منذ الأزل ادعى الإنسان أنه خليفة الله في الأرض، وأن مهمته هي إعمارها واصلاحها ونشر الخير فيها، لكن منذ صراع قابيل وهابيل المأساوي إلى يومنا هذا يتضح أن العكس هو ما يحصل.
جاء النبي نوح ورغم الطوفان الذي قضى على المشركين والمفسدين إلا أنه عاد الشرك والفساد من خلال ذرية المسلمين والموحدين، وكذلك حاول الأنبياء اصلاح البشرية ولكن كل جهودهم باءت بالفشل.
اليوم نعيش في عصر التغير المناخي الذي يحدث كنتيجة فعلية للثورة الصناعية التي شهدها العالم في القرون الأخيرة، والتوسع العمراني، والإنفجار السكاني مع تطور الطب وتحسن الرعاية الصحية والقضاء على الأوبئة والفيروسات بسبب تقدم صناعة اللقاحات.
وبينما يواصل الإنسان التقدم العلمي، هناك عقبات كثيرة ومنها الحروب العسكرية ووجود دول توسعية مثل روسيا التي أقدمت على غزو أوكرانيا، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب الصراعات العسكرية بالوكالة، وكلها تعيق جهود البشرية في مواجهة التغير المناخي والإنتقال إلى عصر ما بعد الوقود الأحفوري.
في الزلازل والأوبئة والمجاعات (هذه الأخيرة لا تزال محدودة وتستهدف مناطق معينة في العالم بسبب الإضرابات فيها مثل اليمن والصومال واثيوبيا) والكوارث الأخرى التي تحل بالبشرية يوما بعد يوم، يصبح من الصعب التفاؤل بمستقبل البشرية.
وفي ظل هذه الفوضى وانهيار التعليم التقليدي والتربية والتقدم التكنولوجي الهائل الذي يستلزم تطور أساليب التربية، تنتج الأسر أجيالا تعاني من اضطرابات أقلها الإكتئاب وأكثرها الرهاب الاجتماعي وانعدام الثقة بالنفس وما إلى ذلك من الإضطرابات النفسية وحتى المعرفية والسلوكية.
إقرأ أيضا:نهاية الحرب بين ايران وإسرائيل بالإتفاق حول غزو رفحتعاني الأسر التي تملك أطفالا اليوم من تحديات جمة، أولها المصاريف المتزايدة في ظل التضخم والأزمات المالية والإقتصادية، إلى جانب المخاطر التي تحيط بالأطفال من التحرش والإغتصاب والإعتداء والتحطيم المعنوي والنفسي، ومخاطر أخرى كثيرة مثل ادمان الهواتف الذكية وادمان الإباحية والسهر والسمنة المتزايدة نتيجة قلة النشاط الجسدي والتحديات التي لا تنتهي.
انفجار معدلات الطلاق والإنفصال بين المتزوجين تستدعي أيضا الإنتباه، حيث أن الكثير من الأطفال اليوم هم في عائلات مضطربة ومنقسمة على نفسها وهذا ينتج أجيالا مضطربة.
وفي النهاية نجد أن التحديات كثيرة والتغلب عليها ممكن بالفعل، لكن هذا بالنسبة للفرد الواعي الذي يعرف ما يفعله ويجتهد على اصلاح عيوبه ومشاكله وتحسين حياته وهو أمر غير متاح للجميع.
وهذا يعني أنه عوض أن أقضي 20 عاما أخرى من حياتي، في الزواج وتربية الأبناء، يمكنني العمل في هذه الفترة على نفسي، على تخطي مشاكلي النفسية واضطراباتي وحل أزماتي الناتجة عن فشل في التربية، والتركيز على تحسين جودة حياتي من مختلف النواحي، ومساعدة الأشخاص الموجودين في هذه الحياة.
وبعبارة أخرى، عوض أن أجلب ضحية جديدة إلى هذا العالم وأحاول أن أحقق من خلالها أحلامي التي لم تتحقق في ذاتي وحياتي وأعرض هذه الروح لمخاطر كثيرة ومنها فشل أسلوب تربيتي، أليس من الأفضل لي أن لا أنجب أبدا وأحقق ما أريده بنفسي ولذاتي؟
إقرأ أيضا:علاج سرعة القذف باستخدام العادة السرية (الإستمناء للرجال)وفي حال رغبت بالطبع في تحسين حياة الآخرين، فما أكثر الضحايا من العائلة والأصدقاء والمجتمع والأطفال المتخلى عنهم، لماذا سأزيد عددهم؟
أضف إلى ذلك أن لا أحد منا يعرف في الواقع الحقيقة، وهذا يتضح عندما نتعمق في الأديان والفلسفات والمعتقدات المختلفة، حيث كل دين يدعي أنه الصحيح ومن الله ويكفر أتباعه بالديانات الأخرى.
حتى بداخل الإسلام هناك الفرقة الناجية أما بقية الفرق الإسلامية فهي في النار بناء على حديث صحيح مشهور يردده دائما أهل هذا الدين.
من يضمن لنا أن الإسلام بنفسه دين صحيح؟ وأن أهل السنة والجماعة خصوصا المذهب المالكي هم الفرقة الناجية، لماذا لا تكون الشافعية هي الفرقة الناجية أو فرقة من فرق الشيعة أو المتصوفة أو القرآنيين أو حتى السلفية الجهادية؟
هل أسقط في النار واجلب معي إلى هذه الحياة من يعاني بسبب معتقداتي الخاطئة؟ وكل أمة حينها ستلعن أختها، والآباء والأبناء كلهم يلقي بمعاناته وأخطائه على الآخر.
لا توجد ضمانة على أن الإسلام أو غيره هو الصحيح، بل هناك أدلة على أن كل دين يحتوي على المتناقضات وبعض التفسيرات التي تنسب إلى الله لا تقنع أهل العقول بل تزيد حيرتهم وشكهم.
حتى قصة آدم وحواء مشكوك فيها، خصوصا وأن الحفريات والإكتشافات العلمية تشير إلى صحة نظرية التطور، والتي يقاومها أغلبية اتباع الديانات فيما آخرين يعملون على اخضاعها للنصوص الدينية مثل الدكتور الفلسطيني عدنان ابراهيم، ومرة أخرى لا أحد يعرف الحقيقة.
إقرأ أيضا:علاج الخوف من الموت هو التحرر من خرافات الدينأفضل قرار اتخذته في حياتي هو أني لن أنجب ولن أجلب إلى هذا العالم شخصا يعاني سواء مع الإضطرابات النفسية أو الجسدية أو حتى في البحث عن الحقيقة التي لا يعرفها أحد.
إقرأ أيضا:
إلهام شاهين مثال للمرأة اللاإنجابية المتحررة الناجحة
عربيا ChatGPT فاشل في الفلسفة اللاإنجابية ويعتبرها عجزا جنسيا
ثورة شباب الصين: اللاإنجابية للأحرار والتوالد لعبيد الشيوعية
اللاإنجابية وانهيار الخصوبة كابوس الإقتصاد العالمي
ما هي فلسفة اللاإنجابية Antinatalism ومن هو اللاإنجابي؟
تأثير انخفاض عدد سكان الصين على الإقتصاد الصيني
كيف تحررت المرأة الصينية من الزواج والإنجاب بنجاح؟