استغلال قبيح ووقح للمآسي ومعاناة الضحايا والمتضررين
ما أكثر حملات التبرع على فيس بوك والمنتديات ومختلف مواقع الويب هذه الأيام، وفي صدارتها بالوقت الحالي حملات التبرع وجمع المال لضحايا الأزمة السورية، وأيضا رأينا حملات التبرع للفقراء والمساكن والمشردين وتوفير ظروف حياة أفضل لهم، ولا ننسى التبرع لدعم القضية الفلسطينية العادلة ومواساة ضحايا الزلازل والكوارث الطبيعية التي تزور من وقت لآخر بلدان المنطقة.
هي قضايا كثيرة بالرغم من تعدد مسمياتها وأسبابها وظروفها إلا أنها استلزمت من الجمعيات والناشطين وعامة الناس الوقوف إلى جانب الإنسانية، وقد نتج عن ذلك الكثير من حملات التبرع في الواقع على الشبكات الاجتماعية والمنتديات ورأينا أيضا سلسلة من مواقع الويب التي أنشئت لجمع المال لفائدة الضحايا.
هذا ما تقوله هذه الحملات، نحن مع الإنسانية ونعمل لأجل الإنسانية ونريد للإنسان في كل مكان من أنحاء المعمورة أن يكون بخير، وهي تستغل حاليا الشبكات الإجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي والتقنية لخدمة الإنسانية.
إلى هنا كل شيء صحيح ونحن نشجع الجمعيات الصادقة والأشخاص الصادقين على تحقيق هذه الغايات التي تخدم الإنسان، فجمع التبرعات لأجل الفقراء في بلد معين يمكن أن يخفف عنهم مآسي الفقر ويمكن من خلال الأموال المحصل عليها عمل مشاريع لتشغيلهم وتوفير فرص العمل، أيضا يمكن بها توفير المأوى للمشردين نتيجة الحروب والكوارث الطبيعية وحتى أخطاء المجتمع وهذا من شأنه أن يخفف من الأزمات أو يضع حدا لبعضها أيضا.
إقرأ أيضا:14 يوما من حجب الإنترنت في السودان والعد متواصل!لكن ما لا يعرفه الناس حقا هو أن هناك الكثير من الجمعيات والأشخاص والحملات التي تستغل هذه المعاناة الانسانية لتحقيق مآرب وطموحات شخصية!
نعم، إلى جانب الألم الذي نشعر به اتجاه الأزمات الإنسانية التي تعيشها المنطقة والعالم بغض النظر على الضحايا هل هم من المعارضة أو النظام، وهل هم مسلمين أم من دين آخر أو حتى ملحدين، يضاف إلى ذلك الحزن والألم من الوجه القبيح لحملات التبرع على فيس بوك والويب.
الحقيقة أن هناك حملات حقيقية من يديرها بالفعل يعملون بنية صادقة لكن المؤلم فعلا أنه بذات الوقت هناك أشخاص وجهات تعمل على استغلال معاناة الأفراد التي تم التطرق إليها سابقا لأجل تحقيق ثروة مالية وتحويل التبرع إلى تجارة مربحة بالنسبة لهم، سواء من خلال سرقة المال كليا أو أخد قسط منه وفي كلتا الحالتين ما يتم جمعه لا يصل كله إلى الضحايا بل أيضا يمكن أن يصل إلى جهة معينة مثل حزب أو فصيل مشارك في الحرب الأهلية يستغل تلك الأموال في شراء المزيد من السلاح وبالتالي استمرار دورة التقتيل وسقوط المزيد من الأبرياء ضحايا لهذه المعارك التي لا تميز بين المعتدي والمعتدى عليه والخاسر الأكبر فيها هم الجميع.
- تبرعات للاجئين السوريين وصلت إلى جماعات وفصائل مشاركة في الحرب الأهلية
نعم إنها الحقيقة، رأينا هؤلاء الذين ينشرون صور اللاجئين السوريين في ظروف قاسية وهم بالفعل بحاجة إلى مساعدة من العالم بأسره، جزء منهم ينتمي إلى جماعات إرهابية مثل داعش حصلوا على الأموال من خلال حملات التبرعات التابعة لهم سرا والتي تظهر على أنها جمعية مكلفة بجمع المال وستقدم على استثماره في شراء الغداء والبطانيات للاجئين لتستغل عواطف الناس الذين قرروا المشاركة فيها بإنفاق أموالهم والتبرع لأجل اللاجئين وللأسف هذه الأموال لم تصل للضحايا والمعنيين بالضرر بل إلى خزينة داعش وبعض الجهات الأخرى المشاركة في الحرب!
