في أزمة كورونا ارتفعت موجة نظرية المؤامرة وانتشرت الملايين من المنشورات ومقاطع الفيديو التي تدعي أن الحكومات تريد تلقيح الجميع لخفض عدد سكان العالم.
ومن الواضح أن ثقة الشعوب بالحكومات اهتزت عمدا أو جهلا، لكن ليس فقط في أزمة كورونا، بل قبل سنوات حيث الصراع يتصاعد بين اليمين المتطرف واليسار، فيما وصل قادة جريئين إلى سدة الحكم قادرين على طمس الديمقراطية من أجل البقاء في سدة الحكم.
في الولايات المتحدة الأمريكية هناك انقسام شعبي واضح في عهد دونالد ترامب ومن ثم في ظل حكم جو بايدن، وفي المغرب عاقب الشعب الإسلاميين وجاء بحكومة ليبرالية تتعرض للإنتقادات من أيامها الأولى.
كيف يمكن للحكومات استعادة ثقة الشعوب من جديد؟ هذه مقترحات جيدة وبناءة لفعل ذلك.
تحسين الخدمات العامة الرقمية:
في الشهر الماضي، وقع الرئيس جو بايدن أمرًا تنفيذيًا يحدد رؤية لتحسين تجربة العملاء في الخدمات الحكومية، يوجه الأمر أمناء مجلس الوزراء لتسهيل استخدام خدمات معينة وتحديثها وشفافيتها، مثل تقليل الحاجة إلى تقديم المستندات المطلوبة شخصيًا بدلاً من عبر الإنترنت.
ينص الأمر التنفيذي صراحة على أن تسهيل استخدام الخدمات الحكومية أمر ضروري لتحسين المساواة في الوصول واستعادة الثقة في الحكومة.
ولكن لتحقيق النجاح سيحتاج القادة إلى البناء على ما نعرفه بالفعل، والاستماع إلى الأشخاص الذين نعتزم خدمتهم، والتركيز على التغييرات المؤثرة والمتعمدة.
إقرأ أيضا:نهاية تمرد فاغنر: انتصر بريغوجين على جيش بوتينسيحتاج الأمر التنفيذي إلى تسهيل عمليات أكثر كفاءة وسهولة في الاستخدام ليس فقط لعامة الناس، ولكن أيضًا للموظفين الذين يعملون داخل الحكومة.
غالبًا ما يكافح موظفو الخدمة المدنية للعمل عبر العديد من أنظمة البيانات والعمليات المنفصلة والقديمة التي تم إهمالها ونقص التمويل لعقود.
لقد تحسنت بالفعل الخدمات الرقمية حتى في العديد من الدول العربية، يمكنك بسهولة أن تحصل على صفة المقاول الذاتي في المغرب والقيام بأغلب الإجراءات في المنصة الرسمية، وهذا أمر جيد لرجال الأعمال الجدد وهم في الغالب من الشباب والفئات التي تبحث عن التغيير الحقيقي.
بناء قواعد بيانات واضحة:
يمنح جواز التلقيح والتغطية الصحية الإلزامية للحكومات فرصة من أجل بناء قواعد بيانات تتيح بسهولة لها الوصول إلى الفئات المتضررة ومساعدتهم.
الأفضل أن تكون هذه القواعد مبنية على بلوك تشين ومشفرة، حيث في هذا النوع من قواعد البيانات لا يمكن التلاعب بالبيانات التي تم إدخالها.
هكذا يمكن للحكومة أن تعرف جيدا الفئات التي تعاني من الفقر، وعند تقديم مساعدات مالية ستكون مباشرة لتلك الفئات وليس إطلاق مساعدات يستفيد منها فاحشي الثراء وطبقات اجتماعية أعلى.
هذا يعيدنا إلى مقترح لصندوق النقد الدولي يقدمه عادة للحكومات والدول التي يعمل معها، وهو ضرورة اصلاح نظام الدعم من اجل توفيره للفئات الهشة والتي تحتاجه فعلا.
إقرأ أيضا:إلى أين تتجه الحرب في لبنان والتي أشعلها حزب الله الحسيني؟تحسين التواصل والتوعية:
يتواجد أغلب الشباب اليوم على الإنترنت ويحتاج هؤلاء إلى الوصول إليهم من خلال منصات أساسية تخبرهم بأحدث التطورات وتشرح ضرورة الإجراءات الجديدة.
البيانات الرسمية ومقاطع الفيديو والانفوجرافيك وحتى توظيف المؤثرين للشرح هي من الأدوات المتاحة لدى الحكومات والتي يمكن من خلالها الوصول إلى هؤلاء الشباب.
لا ينبغي أن تكون القرارات مفاجئة، وينبغي القيام باستطلاعات رأي داخلية، والشرح والرد على الأكاذيب والشائعات والتفسيرات الخاطئة التي تضرب جهود الحكومات في الصفر.
في ظل أزمة كورونا يمتنع الملايين من الناس عن التلقيح وهذا لفهمهم الخاطئ لهذه العملية، واعتقادهم بانها خطوة ستقتلهم أو تهلكهم وقد تشبعوا جيدا بالفكر الذي يعتبر كل ما يحدث في العالم مبني على مؤامرة.
توفير المزيد من التسهيلات للأعمال وانتقال الأموال:
سيكون تحسين تجربة العملاء في الحكومة تحديًا، ولن تكون المكاسب مرئية بسهولة في كثير من الأحيان، يجب على مسؤولي البرامج المحليين جمع المدخلات المباشرة من الأشخاص الذين يستخدمون هذه البرامج والخدمات (بالإضافة إلى الموظفين) للإبلاغ عن التحسينات وتطوير أهداف قابلة للقياس لتتبع التقدم.
من خلال تقديم إعفاءات ضريبية إضافة إلى تسهيل تسوية وضعيات الناس القانونية في مجال الأعمال وإنشاء الشركات الناشئة وتصفية الأعمال، يمكن توفير بيئة أعمال إيجابية وحل مشاكل البطالة واستغلال الموارد البشرية وتوجيه الشباب إلى سوق العمل.
إقرأ أيضا:حرب السودان أسوأ من حرب غزة لكن الهوى غلاباصلاح منظومة التعليم
في عالمنا اليوم حيث أصبح العالم مثل قرية صغيرة، والعالم الرقمي هو الحاضر والمستقبل للشعوب، ينبغي أن يتطور التعليم وينتقل من عملية التلقين والحفظ إلى عمليات التحليل والتعبير عن الآراء والمناقشة بين الطلبة والأساتذة.
ومن جهة أخرى يجب أن تكون منظومة التعليم قادرة على خلق أفراد وطنيين وفي ذات الوقت انتاج أجيال رقمية، من خلال دراسة البرمجة والمجالات الجديدة التي تشكل سوق العمل في المستقبل.
لا يمنع هذا من دراسة الفلسفة والتاريخ والعلوم النظرية المختلفة التي تعد مهمة، والتي لا تزال أساسية في تكوين الأفراد والجماعات.
إقرأ أيضا:
هل يعالج بركان هونغا تونغا مشكلة التغير المناخي؟
العلاقة بين النمو الإقتصادي ومشكلة التغير المناخي
ثمن وباء كورونا الذي ستدفعه: بريطانيا نموذجا
لن يستطيع بابا الفاتيكان إيقاف اللاإنجابية