علوم

المال أساس كرة القدم والكل رابح إلا المشجع المغفل

لا تدور كرة القدم حول صراع طبقي أو عرقي أو ديني كما تظن وليس لها أبعاد سياسية، بل إنها صناعة ترفيهية تجارية تتعلق بالمال، بالدولارات تستضيف الدول البطولات من أجل دولارات عائدات وأرباح، ومن أجل المال ستزيد الفيفا من المشاركين في كأس العالم إلى 48 فريقا وليس لعيون آسيا وأفريقيا.

الفيفا والاتحادات والمنتخبات واللاعبون والحكام والمحللون والإعلام والمراهنون وشركات القمار، كل هؤلاء خرجوا من كأس العالم بأرباح وأموال في جيوبهم، وهذا حالهم في كل بطولة وطنية أو دولية، ولا يختلف الحال إذا غيرت الرياضة التي تتابعها!

لكن ماذا عنك أيها المشجع؟ قضيت ساعات طويلة أمام التلفزيون أو في الملاعب أو المقاهي وأنت تحرق أعصابك، تستفزك المحاولات السهلة للتسجيل والتي تضيع، وتغضب بسبب الأخطاء التحكيمية والدفاعية وتفرح لكل هدف يسجله فريقك وتعيش حالة توتر كبيرة في ضربات الترجيح ثم تنتكس مع كل هزيمة.

كل هذا ومشاهدة مباريات كرة القدم ليس مجانيا، إما أن تشتري اشتراكا سنويا أو تشاهد في المقهى بمقابل أو ستعاني مع البث المجاني عبر مواقع القرصنة التي تغرقك بالإعلانات المنبثقة.

يذكرني حالك بحالي القديم أيام تشجيع أتلتيكو مدريد، لا يزال الحب قائما، ولا أزال أذكر سعادتي بالدوري عام 2014 ثم الوصول إلى نهائي أبطال أوروبا في نفس العام، ثم نهائي آخر في عام 2016 كان مؤلما لي ولكل مشجعي النادي الإسباني الذي يحاول انهاء احتكار ريال مدريد وبرشلونة للكرة الإسبانية.

إقرأ أيضا:ما هي الصحوة الإسلامية الحركة التي تحتضر حاليا؟

مثلك تماما وأنت تشجع بالأمس الأرجنتين، أشجع أتلتيكو مدريد لأنه يمثل الفقراء والطبقة المكافحة، بينما ريال مدريد برجوازي، نادي تعود على الربح والألقاب.

وبالنسبة لي آخر مرة شعرت فيها بالحزن الشديد كانت تلك الليلة المشؤومة، ومنذ ذلك الوقت تغيرت نظرتي لهذه اللعبة، وعدت إلى الأساسيات التي ينساها أي مشجع بسرعة: كرة القدم يجب أن تبقى مجرد لعبة بالنسبة لنا، لذا اليوم لا أكره ريال مدريد ولا أي منتخب أو لاعب!

وبالتأكيد هي أكثر من لعبة للمحللين والمراهنين والمقامرين واللاعبين والمدربين والإتحادات الكروية والفيفا، إنها مصدر دخلهم وصناعتهم حيث يعملون بشكل متواصل.

حتى المراهنين والمقامرين لا يحرقون أعصابهم في التشجيع بل ينظرون إلى كل مباراة على أنها فرصتهم لكسب المال، ويتعلمون من الخسارة ويعلمون أن الأخطاء التحكيمية قد تكون في صالح رهانهم أو ضدها.

لكن المشجع ينظر كثيرا إلى اللعبة من باب الشعارات والمبادئ والصراعات الطبقية والدينية، وقد رأينا كيف أن الجدل الديني والشعارات السياسية العربية والإسلامية كانت حاضرة بقوة في كأس العالم بقطر.

يعتقد المشجع العربي أن قطر استضافت كأس العالم لنصرة الإسلام، ومن أجل محاربة المثلية ولرفع أعلام فلسطين وتوحيد موقف العرب والمسلمين ضد الغرب طيلة أيام البطولة، وقد خدعته الشعارات والتطبيل الإعلامي.

