من أزمة وباء فيروس كورونا إلى اضطرابات سلسلة التوريد العالمية وارتفاع الأسعار والتضخم ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي زادت الطين بلة وتصاعد التهديد النووي إلى زلزال تركيا وسوريا وكل ذلك بالتوازي مع تغير المناخ الذي يشمل تزايد الجفاف والفيضانات والتطرف المناخي.
والسؤال المطروح هل يتجه العالم إلى الهاوية أم أنها مجرد أزمات تغيير كبرى تمهد لمرحلة مختلفة وعالم مغاير؟
مخاطر حدوث صراع نووي قائمة لكنه انتحار
منذ عام 1945، نمتلك القدرة على تدمير أنفسنا، ارتفعت عدد الدول التي تمتلك أسلحة نووية بسرعة حتى الستينيات ولم ينخفض (انخفض العدد المطلق للرؤوس الحربية النووية منذ الثمانينيات، على الرغم من أنه لا يزال هناك ما يكفي للتسبب في كارثة كبيرة).
لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية ساحة صراع قابلة للإشتعال والذهاب إلى استخدام النووي، ستكون روسيا قد ارتكبت حماقة تستدعي من المجتمع الدولي معاقبتها.
التوتر الصيني الأمريكي هو الآخر ملف قابل للإشتعال، ولدينا كوريا الشمالية التي تتباهى بقدراتها النووية، وهناك صراع ايران وإسرائيل الذي قد يستدعي استخدام القدرات النووية الإسرائيلية، ولا ننسى التوتر بين الهند وباكستان النوويتين.
لكن ما يعرفه كافة قادة العالم هو أن النووي انتحار خصوصا إذا حصل صراع مباشرا بين قوتين نوويتين، ولن يكون هناك فائز وخاسر.
التغير المناخي كارثة ستغير حياتنا
نتيجة الثورة الصناعة واستخراج النفط والغاز واستخدام الفحم وتزايد استغلال موارد الأرض بشكل كثيف وارتفاع عدد السكان إلى 8 مليارات نسمة، يعاني كوكبنا بشكل واضح، وهناك علامات واضحة على ذلك، وهي موجات الجفاف الطويلة والشتاء الدافئ في أوروبا والفيضانات واختلال الطقس ما يؤثر على الإنتاج الفلاحي.
إقرأ أيضا:مصالح قطر في خطر بسبب حماس ودعم الإرهابفي هذا الوقت تقود الولايات المتحدة وأوروبا العالم إلى عصر ما بعد النفط من خلال زيادة انتاج الطاقة المتجددة والرغبة الحازمة في حظر الوقود الأحفوري خلال السنوات القادمة.
وهناك وعي متزايد لدى الشباب حول العالم بخطورة التغير المناخي الذي سيؤدي أيضا إلى ارتفاع مستوى البحر واختفاء المزيد من اليابسة، ما يهدد الكثير من المدن الساحلية حول العالم.
تدفع الكوارث البيئية المزيد من المستثمرين للإستثمار في الشركات التي يمكنها أن تحل المشاكل الكبرى، مثل انتاج الطاقة النظيفة، وإنتاج الألواح الشمسية بتكاليف أقل، وشركات انتاج الغذاء بجودة أفضل وبسعر معقول.
كما يتزايد أيضا عدد الشباب الذين يرفضون الإنجاب والذين يتحوطون ضد الفشل الذريع وهو احتمال وارد وبقوة.
على المدى الطويل الفقر المدقع يتراجع
كان حوالي 80 في المئة من سكان العالم عام 1820 في فقر شديد، ومنذ الثورة الصناعية الكبرى تراجع الفقر بسبب توفر الوظائف في مجالات جديدة غير الفلاحة والجيش والتجارة.
بحلول عام 2018 فقط 10 في المئة من سكان العالم يعيشون في فقر شديد، رغم تزايد عدد السكان بشكل كبير في العقود الأخيرة.
حاليا يتزايد مجددا الفقر بسبب التضخم العالمي، لكن ما أن نتجاوز هذه الأزمة ستتحسن الأمور مرة أخرى وسيستمر تراجع معدلات الفقر.
يعول كثيرا على الثورة الرقمية في هذا الصدد وانتقال الكثير من الشباب إلى العمل في مجال الخدمات، ورغم أن الذكاء الإصطناعي يهدد الكثير من الوظائف إلا أنه سيدفع بظهور المزيد من الوظائف الجديدة التي لم نسمع بها من قبل، كما أن هناك تفكير لدى قادة العالم والمفكرين لاعتماد نظام الدخل الأساسي الشامل.
إقرأ أيضا:لهذا السبب قد لا تنضم تركيا إلى مجموعة بريكسالعصر الرقمي بمزاياه وعواقبه
تقدم الثورة الرقمية اليوم الكثير من الفرص في شتى المجالات، من التعليم إلى الصناعات الغذائية والصناعية والزراعية نحو الترفيه والتواصل والأخبار.
ستعزز بلوك تشين من الحفاظ على بيانات المليارات من المستخدمين ومنع التلاعب وتعزيز الشفافية، كما سننتقل إلى النقود الرقمية ونهاية طباعة النقود الورقية، وتسهيل تبادل النقود واتمام العمليات التجارية، كما أن التعليم عن بعد واستخدامات الذكاء الإصطناعي في شتى المجالات تقدم وعودا كبيرة لنا.
