تتفق الديانات الإبراهيمية على أن الله خلقنا في صورته وكتب قبل ولادتنا قصتنا، كل واحد منا يعرف الله أو الكاتب الأعظم قصته وطريقه ومصيره، نحن مجرد شخصيات بلا إرادة ومعنا بقية الكائنات الحية في هذا الوجود.
هذه واحدة من أكبر أسس العقيدة الإبراهيمية التي يتفق عليها المسيحيون والمسلمون واليهود، وستجدها واضحة في النصوص الدينية التي تشير إلى أن الله يعرف كل شيء سلفا بل ومقدرا لما سيحدث لنا.
هذا الكلام مؤلم لمن يؤمن بأن الإنسان مخير وصاحب إرادة ولديه الحرية وهو لم يخلق ليكون عبدا بل ليكون حرا وصانعا ومبدعا، أن نكون شخصيات بلا إرادة هي فكرة مخيفة وتقودنا إلى أسئلة فلسفية عظيمة.
إذا كان الله هو الذي كتب قصتنا فلماذا يعاقبنا على شيء كتبه علينا؟ لماذا كتب أن قلة فقط من خلقه سيدخلون إلى الجنة التي تتفق عليها هذه الديانات؟ لماذا كتب أن الغالبية العظمى من البشر مصيرهم النار؟ هل خلقنا الله كي يعذبنا؟ هل الله شرير إلى هذا الحد؟
ما ذنب الشياطين والمخلوقات التي سينتهي بها المطاف إلى النار والله في الديانات الإبراهيمية خلقها لذلك؟ ما ذنب من ولد شيطانا من الشياطين؟ ما ذنب من ولد من الإنس والجن في عائلات على غير الدين التوحيد؟
حسب الديانات الإبراهيمية إذا كتب الله على شخص ما أن يدخل للإسلام أو يتوب سيحدث حتى وإن كان ولد في عائلة ملحدة ومجتمع لا يعترف بالدين، ولكن إذا كتب على شخص أنه لن يهتدي أبدا فلن يحدث ذلك وهذا واضح في القرآن بشكل متكرر (يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) وفي الكتاب المقدس.
إقرأ أيضا:لهذا السبب مظاهرات نصرة فلسطين ممنوعة في الجزائرهذا يعني أن من يختار الطريق الصحيح حسب هذه الديانات لم يصل لذلك بعقله ولا بذكائه ولا يجهده بل كل الفضل في ذلك إلى الله، وبالطبع يرفض رجال الدين النطق بالجزء الثاني من هذه الحقيقة الإبراهيمية بصوت مرتفع وهي أن الله هو الذي يضل من يشاء، لأنهم ينسبون الشر إلى الشيطان والإنسان نفسه.
إذا كانت الحياة قصة كتبها الله ونحن شخصيات مقدر لبعضنا الفوز وللآخرين الخسارة، فما من معنى حقيقة للجنة والنار والحساب فقد اختار الله سلفا من يفوز وقرر في علم الغيب من يخسر وينتهي به المطاف إلى العذاب الأبدي.
الأسوأ من ذلك أن الديانات الإبراهيمية لا تساعدنا في الوصول إلى المعايير التي حددها الله قبل أن يخلقنا ليختار العباد المطيعين ويحدد المتمردين والكفار والمنافقين والشياطين.
يصبح الوضع أسوأ عندما نضع أنفسنا مكان الشياطين، تلك الكائنات التي خلقها الله لتقوم بدور معد لها سلفا وهو تضليل البشرية والمخلوقات والحث على الشر، يلقى بها في الجحيم بنهاية القصة.
عندما تتعمق في هذه الأسئلة وتترك أجوبتك السطحية الجاهزة ستنهمر الأسئلة عليك، ومنها هل الله الذي يعبده بني إبراهيم شرير؟
المرجح في عقيدتنا أن الله أساس كل خير وسعادة وقصته الحقيقية قد لا تكون في الكتب الدينية التي نطلع عليها والحقيقة مختلفة تماما عما نعرفه.
إقرأ أيضا:تأثير الإتفاق السعودي الإيراني على الملف النووي وصراعات المنطقةمعظمنا يميل إلى الحرية ويؤمن أن الله خلقه كائنا حرا عاقلا وبإرادة وهناك عواقب في هذه الحياة قبل أي حياة أخرى، لكن هذا ليس تصور الديانات الإبراهيمية عن الخالق.
في هذه العقائد، الحياة قصة كتبها الله ونحن والشياطين شخصيات بلا إرادة، نقوم ونفعل ما كتبه الله سلفا لنا، وكل واحد منا لديه دور في هذه الرواية المستمرة منذ ملايين السنين.
إقرأ أيضا:
علاج الخوف من الموت هو التحرر من خرافات الدين
العلاقة بين مصر القديمة والماسونية وتشابه رموزهما
الربوبية التقليدية والمعاصرة وحججها العقلانية
سينتولوجيا: كل شيء عن ديانة المشاهير أمثال توم كروز
ما لا يخبرونك به في درس الإلحاد بين الوهم والحقيقة
تجربة مسلم بوذي جمع بين الإسلام والفلسفة البوذية
عندما حارب المسيحيين اليوغا لأنها عبادة شيطانية وثنية!