في النقاش العام حول الحجاب في الإسلام هناك تيارين، التيار المتشدد الذي يؤكد أنه من الفرائض على المسلمات في الإسلام، وهناك تيار آخر ينكر الحجاب أو يرفض فكرة وجوده في الإسلام.
بين الفريقين، نعتقد أن الحجاب فرض لكن ليس على المسلمات في الواقع بل على المؤمنات، وهناك فرق بين المسلم والمؤمن في القرآن.
لطالما خاطب الله المؤمنين لوحدهم في عدد من الآيات القرآنية، وهناك أوامر وشرائع مفروضة عليهم والمؤمن يتقبلها ويعيش بها، فيما لم يكن الخطاب موجها للمسلمين والمسلمات وهم الأغلبية.
يتفق أهل العلم أن الإسلام يشمل العُصاة ومرتكبي الآثام (المسلمين) وأهل الله (المؤمنين) ولا ينبغي الخلط بينهما، في الفتن والحروب السياسية التي حصلت وسفك الدماء بين المسلمين كان بأيدي تلك الفئة التي تؤمن بالله ولكنها يمكن أن تلجأ إلى الموبقات الكبرى مثل القتل للدفاع عن مصلحتها.
لا يمكننا القول أن يزيد بن معاوية الذي قتل جيشه الإمام الحسين وهاجم أيضا المدينة المنورة واغتصب جيشه المسلمات أنه من المؤمنين رغم أنه من حفظة القرآن، وكذلك الأمر على كل من الحجاج بن يوسف الثقفي والخليفة عبد الملك بن مروان وعدد من المسلمين الذين لهم ما لهم من فضائل إضافة إلى سلبيات.
بينما المؤمنين أشد حرصا على تجنب المعاصي وأهواء الدنيا والفتن، وهم عادة أقلية، لذا يجتهدون ويلتزمون ويبحثون دائما عن سبل إضافية للتقرب من الخالق.
إقرأ أيضا:نهاية تمرد فاغنر: انتصر بريغوجين على جيش بوتينوكذلك الفرق بين المسلمات والمؤمنات، يمكن أن تكون النساء المسلمات غير محجبات وغير ملتزمات بالملبس المحتشم، فيما الحديث في القرآن كان مع المؤمنات والمؤمنين.
والآية القرآنية الأولى هي من سورة النور: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
والآية الثانية هي من سورة الأحزاب تخاطب نساء النبي والمؤمنات: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً”.
مرة أخرى آية قرآنية تخاطب الذين آمنوا وليس الذين أسلموا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً”.
إقرأ أيضا:هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟وفيما يختلف المسلمون اليوم عن صحة الأحاديث النبوية وكثيرة الضعيف فيها والمشبوه، يعد القرآن الحكم الذي لا يطعن في صحته أحد، لكن يختلفون في تفسيره وفهمه.
اليوم هناك نقاشات قوية على الشبكات الاجتماعية حول قضية الحجاب، بل إن عدد من المتشددين يطعنون في دين وايمان المسلمات المتبرجات وغير المحجبات.
ومع دخول تيار الريد بيل الأمريكي على الخط والذي أصبح موضة صاعدة بين الشباب المسلم الملتزم يستخدم هؤلاء الدين للطعن في شرف المسلمات والتحريض ضد غير المحجبات.
وقد لاحظت أيضا أنه رغم اتفاق أهل العلم على أن هناك فرق بين المسلم والمؤمن في القرآن، إلا أنهم يريدون فرض الآيات القرآنية على النساء المسلمات ويخلطون بين الفئتين وهذا خلق لنا مجتمعا متدينا تدينا سطحيا.
منذ بداية ظاهرة الصحوة الإسلامية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، انتشرت ظاهرة الحجاب الإسلامي بشكل لم يسبق له مثيل.
قبل ذلك الوقت، كانت هناك مجتمعات في الستينيات لم تكن تعرف هذا الزي، بحيث لم يكن لدى طالبات الأزهر الشريف في تلك الفترة اعتماد الحجاب كجزء من ثوبهن، ولكن اليوم، أصبح الحجاب ظاهرة تكاد تسيطر على المجتمعات الإسلامية.
إقرأ أيضا:ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟اليوم يبدي رجال الدين امتعاضهم وانزعاجهم من المحجبات اللواتي لا يلتزمن باللباس الشرعي كله، ولكن يتجاهلون أن هذه الموضة هي نتيجة تشددهم وغلوهم وفرض أحكام خاصة بالمؤمنات على المسلمات وهو ما فعلته الصحوة الإسلامية.
إقرأ أيضا:
ممارسة ومشاهدة كرة القدم حرام في الإسلام للنساء والرجال
ما هي الصحوة الإسلامية الحركة التي تحتضر حاليا؟
رهاب المثلية الجنسية في العالم الإسلامي إرث الإستعمار الغربي
كيف ساهم رجال الدين والإسلام السياسي في ازدهار الإلحاد؟
عن الإسلام الذي ينشره أندرو تيت بين المراهقين والشباب
تركيا دولة علمانية يرفض شعبها الدستور الإسلامي
موقف الإسلام والمسيحية واليهودية من الذكاء الإصطناعي
أعداء الديمقراطية والعلمانية في الهند وإسرائيل والعالم العربي والإسلامي