللغة العربية أغنى لغات العالم ، و لم تختلف معه مستشرقة بلده “سيجريد هونكه” التي كتبت : كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد ؟؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة.
من نفس البلد الأوروبي أكد المستشرق الألماني يوهان فك على ذلك بقوله : لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر.
الفرنسي “إرنست رينان” فصل هو الأخر في إعجابه بلغة الضاد عندما كتب : من أغرب ما وقع في تاريخ البشر انتشار اللغة العربية فقد كانت غير معروفة فبدأت فجأة في غاية الكمال سلسة غنية كاملة فليس لها طفولة ولا شيخوخة تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها .
هذا غيض من فيض و ما قرأته في هذا الصدد كثير للغاية و يمكنك البحث لتعرف ما كتبه المستشرقين عن هذا الموضوع و مدى إعجابهم بهذه اللغة .
في النهاية تذكر أن اللغة العربية تنمو على الويب رغم الحقد و الجهل .