يتزايد في الأوساط الشعبية العربية اتهام الحكومات العربية والجيوش النظامية بالتخاذل والخيانة الكبرى، فيما الحقيقة مختلفة، الإنقسام الفلسطيني هو أكبر خيانة لشعب فلسطين.
قصة الإنقسام هي قصة داخلية تتعلق بالشعب الفلسطيني الذي خاض انتخابات نزيهة فازت فيها حركة حماس بالأغلبية، ونتيجة لذلك رفضت إسرائيل والولايات المتحدة الإعتراف بحكومة تقودها حماس التي لا تعترف بإسرائيل.
بعد أسابيع من الوضع اختلف فتح وحماس واندلعت بينهما مواجهات عسكرية في غزة شهدت مقتل 16 فلسطينيا ومن ثم طرد حركة فتح من غزة والسيطرة على القطاع.
تتجاوز أسباب الانقسام الفلسطيني المسائل السياسية، وتشمل عوامل تاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية، فاليوم تقدم حماس نفسها على أنها إسلامية، وهي تتبع لجماعة الإخوان المسلمون وهناك في غزة العديد من الحركات المسلحة الجهادية منها السلفية الجهادية والقريبة من داعش والقاعدة.
من جهة أخرى تقدم حركة فتح نفسها على أنها يسارية تؤمن بالمشروع العربي القومي، وبتحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطينية لكنها حركة غير ديمقراطية وهي بذلك لا تختلف كثيرا عن اليساريين العرب الذين لا يعرفون من الحركة اليسارية سوى الشعارات وينقلبون على الديمقراطية مع وصولهم إلى السلطة.
رغم مبادرات الوحدة الفلسطينية التي تشجع عليها دول مصر وحتى الإتحاد الأوروبي، إلا أن الطرفين، حماس وفتح لا يريدان تغيير الوضع الحالي ولا يريدان تقدم الإتفاقيات الإبراهيمية بين إسرائيل والدول العربية لأنها تشكل تهديدا لمصالحهم.
إقرأ أيضا:ما المانع الإلحادي؟ الرد على الجاهل بالأخلاق العلمانيةتستضيف قطر عددا من القيادات من حماس، وتدعم تركيا هذه الحركة ذات المرجعية الإخوانية، لكن الدعم التركي وحماسها تراجع بشكل ملحوظ مع انهيار مشروع الإسلام السياسي في المنطقة.
هناك تقارير تشير إلى أن حماس تتلقى دعمًا من إيران التي تعتبر حماس جزءًا من محور المقاومة الإسلامية في المنطقة رغم اختلاف الرؤية حول سوريا، وتدعم الجماعة في العديد من الجوانب، بما في ذلك الدعم المالي والعسكري والتدريب.
تشمل صور الدعم الإيراني لحماس توفير الأموال والموارد المالية لتمويل أنشطتها وبرامجها، كما تزود إيران حماس بالأسلحة والذخائر والتكنولوجيا العسكرية، تقارير أيضًا تشير إلى أنه تتم تدريب بعض قادة حماس في إيران على التكتيكات العسكرية.
ويعزى الدعم الإيراني لحماس إلى التوجهات السياسية والإيديولوجية المشتركة بينهما، حيث تهدف كلا المنظمتين إلى مقاومة إسرائيل وتحقيق أهداف فلسطينية.
ورغم أن حماس تتزعم المقاومة في غزة إلا أنها راضية على تحكمها في هذا القطاع واستفادتها من هذا الوضع من خلال التمويل القطري والعديد من الدول الأخرى.
منذ العام 2012، قدمت قطر تمويلًا سخيًا لمساعدة في إعادة إعمار وتطوير قطاع غزة بعد الصراعات والهجمات العسكرية، تشمل هذه المساعدات تمويل مشاريع البنية التحتية، والإسكان، والصحة، والتعليم، والمشاريع الاقتصادية.