إقرأ أيضا:حظر تيك توك مع تنامي احتجاجات أسعار الوقود في الأردنوبالعودة إلى 2013 نجد أن وزارة الداخلية السعودية والشرطة هناك قد أحبطوا أكثر من حملة تم اكتشاف أن أموالها لن تذهب إلى المتضررين من اللاجئين ودعم عمليات الإغاثة في المناطق المنكوبة بل ستسلم إلى داعش والمجموعات المصنفة دوليا بأنها خارجة عن القانون والإنسانية بشكل عام.
- عشرات حملات الإغاثة يشاركها الناس هي في الحقيقة وهمية
لا يحتاج القائمون على حملات التبرع لأجل سوريا أو أية قضية انسانية أخرى التسويق الكبير لحملتهم مجرد الإعلان عنها من طرف أحد مشاهير فيس بوك والشبكات الاجتماعية كافية لنرى متابعوه يعملون على مشاركتها ونشرها ودعوة أصدقائهم للمشاركة في التبرع.
هذا أفرز بالفعل واقعا مستجدا على الشبكات الإجتماعية وهو أنه مع وقوع كارثة طبيعية أو اجتماعية تخصنا في العالم العربي نلاحظ العشرات من المنشورات التي تروج للكثير من حملات التبرع المتكاثرة على هذه المواقع والتي لا تخضع للمراقبة ولا للتحقق، فقط يعمل أصحابها على جمع المال لكن أين هي النتائج؟ وإلى أين وصلت الأموال؟ وفيما تم استثمارها فعلا؟ قليلة هي الحملات التي نرى نتائجها وهذا يجعلنا ننظر بعين الريبة إلى كثرة حملات التبرع وقلة النتائج التي يتم الإعلان عنها.
- استغلال وقح لمشاعر الناس والدين في سبيل تحقيق مآرب شخصية دنيئة
هناك ثلاثة دوافع تجعل الناس في الواقع يشاركون في حملات التبرع ويتم استغلالها ضدهم في الحملات الوهمية، الأول هو شعورهم بالحزن اتجاه المآسي والثاني هو استغلال الدين الذي يحث على الخير والدافع الثالث هو الرياء!
إقرأ أيضا:بوتين يراقبك… نظام الرقابة الروسي الشبيه بنظام الصين الرقميهذه الدوافع كافية ليكون الاقبال على حملات التبرع جيدة ولتحقق نجاحا كبيرا على الشبكات الاجتماعية والمنتديات، لكن هذا النجاح ما يلبث أن يكون خبرا سرا ليتحول إلى مأساة عندما تعرف أنه تم النصب عليك خصوصا إذا تأكد لك أن الجهة التي أخدت منك المال للتبرع سرقته منك في الواقع.
وبالعودة إلى البيان الرسمي الذي أصدرته العديد من الجهات الحكومية في السعودية التي شهدت انتشارا للكثير من هذه الحملات، نجد أنها اتفقت على وجود حملات تبرع وهمية يديرها على الشبكات الاجتماعية أشخاص عاديون يحصلون من خلالها على الأموال لأنفسهم ومن بينهم أيضا دعاة وشيوخ غير معروفين وجمعيات بأسماء لا وجود لها في الواقع.
نهاية المقال:
ليست كل حملات التبرع بنفس المستوى من الصدق، الحقيقة التي تزيد الواقع سواء هي أن العشرات منها وهمية بعضها يذهب لجيوب منظميها والبعض الآخر يذهب لصالح داعش والعديد من المجموعات التي تستغلها في شراء السلاح وقتل المزيد من الأبرياء.
ولا تتحجج لي بأنك تبرعت وانتهى الأمر وأنك لا تتحمل أية مسؤولية في وصول التبرعات إلى المعنيين، أنا وأنت وجميع من يشاركون في هذه الحملات ملزمين بأن نعرف إلى أين تذهب هذه الأموال ونتحمل أيضا مسؤولية ذلك، ومن حقنا أن نعرف ونرى النتائج ونتأكد من صدق الحملة، لذا أرى شخصيا أن الجهات التي تجمع هذه التبرعات ولا تكشف عن حقيقة مصيرها وفيما تم استغلالها مشكوك بها ويجب التحذير منها وابلاغ الجهات المعنية عنها بدل الترويج لها.