لكن سريعا ما برز التراشق بين المغاربة والجزائريين على الشبكات الاجتماعية والسخرية من منتخبات بعضهم البعض وصمت النجم المصري محمد صلاح أمام إنجازات المنتخب المغربي وصراع العروبة والأمازيغ والتراشق الإعلامي.

إقرأ أيضا:هل روسيا ظالمة أم مظلومة؟ هذا رأي صديق بوتين

والحقيقة أن قطر مثل أي دولة أخرى في العالم تبحث عن مصالحها وما يعيبها هو أنها تفهم جيدا أن العقل العربي عاطفي وتستغله لصالحها، وهي في الحقيقة تريد أن يكون كأس العالم انطلاقة لها كي تصبح دولة سياحية مهمة وتنوع اقتصادها عوض الإعتماد على النفط والغاز بشكل أساسي، وهي مشكلة تريد معالجتها.

نفس الدولة التي يقال أنها تدافع عن الإسلام من استضافة كأس العالم، دفعت الرشاوي للفيفا، وسمحت لعارضات الأزياء الأوروبية بالتعري في الملاعب والصحراء القطرية، وكل مصلحتها من ذلك هو تلميع صورتها وتقديم نفسها على أنها دولة سياحية آمنة ذات بيئة ترحب بكافة الثقافات.

أنفقت قطر 220 مليار دولار على كأس العالم، وجزء كبير من هذه الأموال أنفقت على البنية التحتية وتحويل الدولة الغنية بالغاز إلى دولة حديثة بها أحدث الفنادق والمنتجعات والمنشآت المهمة وهذا لاستقطاب الملايين من السياح مستقبلا، وهذا استثمار طويل الأمد بالنسبة لها.

آخر مرة لعبت فيها دور المشجع المغفل كانت ليلة نهائي أبطال أوروبا 2016، كانت الصدمة فرصة لأكتشف أن المال في اللعبة أهم من وقتي ومشاعري ورأيي وصحتي النفسية، واليوم أشاهد اللعبة من سوق المراهنات بدم بارد وربما مستفز لأصدقائي.

يحتاج المشجعين الذين يفرحون ويبكون ويمرض بعضهم بشدة ويموت آخرين بالسكتة القلبية إلى إعادة النظر في اللعبة، من الممتع مشاهدة المباريات ببرودلأنك تعرف أنه حتى لو ربح فريقك لن يغير هذا من وضعك أو يضيف لك قيمة حقيقية، إلا إذا كنت راهنت بالمال عليه فهذا طريق آخر ومن حقك أن تفرح كثيرا دون أن تنسى أن الخسارة جزء من اللعبة.

إقرأ أيضا:أهم 3 توقعات نوستراداموس لعام 2024

إقرأ أيضا:

هل تتكرر فضيحة خيخون في كأس العالم القادم؟

أرباح المنتخب المغربي وبقية المنتخبات والبطل في كأس العالم 2022

فشلت ايفانا نول في تلميع صورة قطر لكنها ربحت الكثير

هل باع المغرب مباراة كأس العالم لفرنسا من أجل مكسب سياسي؟

فضيحة رشاوي قطر تهدد صفقة شركة قطرية مع الإتحاد الأوروبي

كم عدد زوار كأس العالم 2022 ولماذا فشلت نسخة قطر؟

فضيحة رشاوي قطر من كأس العالم إلى قلب الإتحاد الأوروبي

مؤامرة الفيفا ضد المغرب وفرنسا كي يفوز ميسي بكأس العالم 2022

نصرة الإسلام من تدمير سوريا إلى كأس العالم بقطر

المبلغ المالي الذي دفعته قطر لكل مشجع مزيف ساند المنتخب القطري

كل ما نعرفه عن فساد الفيفا لتنظيم كأس العالم في قطر

منتخب قطر ضعيف ومنفوخ وليس لديه جمهور حقيقي

أكاذيب منشورات نصرة الإسلام وفلسطين في مونديال قطر 2022

كأس العالم في قطر: كرة القدم من الإستعمار إلى الديكتاتورية

السابق
أرقام مرعبة عن التلاعب بنتائج مباريات كرة القدم في كل مكان
التالي
هل تتكرر فضيحة خيخون في كأس العالم القادم؟