لا شك أن فيروس كورونا هو الوباء الكبير في عصرنا الحالي، وقد أصاب الملايين وتزداد الوفيات بسببه يوما بعد يوم والخريف القادم قد يكون أسوأ عندما يتطور بسبب الإنفلونزا الموسمية.
التاريخ مليء بالأوبئة التي حلت بمختلف الشعوب حول العالم باختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ودياناتهم، لكن القارئ يجد أن معظمها جاءت تمهيدا لحدث أكبر، المجاعة.
أبسط مثال على أن الوباء والمجاعة يلتقيان هو عام الرمادة في عهد الصحابي عمر بن الخطاب، عندما انتشر الوباء في الشام والعراق وقتل الكثير من المسلمين وأصحاب النبي، بينما شردت الأزمة الإقتصادية الكثير من القبائل العربية في الجزيرة العربية واجتمع آلاف الجائعين في المدينة المنورة ومكة، ولولا المساعدات من مصر وأقطار إسلامية أخرى لهلكت الشعوب.
وبما أن التاريخ يعيد نفسه، فقد رأينا القصة نفسها في روما ومصر وتونس والمغرب والسويد وايرلندا واسبانيا والصين والهند وروسيا والجزيرة العربية والقائمة تشمل كل دول العالم.
المجاعة هي الأزمة الإقتصادية الكبرى التي تحدث الله عنها في القرآن والتي هاجمت مصر في عهد النبي يوسف، والكتب التاريخية والدينية المتنوعة أشارت إليها وإلى قدومها عادة بعد حرب أو وباء أو بالتوازي مع كلاهما.
-
الملايين من الناس يعانون من المجاعة
حسب أحدث الأرقام والإحصائيات التي تنشرها الأمم المتحدة فإن:
إقرأ أيضا:هدف بيل غيتس في ميزان توقعات 2022 للعالم1 من كل 9 أشخاص في العالم يعاني من الجوع وهذا في عام 2019، ومن المنتظر أن يزداد العدد هذا العام مع تفشي وباء فيروس كورونا وفقدان الكثير من الناس لوظائفهم.
690 مليون شخص العام الماضي أي ما يساوي 8,9% من سكان العالم عانوا من الجوع وهذا الرقم سيرتفع بسبب كورونا، ومن المنتظر أن يصل إلى 1 مليار نسمة تقريبا بحلول عام 2030.
تهدد المجاعة حاليا 20 مليون يمني بسبب الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي، ويتفشى الجوع أيضا في العراق وسوريا ولبنان والسودان كما يهدد أعدادا متزايدة في مصر ودول شمال أفريقيا.
-
سياسة الإغلاق والتباعد الإجتماعي
مقابل فرض الحكومات سياسات الإغلاق والتباعد الاجتماعي فشلت معظم الدول حول العالم في انقاذ الأسر والعائلات من تراجع الدخل ومن مشكلة فقدان الوظائف.
الدعم الحكومي مهما كان كبيرا فله حدود، وفي الدول الفقيرة والناشئة مثل دول أفريقيا وآسيا والهند وامريكا اللاتينية تصبح المشكلة أكثر تعقيدا.
هذا ما يجعل نصف سكان الأرض مهددون بالفقر حاليا أما الأكثر فقرا فهم أقرب إلى المجاعة من بقية المتضررين، وهذه مأساة عالمية حقيقية.
أكبر وأهم قطاع وهو السياحة والنقل الجوي العالمي تضرر بقوة، وهو الذي يعمل به على الأقل 300 مليون شخص حول العالم، كما أن للسياحة انعكاسات إيجابية على البلدان المضيفة.
إقرأ أيضا:رؤية الإمارات لقطاع غزة بدون حماس وفلسطين بدون عباسزاد الواقع الجديد من المأساة فسقطت الكثير من الشركات وحاول آخرين استغلال التحول إلى التجارة الإلكترونية فنجح البعض وفشل الآخر.
-
علاقة الوباء مع المجاعة
تفشي فيروس إيبولا عام 2014 في سيراليون أدى إلى تفشي المجاعة في البلاد، وهذا لأن معظم المدن دخلت في حالة من السبات والإغلاق.
إقرأ أيضا:ما هي دروس الرعاية الصحية الكبيرة من وباء كورونا؟تاريخيا شكل الطاعون ضربة للسياحة والتجارة والنقل الدولي، حيث بمجرد أن ينتشر الخبر بأن الوباء قد تفشى في بلاد معينة، فإن التجار يتفادون السفر إلى هناك لعرض بضائعهم وبيعها.
وفي عصرنا الحديث فإن الإنتاج الغذائي والتوزيع أفضل، لكنه مهدد بالمشاكل القديمة حيث توقف الطيران والنقل التجاري وغلاء أسعار المواد وتفادي الكثير من التجار فتح أبوابهم يؤدي إلى الواقع نفسه.
الشركات المتوقفة عن العمل والأنشطة التي أغلقت والأعمال التي أصبح ممارستها ممنوعا أو صعبا في أزمة كورونا، تعني فئات كبرى من الناس لا دخل مادي لهم، وهؤلاء الأكثر عرضة للمجاعة.
إقرأ أيضا:
بعد انهيار اقتصاد سوريا ولبنان الدور على العراق ولاحقا الجزائر
المجاعة: كل شيء عن الأزمة الإقتصادية الأعظم
الأزمة الإقتصادية مفتاح أزمة فيروس كورونا لقتل ملايين البشر