يشكل التطبيع بين السعودية وايران صدمة للإسرائيليين والمسلمين والمسيحيين المتطرفين، وهي خطوة أخرى مهمة في مسلسل التسوية الشاملة وظهور الديانة الإبراهيمية التي تنهي الصراعات الدينية والطائفية.
لطالما كان الصراع السني الشيعي مستفحلا في المنطقة، ولا يتعلق الصراع السعودي الإيراني فقط بالتنافس الاقتصادي والعسكري في المنطقة بل أيضا صراعا فكريا ايديولوجيا، حيث تدعم طهران المذهب الشيعي وتريد نشره بالمنطقة بينما تدعم الرياض الوهابية السلفية حتى الأمس القريب.
اليوم هذا الصراع الإقليمي بدأ نجمه بالأفول خصوصا بعد الحرب اليمنية التي استمرت لسنوات وتكبد فيها المشاركون خسائر كبرى والأهم خروج اليمن مدمرا منها.
مهندسي صلح السعودية وايران
استمرت المفاوضات لأشهر بين الرياض وطهران بدول عديدة منها العراق وسلطنة عمان ونهاية بالصين التي تم فيها التوقيع اليوم على إعادة العلاقات الدبلوماسية التي تم قطعها منذ 2016.
وجاء في البيان الرسمي: “تعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتاهما خلال مدة أقصاها شهران”.
شكل الدعم الصيني دفعة قوية نحو هذا الصلح الذي يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة الكثير من المبادرات للتطبيع، حيث هناك التطبيع التركي مع خصومها العرب بما فيهم سوريا، وهناك جهود الإمارات كي تطبع الدول العربية مع سوريا وإسرائيل وانهاء الصراعات.
إقرأ أيضا:من الذي فاز في حرب اكتوبر 1973؟ إسرائيل أم العرب؟وكانت السعودية قد قطعت علاقاتها مع إيران في يناير 2016، بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.
وقد دعم العراق وسلطنة عمان عملية التطبيع بين السعودية وايران لكونهما على علاقة طيبة مع كلا البلدين ويمكنهما لعب دور الوسيط بينما بقية الدول العربية أو المنطقة لا تستطيع فعل ذلك لأن معظمها قطعت العلاقات مع ايران أو منحازة للسعودية.
ماذا يعني التطبيع بين السعودية وايران؟
من شأن هذا التطبيع أن يعيد العلاقات الدبلوماسية بشكل مباشر بينهما، وإذا سارت الأمور وفق الإتفاقية سيتوصل البلدين إلى تفاهمات واتفاقيات سياسية لخفض التوتر والتصادمات السياسية في المنطقة وأيضا حدث رجال الدين من الطرفين على خفض التكفير للمذهب الآخر أو حتى انهاء تلك الخطابات الدينية المتطرفة.
سيساعد هذا على تنمية التجارة بين البلدين مستقبلا بشكل تدريجي، ومن جهة أخرى قد يقود هذا لحل أهم الخلافات ومنها الميلشيات الشيعية في المنطقة والبرنامج النووي العسكري الإيراني الذي يهدد دول الخليج العربي.
من شأن هذا التطبيع أن يدفع دولا عربية لاستعادة علاقتها مع ايران ومنها المغرب ومصر والكويت والبحرين والأردن وتونس على أساس الإحترام والمصالح المتبادلة.
ومن المتوقع أن يضغط البلدين على الموالين لهما في لبنان والعراق لحل المشاكل الوطنية في تلك الدول، والتوصل إلى حلول أفضل للخلافات السياسية الداخلية وهو ما يمهد لعودة العلاقات السعودية اللبنانية وكذلك العلاقات السعودية السورية.
إقرأ أيضا:حقيقة النشيد الوطني الاسرائيلي ليرتعد كل سكان مصر وكنعانمشروع الديانة الإبراهيمية يواصل التقدم المتسارع
بينما تعمل الإمارات على تقريب وجهات النظر في المنطقة وتسريع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية الأخرى وكذلك إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية وانهاء عزلة بشار الأسد، يكمل التطبيع السعودي الإيراني هذه الدائرة ويشجع على المزيد من التفاهمات السنية الشيعية في المنطقة.
سيكون على إسرائيل هي الأخرى أن تتقبل هذه التطورات وتعدل ايران من سلوكياتها في المنطقة، وهذا سيساهم في خفض أو انهاء المواجهة العسكرية بينهما على الأراضي السورية، وربما يشجع للوصول إلى تفاهمات بين البلدين وتطبيع علاقتهما.
من جهة أخرى هناك مفاوضات سعودية أمريكية للتطبيع مع إسرائيل، حيث أشارت مصادر لـCNN أن السعودية تتطلع للحصول على ضمانات أمريكية كشرط للتطبيع مع إسرائيل، وقال بايدن، الجمعة، إنه “كلما كانت العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب أفضل، كان ذلك أفضل للجميع”.
إقرأ أيضا:بالأرقام: ما هو احتمال حدوث حرب نووية شاملة؟ومن شأن التفاهمات السعودية الإيرانية أن تمهد الأرضية لهذا التطبيع دون اثارة الجدل أو زيادة دعوات التكفير الشيعية للسعودية وأهل السنة حيث من المتوقع أن تتفادى ايران ادانة هذه الخطوة احتراما لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
إقرأ أيضا:
التطبيع بين السعودية وايران جزء من مشروع الديانة الإبراهيمية
مشروع الديانة الإبراهيمية ونهاية الصراعات الدينية الدموية
لماذا تدعم الإمارات الديانة الإبراهيمية التوحيدية؟
آية قرآنية تؤيد تأسيس البيت الإبراهيمي في الإمارات
مذهب إسلامي جديد على يد صالح المغامسي مبني على الديانة الإبراهيمية