شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جديدة على أهداف عسكرية سورية، الإثنين، شملت مواقع في دمشق ودرعا جنوبًا ومنطقة الساحل غربًا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن سلاح الجو نفذ، الإثنين فقط، أكثر من 150 هجومًا على أهداف عسكرية سورية، من إجمالي أكثر من 250 هجومًا شنّها منذ سقوط نظام بشار الأسد، في إطار المساعي لـ”تدمير” القدرات العسكرية السورية؛ وبحسب المرصد، فإن “الغارات استهدفت مواقع عسكرية تضم صواريخ مضادة للدروع ومضادات جوية”، مشيرًا إلى أن إسرائيل “تعمدت تدمير كل ما يمكن أن يشكل خطرًا عليها”.
وتجاوز عدد المواقع العسكرية التي استهدفها سلاح الجو الإسرائيلي في سورية في اليومين الماضيين 250 هدفًا، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، ضمن ما وصفه مسؤول عسكري إسرائيلي بأنه “واحدة من أكبر العمليات الهجومية في تاريخ سلاح الجو”؛ وشملت الضربات تدمير عشرات الطائرات الحربية، وأنظمة الدفاعات الجوية وأنظمة صواريخ أرض-جو، والآليات المدرعة، ومواقع إنتاج أسلحة ومخازن ذخيرة، إضافة إلى صواريخ أرض-أرض؛ وذكرت الإذاعة أن سلاح البحرية الإسرائيلية شارك في العمليات التي تستهدف القدرات العسكرية السورية.
ومساء الإثنين، أفادت تقارير سورية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ غارات جوية على ميناء اللاذقية في شمال غرب البلاد. ووفقًا للتقارير، استهدفت الغارات السفن العسكرية الراسية في الميناء. كما ورد في التقارير أن إسرائيل دمرت منشأة دفاع جوي بالقرب من الميناء؛ إضافة إلى ذلك شن الجيش الإسرائيلي هجوما استهدف مطار القامشلي في ريف الحسكة الشمالي شمال شرقي سورية، ودمّر مركز البحوث العلمية في برزة في دمشق، في إطار عملياته الرامية إلى “تدمر القدرات العسكرية” السورية؛ وأفادت التقارير بأن الهجمات الإسرائيلية استهدفت أسراب الطائرات الحربية والمطارات العسكرية وبطاريات الدفاع الجوي السورية.
إقرأ أيضا:“إسرائيل” تقول إنها اعترضت صاروخا أطلق من اليمنيأتي ذلك فيما نفذت القوات الإسرائيلية توغلات برية داخل سورية، بالتزامن مع الغارات الجوية المكثفة على مواقع في سورية. وذكرت مصادر في الجيش الإسرائيلي أن القوات الإسرائيلية توغلت عدة كيلومترات داخل المنطقة العازلة واحتلت منطقة بعمق عدة كيلومترات جنوبي سورية على طول المنطقة الحدودية من جبل الشيخ حتى المثلث الحدودي بين سورية وإسرائيل والأردن، مشيرة إلى أن العملية تتم بداعي تدمير أسلحة لجيش النظام السوري السابق، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قوات الفرقة 210 تواصل ما وصفها بـ”الأنشطة الدفاعية”، وادعى أن قوات المظليين دخلت المنطقة العازلة داخل سورية لـ”تعزيز حماية الحدود”.
وجاء في بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي أن قوات المظليين إلى جانب قوات أخرى “تنفذ أعمالًا دفاعية أمامية ميدانية لمنع أي تهديد، وهي منتشرة في المنطقة العازلة في نقاط سيطرة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل قوات الهندسة، المشاة، والمدرعات تحت قيادة الألوية الإقليمية وهي منتشرة على طول الحدود بين إسرائيل وسورية بهدف تعزيز الدفاع في المنطقة”، وذكرت مصادر في الجيش الإسرائيلي أن المستوى السياسي أوعز بمواصلة العمليات العسكرية في سورية.
وفي سياق الغارات الجوية، وصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي العمليات بأنها “غير مسبوقة”، مشيرة إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي ينفذ هجمات مكثفة تستهدف تدمير كل ما وصفته بالأهداف العسكرية التابعة للنظام السوري. وتضمنت هذه الأهداف مستودعات أسلحة ومرافق عسكرية متقدمة وآليات عسكرية.