الهدف الرئيسي للتمويل القطري لغزة هو تخفيف الأعباء الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وقد لعبت قطر دورًا مهمًا في تحسين الظروف المعيشية في قطاع غزة وتوفير فرص عمل للسكان.
إقرأ أيضا:توقعات روسية: زلازل كثيرة وأكبر بعد زلزال تركيا 2023من جهة أخرى يعمل في إسرائيل أكثر من 20 ألف فلسطيني ينتقلون يوميا من غزة إلى هناك، وتتسامح تل أبيب مع التمويل القطري الذي يصل إلى غزة بالملايين من الدولارات سواء لفائدة السكان أو للحركة التي تحكم القطاع.
رواتب الموظفين الحكوميين في قطاع غزة يتم دفعها من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية (السلطة الفلسطينية)، وهي هيئة تتولى الإدارة الحكومية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تعمل السلطة الفلسطينية على توزيع الرواتب للموظفين الحكوميين في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء.
مع ذلك، منذ الإنقسام الفلسطيني في عام 2007، وتولي حماس السيطرة على قطاع غزة، بدأت هناك صعوبات في تنفيذ عملية صرف الرواتب بشكل منتظم.
وبالعودة إلى 2019، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن سماح بلاده بتحويل الأموال القطرية بصورة منتظمة إلى قطاع غزة، وأن ذلك إنما يشكل جزءا من استراتيجية تهدف للإبقاء على الانقسام بين حركتي فتح وحماس (المصدر)
وقال أيضًا إن أولئك الذين يعارضون الدولة الفلسطينية يجب أن يدعموا تحويل الأموال إلى غزة، لأنه يساعد في الحفاظ على الفصل بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة.
من جهة أخرى نجد أن إسرائيل لم تعد متحمسة للجلوس على طاولة المفاوضات مع فلسطين، لأن الأخيرة منقسمة على نفسها، ونختلف غزة والضفة الغربية في عدد من التفاصيل المهمة، كما تعرف تل أبيب أن السلطة الفلسطينية لا تملك الشرعية فيما حماس ما هي إلا حركة مسلحة تسيطر على القطاع.
إقرأ أيضا:الناشطة الإخوانية التي اعتنقت المسيحية تحذر من الإسلام والإلحادوهذا يقودنا للأسئلة التي طرحتها الصحيفة، كيف يمكن أن نفسر أن قطر أرادت دعم أو مكافأة رجل الدولة القوي الذي يكرهه جميع جيرانها العرب منذ عام 1948؟ فهل كانت قطر تريد التأثير على الحكومة الإسرائيلية حتى تطلق يدها في غزة، بقيادة حماس، وهي فرع من جماعة الإخوان المسلمين المنظمة الإسلامية التي دعمتها الإمارة لمدة نصف قرن؟ هل هي الرغبة في لعب دور قيادي في مفاوضات السلام الافتراضية بين إسرائيل وفلسطين؟
في يناير 2013، اتهمت تسيبي ليفني، رئيسة حزب كاديما آنذاك (الحزب الذي أنشأه آرييل شارون، للعلم)، قطر بتمويل الحملة الانتخابية للثنائي نتنياهو ليبرمان، وحينها لم يصدقها أحد، لكن يتضح أن ما قالته صحيح.
إقرأ أيضا:
من باع القضية الفلسطينية؟ حماس وفتح برعاية قطر الممولة لنتنياهو
لماذا تمول قطر حملات بنيامين نتنياهو الانتخابية في إسرائيل؟
من الذي فاز في حرب اكتوبر 1973؟ إسرائيل أم العرب؟
هل طوفان الأقصى مؤامرة ومسرحية جديدة من إسرائيل؟
الجانب المظلم من ديمقراطية إسرائيل
منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وضم الضفة الغربية ثم غزة
ما الذي يتحكم في تحركات سعر الدولار اليوم بالشيكل؟
هل روسيا تهدد إسرائيل وهل تدعم حماس؟
ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيلية
هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