لكن في المقابل نواجه تهديدات جديدة بينما نطور تكنولوجيا أكثر خطورة، نحن قلقون بشكل خاص بشأن الأوبئة المهندسة وإمكانية حدوث كارثة مرتبطة بالذكاء الإصطناعي، ومن المحتمل أن تطورات جديدة ستخلق تهديدات لم نتخيلها حتى، مع انتقالنا إلى العالم الرقمي يصبح كل شيء معتمدا على وجود الإنترنت واختفاءها سيعني انهيار حضارتنا.
النظام العالمي المالي يتغير
رغم أن الدولار الأمريكي لا يزال سيد العملات النقدية في عالمنا المعاصر ولا يزال أقرب المنافسين بعيدا (اليورو)، إلا أن النظام العالمي يشهد تغييرات كبيرة.
بالرغم من الحمائية التجارية على المدى القصير، وعودة الإستبداد المالي والسياسي في عدد من الدول، إلا أن الخصخصة وتعويم العملات واعتماد التجارة الحرة من الإتجاهات القوية.
تعزز الدولار بسبب ضعف منافسيه، تعرض اليورو للتقويض مرارًا وتكرارًا بسبب الأزمات المالية، في حين أن اليوان الصيني يُدار بشكل كبير من قبل نظام استبدادي ولا يزال من أصغر العملات، ومع ذلك هناك بحث عن بدائل أفضل.
إقرأ أيضا:علاج سرعة القذف باستخدام العادة السرية (الإستمناء للرجال)انهيار طرق التربية والتعليم التقليدية
العائلة التقليدية والقائمة على القيم تتداعى مع ارتفاع الطلاق والخلافات الزوجية وفشل طرق التربية والتعليم في تنشئة أجيال تتمتع بقيم وأخلاق عالية قبل أي شيء.
ومن جهة أخرى تبدو البرامج التعليمية في الكثير من الدول حول العالم قديمة ولم تعد قادرة على اخراج شباب يفهمون متطلبات السوق وقادرون على سد الفجوات.
ثورة العالم الرقمي ستسحق طرق التربية والتعليم التقليدية وأي شخص يتبع النهج القديم سيضع ابناءه في مأزق كبير مستقبلا.
تراجع وفيات الأطفال لكن الأوبئة قادمة
انخفضت معدلات وفيات الأطفال بشكل حاد في المائة عام الماضية، كما انخفض العدد المطلق للأطفال الذين يموتون قبل بلوغ سن الخامسة.
لقد اقتربنا من القضاء على مرض شلل الأطفال ودودة غينيا، ونبدأ تدريجيًا في السيطرة على الملاريا، ويستثمر بيل غيتس وأمثاله في محاربة الفيروسات باللقاحات والإستعداد للوباء القادم.
مع ارتفاع درجة كوكبنا وذوبان الجليد ستعود بعض الفيروسات القاتلة للحياة وبطريقة أو أخرى سنجد أنفسنا في مواجهة وباء جديد قاتل.
الأزمات محنة ومنحة
كل هذه الأزمات المالية والاقتصادية والمناخية والصحية والعائلية هي محن عظيمة، لكنها فرصة من أجل إعادة التفكير في حياتك الشخصية واتباع نهج جديد ومختلف.
فمثلا في قضية صعود الذكاء الإصطناعي سيكون عليك تطوير مهاراتك وربما تغيير مسارك الوظيفي، أو استغلال هذا الإتجاه لإنشاء خدمات أو كورسات حول هذه التقنيات.
من جهة أخرى ستحتاج إلى زيادة دخلك كي لا تتألم مع انهيار القوة الشرائية للعملات النقدية التي تتعامل بها، بينما ستراجع التضخم لكن القوة الشرائية ستواصل انخفاضها لكافة العملات من الدولار إلى عملة بلدك.
وعوض أن تسعى لإنجاب عدد من الأطفال، ربما يتعين عليك أن تفكر بشكل واقعي، تكاليف المعيشة ترتفع والتربية صعبة والبشرية قد تكون على أعتاب كوارث هائلة ولا ينبغي أن يكون قرار الإنجاب عبثيا.
التفكير بعقلك أفضل وبواقعية أفضل من التفكير بعقول أشخاص مضى عصرهم وذهبوا مع زمانهم، اليوم تعيش في زمن غير زمنهم، فرص غير الفرص التي كانت بعصرهم وتحديات مختلفة تتطلب منهجية تعامل مغايرة.
إقرأ أيضا:
هل زلزال تركيا مفتعل وما هي أضواء الزلازل؟
توقعات روسية: زلازل كثيرة وأكبر بعد زلزال تركيا 2023
سوريا أولى بالدعم والمساعدة العربية من تركيا
لماذا زلزال تركيا اليوم لن يكون الأخير ودمار اسطنبول قادم؟
هل تحديد موعد الزلزال القادم في أي مكان بدقة ممكن؟
ما الذي يمكن أن تفعله لتجعل بيتك أكثر أمنًا ضد الزلازل؟
كيف تحدث الزلازل وأسباب الهزة الأرضية المتكررة
سبب هزة أرضية اليوم في السعودية
عدد الزلازل سنويا وعدد القتلى كل عام وحقائق مهمة