تتصاعد تيارات اليمين القومي الشعبوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تحمل فكرة واضحة، لسنا عربا العرب هم بدو الصحراء في الخليج العربي، الحجاب لا يمثل هوية المرأة المصرية والسورية والمغربية…
تختلف أسماء تلك التيارات لكنها كلها تقع في اليمين، ولا علاقة لها بالتيار اليساري أو العلماني الليبرالي، وإن كانت تنادي إلى تخفيف قبضة الدين الإسلامي وربما حتى محاربته لأنه دين جاء به البدو من صحراء شبه الجزيرة العربية إلى هذه الدول.
حتى الآن لا توجد حرب مباشرة بين اليمين القومي الشعبوي والإسلام، يتم التركيز فقط على نبذ العروبة واللغة التي يشترك فيها شعوب المنطقة، لكن الدين يوجد على القائمة وهو السبب الأساسي للغزو العربي الإسلامي للمنطقة.
قبل سنوات أنتج لنا اليمين المتطرف داعش والنصرة والتيارات السياسية الإسلامية الفوضوية، والآن جاء اليمين مجددا بفيروس آخر وهي القومية الشعبوية.
وبينما هناك مزايا لهذا الحراك الاجتماعي الثقافي على الإنترنت، إلا أن خطاب الكراهية والعنصرية المتزايدة والإصطدام القوي بين الشعوب وتغني كل شعب بأصوله وحضارته وتفاخره بماضيه على الشعوب الأخرى يزيد الإحتقان والكراهية ويهدد العلاقات بين الشعوب.
يظهر اليمين القومي الشعبوي على مستوى القيادة في تونس، حيث الرئيس قيس سعيد تبنى لغة متطرفة ضد المهاجرين وتبنى نظرية المؤامرة في إعصار ليبيا، وساعد بالطبع على نشر الجهل والعنصرية بشكل كبير في بلاده الذي لطالما كانت رمزا للتعايش.
إقرأ أيضا:هل ينتقل كيليان مبابي إلى الهلال السعودي؟وبينما يسلط اليمين القومي الشعبوي الضوء على أزمة الهوية خصوصا لدى شعوب شمال أفريقيا التي لا يتفق فيها الأفراد على تعريف موحد لهم، وهي مشكلة يجب معالجتها، غير أن خطابه يحمل العنصرية ويمكن أن يهدد الأمن القومي لهذه البلدان.
ويحارب اليمين القومي الشعبوي في مصر مثلا العروبة، ويرى أن مصر تعرّبت عنوة، وهو منقسم على نفسه بين فريقين، الأول يريد العودة إلى الفرعونية المصرية وصنف آخر اختار القبطية المصرية.
وسواء كان الأمر متعمدا أم لا ففي كلتا الحالتين، يجد الإسلام نفسه في خطر، حيث يريد هذا التيار إعادة مصر إلى ما قبل الغزو الإسلامي.
لهذا السبب يدق مفكرين إسلاميين وعرب ناقوس الخطر مؤكدين أن هناك فعلا حراك حقيقي لضرب الإسلام في مقتل بهذا البلد، من خلال القومية الشعبوية اليمينية التي تدعو الشعب المصري إلى الإنغلاق عن نفسه ويحارب أي روابط بين هذه الدولة وشبه الجزيرة العربية.
يركز أيضا هذا التيار على هوية المرأة المصرية التي يؤكد بأنها في الأصل كانت تلبس ملابس ملونة بهيجة وتفتخر بأنوثتها قبل أن يقمعها الإسلام بالملابس السوداء والحجاب والنقاب.
وفي هذا الصدد قال علاء البحيري، مؤسس صفحة “مصر التاريخ والحضارة” على فيسبوك: “ملابس المرأة كانت أكثر حرية وتنوعاً، إذ كانت تتخذ من الطبيعة تصاميم وألواناً لملابسها، بعكس اللون الأسود الذي أصبح الغالب على ملابس النساء مع المد الثقافي العربي، إذ عمت العباءات السوداء البلد”.
إقرأ أيضا:هل يمكن استخدام زيت النخيل للقلي بما أنه أرخص؟كما ينتقد ترويج الجماعات الدينية لفكرة أن الحضارة المصرية هي حضارة وثنية، مؤكدا على أنها الحضارة التي صنعت الأخلاق.
ويمكن فهم صعود تيار الهوية المصرية والتيارات اليمينية القومية في شمال أفريقيا وسوريا والعراق إلى أسباب سياسية منها فشل مشروع الإسلام السياسي وقبله مشروع القومية العربية اليسارية.
ويدافع الإسلام السياسي على توحيد شعوب المنطقة والشعوب الإسلامية الأخرى بمختلف لغاتها واعراقها في دولة إسلامية موحدة لديها عاصمة واحدة كما هو الحال في عصر الخلافة الإسلامية، فيما يرى مشروع القومية العربية انشاء اتحاد عربي يتضمن الدول العربية كافة لمواجهة الأطماع الأجنبية.
إقرأ أيضا:لماذا لا نستطيع العيش في المريخ؟كلا المشروعين فشلا بالفعل ويبدو أنه جاء وقت مشروع آخر لديه نقاط ضعف كثيرة وهو التيار القومي اليميني الذي يحاول إحياء حضارات ودول ما قبل الإسلام والعروبة.
لا نستبعد في حال نجح هذا التيار في القضاء على وحدة العرب والعروبة لدى شعوب المنطقة في أن يتطرف أكثر ويختار حربا مباشرة ضد الإسلام ما سيعزز من موقف الإلحاد الذي ينتشر في المنطقة في ظل تصاعد الشك العقلاني لدى الشباب واحباطهم من فشل الثورات العربية.
إقرأ أيضا:
أزمة الهوية عند شعوب شمال أفريقيا من مصر إلى المغرب
ما الفرق بين القومية والوطنية ولماذا الأولى عنصرية؟
فوضى القومية بعد أوهام الخلافة الإسلامية والوحدة العربية
كيف تكون مواطن عالمي من الطراز الرفيع؟
ما هي الوحدوية الروسية التي يؤمن بها فلاديمير بوتين؟