زاد عدد سكان العالم بحوالي 82 مليون نسمة هذا العام وهو ما يعني أنه يعيش على الأرض حاليا 7.92 مليار نسمة، والزيادة مستمرة لكنها تتباطأ.
في زمن كورونا عادت فلسفة اللاإنجابية إلى الواجهة، شباب في مقتبل العمر وفي الثلاثينيات اختاروا البقاء بدون أبناء، واللافت أن هذه الحركة ليست غربية بل عالمية وموجودة في عالمنا العربي والإسلامي.
المغرب ثاني أعلى بحثا عن اللاإنجابية في العالم
خلال فبراير 2022، كان المغرب ثالث أكثر دولة تشهد البحث عن اللاإنجابية في العالم، قبل أن يقفز للمرتبة الثانية على مستوى العام كله في بحث جوجل خلف ايرلندا.
وبعد المملكة المغربية هناك كل من النرويج ورومانيا، وتعد المملكة من الدول التي شهدت معدلات عزوف عالية للزواج وصلت إلى 70 في المئة حسب آخر تقرير رسمي.
ويبحث اللاإنجابيون عن شريك حياة لا يؤمن بالتوالد، فيما يختار الكثير منهم البقاء بدون زواج خصوصا وأن هذه الفلسفة غير منتشرة بقوة.
المغرب والإمارات ومصر والسعودية الأكثر بحثا ضمن الدول العربية عن اللاإنجابية في فبراير 2022 وتظهر الإحصائيات التي حصلنا عليها من جوجل أن كافة هذه الدول تقدمت عالميا في البحث عنه.
مصر ضمن التوب 5 في العالم
بالإعتماد على معيار البحث عن اللاإنجابية في جوجل، وجدنا قفزة مصر من المرتبة 17 إلى 5، وقد تزايد البحث عن هذه الفلسفة في الوقت الذي تعاني فيه مصر من انفجار سكاني خطير وانهيار المنظومة التربوية وصعوبة تكاليف تربية الأطفال.
إقرأ أيضا:وسائل منع الحمل غير كافية لحل مشكلة الانفجار السكانيوقد لاحظنا ظهور صفحات فيس بوك بالعربية تروج لهذا الفكر الذي يعد أبرز الفلاسفة من مؤيديه مثل أرسطو وشوبنهاور وسيوران وحتى بوذا.
كل هؤلاء رفضوا الإنجاب وكانت لهم انتقادات أيضا للحب والجنس والشهوة باعتبارها تصنع سعادة مؤقتة ويليها الندم.
لكن اليوم تحظى اللاإنجابية بدعم قوي مما يحدث على أرض الواقع، حيث جيل بأكمله من الأطفال الجدد يعاني من الجهل ويقضي وقتا طويلا في تيك توك والألعاب وهو خارج عن سيطرة المنظومة التربوية.
ما الذي يدافع عنه مجتمع اللاإنجابية؟
يناصر مناهضون للولادة أن يكون لدى الناس عدد أقل من الأطفال أو لا ينجبون على الإطلاق، ويطرح قضية الزيادة السكانية في النقاش البيئي، تعريف لهذه الفلسفة وكذلك الحجج والإنتقادات ضدها.
عندما نتحدث عن حلول لتغير المناخ، فإننا نركز بشكل أساسي على تقليل الوقود الأحفوري، والتغييرات في النقل، وتقليل الاستهلاك والخيارات الغذائية، على سبيل المثال لا الحصر.
لكن أحد الجوانب التي غالبًا ما يتم التغاضي عنها هو تأثير الزيادة السكانية، وقد ساهم هذا في عودة ظهور مناهضة الإنجاب، وهو موقف فلسفي وحركة اجتماعية يختار الناس بموجبه عدم الإنجاب ولا سيما لأسباب بيئية أو أخلاقية.
يبدو أن الفكرة القائلة بأن إنجاب الأطفال قد تكون فكرة سيئة بالنسبة للبيئة تكتسب شعبية سائدة، لا سيما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
إقرأ أيضا:3 أسباب تجعل اجتياح رفح ضروريا لإسرائيللكن الفكرة نفسها تكتسب زخما قويا مع انهيار المنظومة الأخلاقية والتعليمية في المجتمع وانجاب المزيد من الحثالة، أشخاص لا ينتجون وفقط مستهلكون.
ومن جهة أخرى فإن الأزمة الاقتصادية لديها مساهمة قوية وتدفع الفقراء الجدد للإمتناع عن الإنجاب وبالتالي تقليل المعاناة.
لا ينظر الشخص الرافض للإنجاب على أن التوالد ذات قيمة، بل إنها عملية جلب أرواح جديدة لعالمنا كي تتعذب، سواء بالفقر أو الحروب أو الأوبئة أو حتى أخلاقيا.
اللاإنجابية من كورونا إلى التغير المناخي نحو المجاعة الكبرى
يشعر الناس بالقلق بشأن جلب الأطفال إلى عالم يهدده ارتفاع منسوب البحار، والنزوح الجماعي، ومحدودية الموارد، والتعدي البشري على الموائل الطبيعية وكوارث الأرصاد الجوية.
في حين أن الأسباب الأخرى تدفع الناس إلى تبني هذه الأيديولوجية، مثل الرغبة في الحد من المعاناة، وغياب موافقة الطفل على الولادة، والانفصال عن الالتزام القسري بمواصلة النسب.
في التاريخ الحديث يمكننا تتبع انتشار المناقشات حول الإنجاب و (زيادة) عدد السكان إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عندما أطلق توماس مالتوس ناقوس الخطر بنظريته المالتوسية، والتي وفقًا لها فإن الضغوط السكانية ستفوق الإمدادات الغذائية.
في عام 1968، نشر عالم الأحياء بجامعة ستانفورد بول إيرليش الكتاب الأكثر مبيعًا القنبلة السكانية، الذي كتبه مع زوجته، والذي يؤكد فيه أن النمو في عدد سكان العالم سيؤدي إلى مجاعة جماعية واضطراب مجتمعي وتدهور بيئي.
إقرأ أيضا:أبرز المعالم السياحية بدولة الكويتعلى هذا المنوال، أصبحت الأسباب الكامنة وراء اختيار الأشخاص طواعية عدم الإنجاب، أو إنجاب عدد أقل من الأطفال، في العصر الحالي جزءًا لا يتجزأ من خطاب بيئي أوسع خاصة فيما يتعلق بتغير المناخ.
بسبب تزايد الإحترار العالمي قد تختفي مدن ودول وجزر في السنوات القادمة، وسينتقل المناخ الصحراوي إلى دول مهمة اليوم على مستوى الإنتاج الفلاحي.
ورغم تطور الفلاحة ووجود فرص كثيرة من أجل القضاء على الجوع، إلا أن كل هذا يعتمد على التكنولوجيا ويمكن لانهيار التجارة العالمية والمنظومة المعلوماتية الرقمية أن يفتح الباب لانهيار الحضارة البشرية كما حدث في التاريخ.
إقرأ أيضا:
إيلون ماسك يدافع عن الإنجاب من أجل استعمار المريخ
اليابان: الذكاء الإصطناعي وحل مشكلة انهيار الإنجاب
دور سوق العمل والروبوتات في أزمة الذكورة
فلسفة كيشيدانوميكس وإعادة بناء اقتصاد اليابان الضعيف
الإنفجار السكاني مربح ماليا ولهذا تدعمه الشركات والحكومات