علوم

فوضى إدارة أزمة فيروس كورونا

إن الوباء هو مثال لمشكلة سياسية خبيثة تقدم دروسًا مهمة حول الأساليب الجديدة والمرونة وتجريب السياسات الجديدة التي يمكن تتبعها في إدارة الأزمات.

الدمار الذي أحدثه جائحة فيروس كورونا العالمي واسع وعميق، وقد أدى ذلك إلى وفاة أكثر من 5.1 مليون شخص ويهدد بتعريض أكثر من 270 مليون شخص لخطر المجاعة لأنهم أصبحوا “يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.

وقد تسبب في انكماش الإقتصاد العالمي بنسبة 3.2 في المائة وتراجع التجارة العالمية بنسبة 5.3 في المائة في عام 2020.

 وعلى الرغم من الإنتعاش الذي حدث في عام 2022، فقد يتسبب ذلك في أضرار مستمرة على المدى المتوسط ​ لا سيما في الاقتصادات النامية.

لقد عكس فيروس كورونا أيضًا المكاسب التي تحققت على مدى عقود من الحرب ضد الفقر العالمي من خلال إضافة 97 مليون شخص غير مسبوق إلى صفوف الفقراء.

يعتبر الوباء مثالاً لمشكلة سياسية خبيثة، وهي مشكلة تكون فيها الأهداف التوجيهية المحتملة متعددة ومتضاربة، وسياسات حلها غير مؤكدة من حيث فعاليتها وتأثيرها المحتمل.

أهداف متعددة ومتضاربة

بالنظر إلى تطور الوباء وإدارته بدا الهدف العام واضحًا منذ البداية: السيطرة على المرض الشديد والوفاة الناتجة عن فيرس كورونا، ولكن للقيام بذلك يجب أن يكون التركيز على “تسوية المنحنى” حتى لا تغرق المستشفيات؟ أم ينبغي أن نقضي على كافة مخاطر الفيروس لأن “حياة الإنسان لا تقدر بثمن”؟

إقرأ أيضا:تيودور هرتزل: الملحد الذي أسس الصهيونية ودعمته الجزائر وفلسطين

هل يجب أن تأخذ أهداف السياسة في الحسبان الآثار الصحية العامة غير المباشرة لعمليات الإغلاق، مثل زيادة المخاطر الناجمة عن التأخير في الخدمات الطبية الأساسية، فضلاً عن المزيد من حالات الاكتئاب والانتحار وتعاطي المخدرات؟ ه

هل يجب أن تعكس التكاليف الاقتصادية، بما في ذلك البطالة وإفلاس الشركات والأثر غير المتناسب على العمال الأقل مهارة أو الأقل تعليماً؟

ثم هناك التحدي المتمثل في دمج التكاليف الاجتماعية، مثل زيادة العنف المنزلي، وأنظمة التعليم المتضررة، وإمكانية الصراع بين أولئك الذين لديهم ومن يفتقرون إلى الموارد اللازمة لتحمل الأزمة.

بالإضافة إلى ذلك هناك مشكلة حساسة تتمثل في الموازنة بين فوائد تقنية تتبع جهات الاتصال ومخاطر الخصوصية.

تشير هذه الأبعاد المختلفة لوباء فيروس كورونا إلى أن هناك قرارات صعبة بشأن الأهداف والمفاضلات التي لا يمكن حلها ببساطة عن طريق “اتباع العلم”.

السياسات غير المؤكدة

سياسات إدارة الوباء غير مؤكدة، هل الإغلاق التام الصارم ضروري كما فرضته النمسا في نوفمبر؟ أم أن الإغلاق واستهداف مناعة القطيع أكثر فعالية كما اختارت السويد؟

ربما يكون هناك شيء ما بينهما أفضل: إغلاق مستهدف يعكس مستويات مختلفة من المخاطر لفئات عمرية معينة، وأنواع وظائف ومجتمعات؟ كانت هناك اختلافات كبيرة في النهج والنتائج سواء على الصعيد العالمي أو داخل البلدان.

إقرأ أيضا:كيف تستخدم إسرائيل الذكاء الإصطناعي في حرب غزة؟

هناك اعتراف عام بالحاجة إلى التطعيم ضد فيروس كورونا، لكن الجدل حول “جوازات سفر اللقاح” الإلزامية لا يزال مستمراً.

هناك من يرفض “جوازات سفر اللقاح” الإلزامية، حتى في الدول المتقدمة والتي تأخذ بعين الإعتبار الحرية والديمقراطية.

لكن للأسف لا تشرح الحكومات للناس جيدا، أنه في الأزمات والكوارث هناك خيارات ينبغي اتخاذها، ومجال الحرية والتفضيلات في هذه الفترات تتقلص وهذا أمر طبيعي.

يجب أيضًا مراعاة المشكلات الخطيرة غير الطبية، ما مقدار الدعم المالي الضروري لتعويض الانكماش الاقتصادي العميق الناتج عن عمليات الإغلاق، ومتى تبدأ المخاطر المالية طويلة الأجل في التأثير على الإقتصاد؟

نتحدث عن التضخم الذي أصبح بحرا عملاقا يهدد كل الأسر حول العالم حيث ستتزايد النفقات على الأكل والحاجيات الأساسية، وهذا في وقت قد لا تعمل المؤسسات والشركات على زيادة الرواتب كثيرا للجميع.

إقرأ أيضا:محمد الفايد: البطل المغربي الذي زلزل الأصنام الوهابية

هل يمكن التحكم في التباعد الاجتماعي فقط في المؤسسات الكبيرة، في حين أن العديد من الشركات الصغيرة، التي قد يكون لديها وصول محدود إلى الموارد المالية اللازمة مجبرة على الإغلاق؟

هذا على الرغم من حقيقة أن الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) توظف الكثير من الناس ونتحدث عن حوالي 89 في المائة من القوى العاملة الخاصة في كندا على سبيل المثال.

تكشف النتائج المتنوعة وغير المؤكدة لاستجابات السياسات لفيروس كورونا أن فهمنا للأزمة وكيفية إدارتها بفعالية محدود، حتى مع استمرار انتشار الوباء.

إقرأ أيضا:

توقعات 2022 للعالم بخصوص فيروس كورونا والفيروس القادم

يوتيوب يعاقب قناة سكاي نيوز أستراليا بسبب فيروس كورونا

الويب المظلم سيكشف أصل فيروس كورونا وفضيحة الصين

ربوت تنظيف ومصابيح وتقنيات ضد فيروس كورونا في CES 2022

السابق
لماذا تحارب إيطاليا نظام درجة الجودة الغذائية Nutri-Score الفرنسي؟
التالي
ارتفاع الإصابات لا يعني فشل لقاح كورونا