عندما شنت روسيا الحرب العدوانية ضد أوكرانيا، لم يكن الرئيس فلاديمير بوتين يتوقع أن حربه ستدفع فنلندا والسويد إلى أحضان حلف الناتو بل إن أوكرانيا نفسها مصرة على الإنضمام.
واليوم ساهمت الحماقة التي ارتكبها بوتين في تسريع محاصرة روسيا، بل وتقوية موقف الناتو وتمدده شرقا إلى الحدود الروسية الغربية.
لأكثر من 200 عام، كان للسويد تاريخ طويل من عدم الانحياز العسكري الذي شكلته نهاية الحروب النابليونية، والتي شهدت قيام الحكومة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا وسمحت للبريطانيين باستخدام بوميرانيا السويدية كقاعدة عسكرية.
دفع نابليون روسيا والدنمارك لإعلان الحرب على السويد، التي خسرت في النهاية أمام التحالف القوي، قالت آنا ويزلاندر، مديرة شمال أوروبا في المجلس الأطلسي، لمجلة تايم: “كان على السويد الانسحاب من سياسة القوة في شمال أوروبا حوالي عام 1809، حصلنا على ملك فرنسي جديد، برنادوت، وانسحبنا لأننا كنا ضعفاء للغاية، منذ ذلك الحين، حافظنا على هذا الموقف، لكن لم تكن المعاهدة ملزمة أبدًا بالسويد، كان الأمر دائمًا يتعلق بالملاحة والمناورة في السياسة الأوروبية”.
منذ مناقشات في السويد حول ما إذا كانت البلاد يجب أن تنضم إلى الناتو أم لا، وتأتي هذه المناقشات بسبب التغيرات الأمنية في منطقة البلطيق والتهديدات المحتملة التي تواجهها السويد، بما في ذلك النشاط العسكري الروسي في المنطقة، ثم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا أصبح الإنضمام قضية اجماع وطني هناك.
إقرأ أيضا:عن تحرر محمد عبد الوهاب رفيقي من الفكر السلفي الوهابيوجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب نُشر في سبتمبر من ذلك العام أن 74٪ من السكان السويديين يؤيدون انضمام البلاد إلى الناتو.
عندما انضمت السويد إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1995، قالت ويزلاندر إنها أسقطت الحياد رسميًا لكنها احتفظت ببعض خصائص التقاليد، وتضيف: “عندما تكون عضوًا في الاتحاد الأوروبي، لا يمكنك حقًا أن تكون محايدًا لأنه تحالف سياسي”، مشيرة إلى بنود التضامن في الاتحاد الأوروبي التي تتطلب من الدول الأعضاء التصرف في انسجام تام.
يدعم الشعب السويدي الانضمام إلى الناتو، مشيرين إلى أنها توفر حماية أمنية وتعزز العلاقات مع دول أخرى في المنطقة وتعزز مكانة السويد في السياسة الدولية.
ويشير المؤيدون إلى أن السويد تواجه تحديات أمنية متزايدة، بما في ذلك النشاط العسكري الروسي في المنطقة، وأن الانضمام إلى الناتو سيعزز قدرتها على مواجهة هذه التحديات.
في حين تم التصديق على عضوية فنلندا من قبل جميع الدول الأعضاء في أبريل، منع أردوغان محاولة السويد، متهماً الدولة بإيواء المنفيين الأكراد المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني الانفصالي (PKK)، والذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة إرهابية.
وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، خلال قمة الحلفاء في فيلنيوس ليلة الاثنين، أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قد أسقط تحفظاته حول انضمام السويد إلى الحلف، وتعهد بعرض بروتوكول العضوية على البرلمان السويدي “في أسرع وقت ممكن” للحصول على موافقته.
إقرأ أيضا:عن فشل طائرة الشبح الصينية J20 المتخلفةويعد هذا التقدم الكبير ضربة لروسيا التي كانت تعول على أن تلعب تركيا دور المعرقل الكبير لتوسع الناتو شرقا إلى الحدود الروسية.
بل ذهب أردوغان للقول أن أوكرانيا تستحق الإنضمام إلى الناتو، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة الماضي، إن أوكرانيا تستحق الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو).
لدى السويد حدود برية مع روسيا تبلغ طولها حوالي 1340 كيلومترًا، وتمتد هذه الحدود عبر منطقة لابلاند الشمالية في السويد ومنطقة مورمانسك في روسيا.
وتشكل الحدود السويدية الروسية جزءًا من الحدود الشمالية للناتو، وتعتبر المنطقة منطقة حساسة من الناحية الأمنية، حيث يتمركز الجيش الروسي بشكل كبير في المنطقة المجاورة للحدود السويدية.
إقرأ أيضا:محاولة اغتيال دونالد ترامب: هل تندلع الحرب الأهلية الأمريكية الثانية؟وتواجه السويد تحديات أمنية متزايدة جراء النشاط العسكري الروسي في المنطقة، ولذلك تشعر السويد بالحاجة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتحسين العلاقات مع دول الناتو للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويضاف انضمام السويد لحلف الناتو إلى خسائر روسيا المتعددة منها انضمام فنلندا إلى الحلف وأيضا خسارة السوق الأوروبية التي تصدر إليها الغاز والنفط وتشكل مصدرا أساسيا للدخل القومي لها، وتعرضها للعقوبات الاقتصادية والتجارية الدولية.
إقرأ أيضا:
هل يقود بوتين جيشه إلى حرب روسيا وفنلندا كما فعل ستالين؟
انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو خطأ بوتين
انضمام فنلندا إلى الناتو رسميا مكسب للغرب بفضل روسيا
حلف الناتو العربي مفتاح السلام والرخاء في الشرق الأوسط