هل رأيت هذه الصورة؟ إنها إعلانات وعناوين لمقالات صحفية مولتها شركات النفط، تحاول صناعة الوقود الأحفوري منذ 1962 انكار أن استخراج النفط فساد في الأرض وأن هذه الصناعة سبب التغير المناخي اليوم.
لا ينكر أحدا، أن النفط مهم وجوهري ويقف وراء نسبة مهمة من الكهرباء ووقود السيارات والمحركات والمصانع، لكن كانت لدى هذه الشركات الأموال لاستثمارها منذ وقت طويل في إنتاج الطاقة النظيفة للتخلص من الوقود الأحفوري منذ سنوات.
لكن رغم التحذيرات التي رأيناها حتى في الفترات الأخيرة ومظاهر التغير المناخي والإحترار العالمي، لا تزال شركات النفط تدافع عن مصالحها والوقود الأحفوري في مشهد المستقبل.
انكار التغير المناخي:
في أواسط القرن الماضي، ظهرت العديد من الدراسات التي تحذر من أن الثورة الصناعية والتطورات العالمية قد تؤدي إلى نتائج وخيمة على البيئة وأن المساحات الجليدية ستتراجع مستقبلا.
أشارت هذه التقارير إلى الوقود الأحفوري خصوصا النفط والفحم، ولهذا تحركت شركات أمريكية وعالمية نفطية، نحو الصحافة العالمية ومن خلال الإعلانات تروج فيها لسعيها لتوفير الطاقة للجميع وبناء عالم أفضل وأنه لا يوجد شيء اسمه التغير المناخي وأن ما يحدث مجرد ظروف مناخية عادية.
وكان صوت هذه الشركات قويا، فهي لديها المال والقوة ونفوذ بداخل حكومات الدول العظمى، والتي جعلت الساسة بدورهم ينكرون التغير المناخي.
إقرأ أيضا:العلاقة بين تربية الأبقار والأغنام وتزايد حرارة الأرضبنهاية القرن الماضي كان الإرهاب هو التهديد الأكبر على العالم وهو الوحش الجديد الذي ظهر بعد سقوط الإتحاد السوفياتي، رغم تحذيرات أمريكية من أن الصين هي الخطر وأخرى تتحدث عن التغير المناخي لكن لا يزال صوتها ضعيفا.
التخويف الاقتصادي:
ناشد تحالف المناخ العالمي، وهو مجموعة واجهة لشركات المرافق والنفط والفحم والتعدين والسكك الحديدية والسيارات، البيت الأبيض من أجل الحفاظ على النفط والوقود الأحفوري لأنه أساس قوة الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاء في المنشورات التي تم توزيعها في الصحافة الأمريكية أن من يدعو إلى محاربة النفط لا يخدم إلا مصالح دول منافسة مثل الصين والهند والمكسيك ودول صاعدة تستخدم الوقود الأحفوري في الصناعة.
نعم كان في عام 1997 وكان جزءًا من حملة بقيمة 13 مليون دولار كانت ناجحة جدًا، تم تمويلها أيضا من دول الخليج العربي.
نجح هذا التحالف في ضرب معاهدة كيوتو بمقتل حيث تم اقناع البيت الأبيض بعدم الموافقة عليه، وقد برر التحالف هذا الفعل بالقول إن ظاهرة الاحتباس الحراري كانت حقيقية لكنها يمكن أن تكون جزءاً من اتجاه الإحترار الطبيعي
مثلما مولت صناعة الوقود الأحفوري العلماء المتناقضين لإنكار علم المناخ، فقد روجت أيضًا للتحليلات الاقتصادية المعيبة للاقتصاديين الذين تمولهم الصناعة.
ومرة أخرى في عام 2020، أنفقت ExxonMobil الكثير من الأموال على الإعلانات السياسية في فيس بوك وانستقرام أكثر من أي شركة أخرى حيث استخدمت نفس المبررات لمنع محاربة النفط.
إقرأ أيضا:رحلة مايسة سلامة الناجي من الإسلام إلى الربوبيةهذا ليس ذنبنا إنه ذنبك:
من عام 2004 إلى عام 2006، قدمت حملة تسويقية لشركة BP تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار سنويًا “فكرة” البصمة الكربونية “قبل أن تكون كلمة طنانة شائعة”، وفقًا لوكيل العلاقات العامة المسؤول عن الحملة.
كانت أهداف هذه الحملة هي “الأنشطة البشرية الروتينية” و “خيارات نمط الحياة” “للأفراد” و “الأسرة الأمريكية العادية”. في عام 2019 أطلقت شركة BP حملة جديدة بعنوان “اعرف بصمتك الكربونية” على وسائل التواصل الإجتماعي.
لقد تطور خطاب شركات النفط من الإنكار التام إلى أشكال أكثر دقة من الدعاية، بما في ذلك تحويل المسؤولية بعيدًا عن الشركات إلى المستهلكين.
هذا يحاكي جهود شركات التبغ الكبرى لمكافحة النقد والدفاع ضد التقاضي والتنظيم من خلال “تصوير نفسها على أنها نوع من الأبرياء المحايدين، تتعرض لهجوم قوى طلب المستهلك”.
دعايات واعلانات ومعلومات مضللة:
أنفقت أكبر خمس شركات نفط وغاز في أمريكا 3.6 مليار دولار على إعلانات سمعة الشركات بين عامي 1986 و 2015. وقد أنفقت شركة ExxonMobil على الإعلانات السياسية ومصالح الصناعة أكثر من أي شركة أخرى.
لقد روجت هذه الشركات أيضا لأنشطة تقول أنها تنتج من خلالها النفط والغاز الصديقين للبيئة والمناخ، والحقيقة أن النفط والغاز ليس أي منهما صديق أو أخضر.
إقرأ أيضا:هل زلزال المغرب واعصار ليبيا مؤامرة ضد شمال أفريقيا؟ضمن خريطة الوقود الأحفوري نجد الفحم هو الأسوأ يليه النفط ثم هناك الغاز الطبيعي الذي يعد أقل تلويثا ضمن هذه العائلة.
كانت شركات الوقود الأحفوري تطلق على الميثان “النظيف” منذ الثمانينيات على الأقل وتقول أن “الغاز الطبيعي نظيف بالفعل”.
تحاول هذه الشركات حاليا الترويج لنفسها على أنها ابتكارية وأنها تستثمر كثيرا في الطاقات المتجددة، وبالفعل بدأت توجه أموالا إلى القطاعات الجديدة، لكن استراتيجيتها لا تزال قائمة على اطلاق الدخان والمساهمة في تدمير مناخ الأرض.
إقرأ أيضا:
انهيار النفط 2022: تحالف الصين وأمريكا وعقوبات ضد أوبك بلس
جهود العراق لمكافحة التغير المناخي وعقلية النفط
هل يكبح بيع احتياطي النفط الأمريكي أسعار النفط المرتفعة؟
حل مشكلة ارتفاع أسعار النفط وفخ أزمة المناخ والغذاء