مع انتشار حرائق الغابات على نطاق واسع، هناك حديث متجدد عن طائر الحدأة وهو من الطيور الجارحة التي تأكل اللحوم مثل الأرانب والفئران والثعالب الصغيرة والحشرات والدود، وغالبا ما تنشط نهار.
والحقيقة أنه حسب ناشيونال جيوغرافيك، يلوم سكان أستراليا منذ آلاف السنوات، طائر الحدأة لأنهم رصدوه ينقل الأغصان المحترقة وينشر النار إلى أماكن جديدة.
ولهذا السبب يعيش هذا الطائر في الأماكن الدافئة، ويتواجد أيضا في شمال أفريقيا خصوصا بالصيف، وهناك الحدأة المصرية الشهيرة، كما أنه يتواجد أيضا في الشرق الأوسط وينتشر في أوروبا.
الدراسات الحديثة تثبت فعلا السلوك السيء لطائر الحدأة:
بينما تجتاح النيران غابات السافانا في أستراليا، تراقب طيور الحدأ الفريسة مثل الجنادب والسحالي التي تهرب من النار، ولكن هناك الآن دليل على أن هذه الطيور قد تسبب بالفعل حرائق عن طريق حمل الأغصان المحترقة في مخالبها وإلقائها في بقعة من السافانا بعيدًا عن حرائق الغابات الأصلية، ثم تلتقط الطيور الفريسة الهاربة، يتيح وضع منطقة جديدة مشتعلة للطيور أن تتغذى في مساحة لا يوجد فيها الكثير من الحيوانات المفترسة المنافسة.
وحسب تقرير نشرته ديلي ميل البريطانية، فقد تسببت حرائق أستراليا في نفوق 500 مليون حيوان إلى جانب خسائر بشرية ونباتية كبرى.
وقد بررت الدراسات الحديثة سلوك هذا الطائر، حيث يفضل نشر الحرائق الموجودة أصلا من أجل اصطياد الفرائس التي تهرب من النيران.
إقرأ أيضا:مخاطر توربينات الرياح على الطيور والأسماك وحلول مبتكرةوتواجه هذه الطيور منافسة قوية من الصقور والنسور وطيور البوم والتي يمكنها اصطياد الفرائس المستهدفة بسهولة.
ورفعت هذه الدراسات من الكراهية نحو هذه الطيور التي لا يبدو على ملامحها الشر، فيما انتشر حديث منسوب للرسول الأعظم محمد يقول فيه: “خمس من الدواب كلهن فواسق، يُقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة والكلب العقور” ويضيف هؤلاء أننا لو قتلنا هذا الفاسق تبعا للحديث لما كانت هناك حرائق.
حرائق الغابات مستمرة في كل الأحوال:
إذا افترضنا أن البشرية قد أعلنت الحرب على هذا الطائر وقررت أن تقوم بإبادة كبرى له ليختفي كليا من الوجود، فإن هذا يتعارض مع الإعتقاد السائد لدى مختلف أتباع الديانات بما فيها الإسلام، بأن خالق الكون أوجد هذه الطيور لحكمة، ولو كان يريد ابادتها لفعل ذلك ولم يكن ليسمح بتكاثرها بل وكان الأفضل أن لا يخلقها من الأساس.
على الجهة الأخرى تمنع القوانين الدولية والمحلية قتل الطيور والصيد الجائر، ولإسقاط تلك القوانين ينبغي أن يكون هناك مبرر قوي لإقناع المدافعين عن الحياة البرية والمؤسسات الدولية التي تعنى بالحفاظ على حياة الكائنات الحية المختلفة.
عند الحديث عن مبرر قوي، نعني هل هذه الطيور هي مصدر النيران التي تنتشر في الغابات؟ الواقع يقول لا، فهي تنشر النار فقط وهم في سلوكهم لا يختلفون عن الرياح التي تنشر النار أكثر من أي عامل آخر.
إقرأ أيضا:أفضل وأسوأ دول العالم في مؤشر أداء تغير المناخ 2022هنا نعود إلى السبب وراء نيران الغابات وهم البشر، والذين يتسببون في ذلك بطريقتين، الأولى عن طريق شخص متهور قام برمي سيجارة مشتعلة في مكان في الغابة أو على جنباتها، وهو ما يقوم به الكثير من زوار الغابات والمارين أيضا بجانبها، أو من خلال ترك النار مشتعلة والتي استخدمت في طهي الغذاء من قبل مجموعات قررت التخييم هناك.
أما الطريقة الثانية فهي عن طريق التلوث الذي أغرق به البشر الأرض، ونتحدث عن الإنبعاثات الكربونية التي ستبلغ رقما قياسيا عام 2023، والتي احتبست في الغلاف الجوي للأرض وتزيد من درجة الحرارة إلى أرقام غير مسبوقة في معظم دول العالم.
حتى لو قتلنا كافة طيور الحدأة ستستمر الأزمة:
أشهر طريقة لنشر النيران في الغابات هي عن طريق الرياح والتي تجعلها أقوى وأسرع في التقدم، وتنتقل من جهة لأخرى ومن شجرة لأخرى قريبة لها.
وقد لا تتواجد طيور الحدأة، إذ لم يتم رصدها في الكثير من الحرائق كما يحدث عادة في حرائق أستراليا التي تحصل سنويا.
ولا تشارك طيور الحدأة وحدها في هذه المجزرة إذ رصد مراقبون الصقر البني هو الآخر في نفس المكان ويستغل الحرائق ليصطاد أفضل الفرائس.
إقرأ أيضا:كيف ساهم رجال الدين والإسلام السياسي في ازدهار الإلحاد؟ويخشى الكثير من المدافعين عن الحياة البرية توجه الناس لقتل هذه الطيور، إذ أنها ليست الوحيدة التي لوحظ أنها تنشر النيران فهناك أنواع أرى من الصقور تيقن الناس هناك أنها تقوم بنفس السلوك.
ومن الأفضل للبشرية التركيز على معالجة مشكلة التغير المناخي، فهذه الطيور موجودة منذ آلاف السنين، ووجودها مفيد للتوازن البيئي فيما انقراضها سيكون فوزا للحشرات والفئران والثعابين التي يصبح كثرتها خطرا يهدد الزراعة وحياة الناس.
وأخيرا ليس من حق البشر ابادة أي كائنات خلقت لتعيش بيننا، هذه من الأمور التي خص الله عز وجل بها نفسه.
إقرأ أيضا:
أزمة حرائق تركيا كشفت أنها دولة فقاعة
حرائق الغابات المتزايدة عالميا ونظرية المؤامرة
إجراءات المغرب لمنع تكرار حرائق غابات الجزائر