وافق البرلمان التركي على انضمام فنلندا إلى الناتو، على أن تنضم الدولة الأوروبية التي تشترك أكبر حدود مع روسيا إلى الحلف الأطلسي قبل أغسطس 2023، وهي انتكاسة جديدة لموسكو ضمن مسلسل هزيمتها في أوكرانيا.
وافقت كل دول التحالف على هذه الخطوة، وجاءت الموافقة البرلمانية بعد أن وافقت الهيئة التشريعية المجرية على مشروع قانون مماثل في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
وكان الحلف الأطلسي قد تراجع دوره وأهميته في السنوات الماضية قبل الحرب الروسية الأوكرانية التي أعادت الدماء بقوة إلى هذا الحلف ودفعت أعضاءه إلى ضخ المليارات في التسلح والإستعداد لعودة الحروب إلى القارة العجوز.
منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفياتي وازدهار الإتحاد الأوروبي سعى الغرب لتبقى القارة بعيدة عن الحروب، فيما انفتحت روسيا من خلال اقتصاد رأسمالي وتحولت إلى مصدر مهم للغاز الطبيعي والنفط والفحم إلى أوروبا.
حافظت موسكو على مكانتها الجديدة وطورتها وقدمت الطاقة بأسعار منخفضة إلى ألمانيا وأوروبا واستفادت ماليا كثيرا من ذلك وعاد اقتصادها للصعود لكنها تظل أصغر مما كان عليه الإتحاد السوفياتي من قبل.
حتى مع تدخلها في سوريا وتمكنها من القضاء على مشروع أنبوب الغاز القطري التركي الذي كان هدفه هو توفير بديل للغاز الروسي في أوروبا ظل الإتحاد الأوروبي والغرب يعتبرون روسيا مصدرا موثوقا به في مجال الطاقة إلى أن جاءت الحرب.
إقرأ أيضا:عام صعود اللاإنجابية مع انهيار قيمة التوالدوفرت هذه الحرب دليلا واضحا على أن واشنطن محقة في تحذيرها للأوروبيين على مدار السنوات الماضية من الإعتماد على روسيا لأنها دولة توسعية وستحاول مع مرور الوقت استعادة الدول التي استقلت عنها وتتراجع عن تعهداتها.
وكانت الحرب الروسية الجورجية عام 2008 ومن ثم غزو القرم 2014 علامات انذار للأوروبيين، لكنهم كانوا يحسنون الظن إلى موسكو أكثر من اللازم إلى أن جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتكون مناسبة للإبتعاد عن موسكو.
وبينما تمكن التكتل الأوروبي من التخلص من الطاقة الروسية بشكل أسرع من المتوقع ويتجه للحظر الكلي للغاز بعد النفط، فقد استعاد الناتو حيويته ولجأت غليه السويد وفنلندا.
انضمام فنلندا إلى الناتو رسميا هو مكسب للغرب بالفعل وخطوة طبيعية من هذه الدولة لتأمين نفسها من الأطماع الروسية، من الطبيعي بعد الغزو الروسي الأخير أن تتخوف الدول الجارة لها من عمليات مشابهة تستهدفها.
اليوم عند النظر إلى آسيا الوسطى نجد أن هذه الدول الحليفة لروسيا ابتعدت عنها هي الأخرى واختارت بيع نفطها وغازها أكثر للإتحاد الأوروبي وأصبحت متخوفة منها أكثر، وتعد كازاخستان أبرز مثال على ذلك وهي دولة لديها موقف متشدد اتجاه موسكو.
مع مرور الأشهر واستمرار الحرب المؤلمة لكافة دول العالم تصبح روسيا أكثر عزلة، خصوصا وأنها لم تنتصر على أوكرانيا أو تفرض موقفها ولا تستطيع ذلك.
إقرأ أيضا:جهود العراق لمكافحة التغير المناخي وعقلية النفطقبل هذه الحرب كانت روسيا بخير وذات اقتصاد أفضل وجزء من المجتمع الدولي ومصدر أساسي للطاقة إلى أوروبا، اليوم خسرت السوق الأوروبية الكبرى دون أن تستطيع أسواق تشتري منها ما كانت تصدره إلى أوروبا لوحدها، ومن جهة أخرى سمحت بتهورها للناتو بالتقدم أكثر إلى الشرق.
حتى أوكرانيا من الواضح أنها تريد الإنضمام إلى الغرب أكثر سواء الإتحاد الأوروبي كعضو او الناتو كي لا تتعرض مستقبلا لحرب كبرى مثل هذه لأن روسيا لا أمان منها.
ربما لو أدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذا ما سيحدث لفضل الحوار والدبلوماسية مع أوكرانيا عوض الحرب التي جعلت الأوكرانيين اليوم أكثر كرها لروسيا من أي وقت.
تضاف الحرب الحالية إلى الـ”هولودومور” أو “القتل تجويعا” الذي شهدته البلاد بين عامي 1932 و1933 عملا متعمدا و”إبادة جماعية” قام بها نظام ستالين بهدف القضاء على الفلاحين، والتي تسببت في مقتل 3.9 مليون شخص أي نحو 13 في المئة من السكان.
إقرأ أيضا:زيت النخيل المزروع بديل زيت النخيل المسرطنمن المرتقب أن تنضم السويد هي الأخرى، أما بقية الدول المحيطة بروسيا فهي بدون شك ستكون أكثر حذرا واستعدادا اكثر من أي وقت مضى للدفاع ضد أي غزو روسي.
إقرأ أيضا:
انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو خطأ بوتين
حلف الناتو العربي مفتاح السلام والرخاء في الشرق الأوسط
هل تستطيع أوكرانيا تنظيم كأس العالم 2030 مع اسبانيا والبرتغال؟
لهذه الأسباب السعودية تدعم أوكرانيا وتصفع روسيا
المغرب وتونس يلعبان لعبة ذكية وخطيرة مع النفط الروسي
اعتماد الروبل الروسي في مصر قد يدمر الجنيه المصري
لماذا من مصلحة العرب انتصار أوكرانيا على روسيا؟