إقرأ أيضا:“إسرائيل” تحشد قواتها بالجولان وتستعد لسيناريوهات مختلفة لمواجهة التطورات في سورياوأشارت الإذاعة إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تستخدم قنابل ثقيلة خارقة للتحصينات، في موجات متتالية من الهجمات، مما حول القواعد الجوية إلى “طرق سريعة” للطائرات المغادرة والعائدة؛ وقالت: “تعتبر الغارات الجوية في اليوم الأخير في سورية حدثا دراماتيكيا إلى حد ما، حيث تقوم إسرائيل بتدمير جيش الأسد بشكل منهجي”.
وأوضح المرصد أن الهجمات الجوية الإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية ومستودعات أسلحة دفاع جوي وذخيرة تابعة للجيش السوري في منطقتي طرطوس واللاذقية الساحليتين. كما شملت الضربات مواقع في محافظة درعا، لا سيما في منطقة تل الحارة ومدينة إزرع، بالإضافة إلى استهداف مستودعات أسلحة في منطقة القلمون بريف دمشق؛ وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن العشرات من الأهداف التي تم استهدافها في سورية تشمل “دبابات وطائرات ومروحيات عسكرية” للجيش السوري.
قرار إسرائيلي إستراتيجي بتدمير القدرات العسكرية السورية
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن هذه الهجمات تأتي في أعقاب اتخاذ القيادة الإسرائيلية “قرارًا إستراتيجيًا بتدمير جميع القدرات العسكرية المتقدمة والإستراتيجية للجيش السوري بعد سقوط نظام الأسد”، وذلك لدفع الدولة السورية المستقبلية إلى العمل على بناء “قدراتها العسكرية من الصفر كدولة جديدة”.
وشددت على أن الجيش الإسرائيلي شن أكثر من 250 غارة جوية على مواقع سورية تهدف إلى تدمير قدرات الجيش السوري بما في ذلك الدبابات، والطائرات، والمروحيات العسكرية، والسفن، وأنظمة الدفاع الجوي، والترسانة الصاروخية، والمصانع العسكرية، والمنشآت الاستخباراتية”، وقالت إن “كل ما كان يمتلكه جيش الدولة السورية وبناه على مدار عقود، يتم تدميره في هذه الأيام”.
إقرأ أيضا:الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 20 هدفا ببيروت “خلال 120 ثانية”سيطرة إسرائيلية على مواقع في سورية
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن فجر اليوم أن قواته “داهمت منطقة جبل الشيخ في شقه السوري في إطار انتشارها في المنطقة العازلة وفي عدة نقاط” وصفها بأنها “دفاعية ضرورية” وادعى أن ذلك يأتي لضمان “أمن سكان بلدات هضبة الجولان ومواطني دولة إسرائيل في ضوء الأحداث في سورية”، وقال إنه “لا يتدخل في الأحداث الواقعة في سورية وسيواصل العمل وفق ما تقتضيها الضرورة للحفاظ على المنطقة العازلة وحماية دولة إسرائيل ومواطنيها”.
وفي أعقاب احتلال جبل الشيخ السوري ونقاط أخرى جنوبي سورية، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليمات للجيش الإسرائيلي بـ”استكمال السيطرة على المنطقة العازلة في سورية والنقاط الإستراتيجية”، وأشار بيان صدر عن وزارة الأمن أن “الجيش الإسرائيلي استمر في تنفيذ عمليات للسيطرة على نقاط إضافية (في سورية) الليلة الماضية”؛ كما أصدر كاتس تعليمات بـ”العمل على خلق منطقة أمنية خالية من الأسلحة الإستراتيجية الثقيلة” وما وصفها بأنها “بنى تحتية إرهابية في جنوب سورية (بما يتجاوز المنطقة العازلة) يمكن أن تهدد أمن إسرائيل”، وذلك “مع الحفاظ على التواصل مع السكان الدروز في المنطقة وسكان آخرين” وفق تعبره.
كما أصدر كاتس توجيهات للجيش الإسرائيلي بـ”العمل بشكل فوري على منع وتجفيف طرق تهريب الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر سورية، في المناطق السورية وعبر النقاط الحدودية”. وكذلك بـ”مواصلة العمل على تدمير الأسلحة الإستراتيجية الثقيلة في سورية، بما في ذلك صواريخ أرض-جو، أنظمة الدفاع الجوي، صواريخ أرض-أرض، صواريخ كروز، صواريخ طويلة المدى وصواريخ بحرية”.
وأشار المرصد إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة تأتي في أعقاب إعلان فصائل المعارضة السورية سقوط نظام الأسد، عقب سيطرتها على العاصمة دمشق وانسحاب قوات النظام. ومنذ الإعلان، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية لتدمير مستودعات ومواقع عسكرية، شملت اللواء 112 بين مدينتي الشيخ مسكين ونوى بريف درعا، واللواء 12 في مدينة إزرع، ومستودعات أسلحة في ريف دمشق قرب صيدنايا وتل منين، إضافة إلى مواقع في شمال مدينة القارة بريف دمشق.
“خطوة مؤقتة”
من جانبه، ادعى وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، في إحاطة للصحافيين الأجانب، اليوم الإثنين أن السيطرة على المنطقة العازلة في الجولان السوري هي “خطوة محدودة ومؤقتة”؛ وقال ساعر: “هذه خطوة محدودة ومؤقتة اتخذناها لأسباب أمنية”. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد أعلن الأحد انهيار اتفاق “فضّ الاشتباك” مع سورية الموقع عام 1974، وأنه أمر الجيش بـ”الاستيلاء” على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوة تابعة للأمم المتحدة، وذلك بعد ساعات على سقوط نظام بشار الأسد في سورية.
وأقر ساعر وناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، الإثنين، بأن جيش الاحتلال تجاوز نطاق المنطقة العازلة وتقدم إلى الجانب السوري من جبل الشيخ الواقع عند الحدود بين سورية ولبنان؛ فيما أكد المرصد السوري أن القوات الإسرائيلية سيطرت على نقاط مراقبة تعود للجيش السوري في منطقة جبل الشيخ، تقع خارج المنطقة العازلة التي تمّ ترسيمها عقب حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973.
وردا على سؤال عما إذا كان الانتشار الإسرائيلي يمتد خارج المنطقة العازلة، قال ساعر إنه “قد يكون ثمة مكان يختلف التعريف بشأنه من الناحية القانونية”، مشددا على أن “كل النقاط (حيث انتشر الجنود) تأخذ في الاعتبار الحفاظ على أمننا بهدف تجنّب حصول أي مفاجأة مصدرها الجهة الشرقية”.
وخلال مؤتمر صحافي آخر، قال الناطق باسم الحكومة، دافيد مينسر، للصحافة الأجنبية، ردا على سؤال إن السلطة السياسية أمرت الجيش بـ”أخذ” كل المواقع التي أخلاها الجيش السوري “بما فيها تلك… في منطقة جبل الشيخ”، وذلك بهدف “ضمان ألا تتمكن أي قوة جهادية معادية أو حزب الله (اللبناني) من التمركز قرب الحدود”.
الولايات المتحدة: توغل إسرائيل في الجولان ينبغي أن يكون “مؤقتا”
بدورها، أعلنت الولايات المتحدة، الإثنين، أن توغل اسرائيل داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري ينبغي فقط أن يكون “مؤقتا”. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، “إنها خطوة مؤقتة اتخذوها ردا على ما قام به الجيش السوري من انسحاب في هذه المنطقة. والآن، ما نريد أن نراه في النهاية هو التزام هذا الاتفاق في شكل تام، وسنراقب لنرى إسرائيل تقوم بذلك”.
وسُئل ميلر عما أذا كانت واشنطن تدعو إسرائيل صراحة إلى الانسحاب، فقال إن الاتفاق الذي وقع بعد حرب 1973 “يشمل انسحاب إسرائيل إلى مواقعها السابقة”. لكنه لم يشأ تحديد جدول زمني بالنظر إلى التطورات المتسارعة على الأرض في سورية.
وأضاف ميلر “قالت إسرائيل إن ما تقوم به مؤقت للدفاع عن حدودها. هذه ليست خطوات دائمة، وفي النهاية نريد أن نرى استقرارا دائما بين إسرائيل وسورية. وهذا يعني أننا ندعم احترام جميع الأطراف لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك”.
الأمم المتحدة: إسرائيل “انتهكت” اتفاق 1974 عبر سيطرتها على الجولان
من جانبه، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، الإثنين، أن تقدم القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري، يشكل “انتهاكا” لاتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسورية والذي وقع العام 1974.
وقال ستيفان دوجاريك إن قوة الامم المتحدة المكلفة مراقبة فض الاشتباك (يوندوف) “أبلغت نظراءها الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكا لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك”، موضحا أن القوات الإسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في ثلاثة أماكن.
وشدد على أنه “يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل. وعلى إسرائيل وسورية الاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق 1974 والحفاظ على استقرار الجولان”.