علوم

جيبوتي في قلب الصراع الصيني الأمريكي

في عام 2018 حذرت الإمارات منافستها الصين من أنشطتها المتنامية في جيبوتي، ثم رفضت الحكومة تسليم ميناء دوراليه الإستراتيجي إلى بكين بناء على ضغوط أمريكية.

وعلى الرغم من أن سلطات جيبوتي حاولت مرارا وتكرارا تفسير مسألة رفض تسليم ميناء دوراليه إلى الصين، إلا أن الوعد الشفهي من جيبوتي لم يتمكن من تهدئة المخاوف المتزايدة في واشنطن.

وقال الجنرال البحري الأمريكي توماس دي فالدهوزر إنه “إذا استولى الصينيون على هذا الميناء، فقد تكون العواقب وخيمة”، وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ: “نأمل أن يتمكن الجانب الأمريكي من النظر بموضوعية ونزاهة إلى تنمية الصين والتعاون الصيني الأفريقي”.

وفي السياق نفسه، وعلى الرغم من وعد حكومة جيله باحترام المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، فإن واشنطن لا تنظر بشكل إيجابي إلى آفاق السياسة الإقتصادية لجيبوتي في الظهور كمركز تجاري مهم في القرن الأفريقي.

ومن المهم أن نلاحظ أن الدين الخارجي العام لجيبوتي قد ارتفع من 50% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 104% في عام 2018 حيث يأتي معظم الإقراض من الصين.

على هذه الخلفية، في أحسن الأحوال، يمكن أن يوفر اعتماد جيبوتي المتزايد على القروض الصينية نفوذا للصين للتدخل في شؤون البلاد المحلية والدولية المختلفة، وفي أسوأ الأحوال، قد ينتهي الدين الصيني المتضخم إلى تحويل جيبوتي إلى دولة تابعة للصين في القرن الأفريقي.

إقرأ أيضا:الوباء القادم سيكون أسوأ وقد يكون سلاحا بيولوجيا

وتشارك الجهات الفاعلة العالمية التي لها قواعد عسكرية في جيبوتي في توسيع مصالحها لتشمل البلدان المجاورة للتوافق والتوافق مع الجهات الفاعلة المحلية التي قد تؤدي، في أحسن الأحوال، إلى إثارة التوترات، وفي أسوأ الأحوال، إلى إشعال حرب شاملة.

في الواقع، ليس الهدف هنا شيطنة الوجود العسكري للجهات الفاعلة العالمية في جيبوتي، بل إظهار أنه “الصندوق الأسود” لخطر يلوح في الأفق في المنطقة وهو الخطر الذي ينشأ من المنافسة على السيطرة على المنطقة.

ويتصاعد الصراع على هذه المنطقة خصوصا وأنها نقطة تلاقي بين القارات الأفريقية والآسيوية والأوروبية، ويمر مضيق باب المندب، الذي يعد ممرًا بحريًا حيويًا يربط البحر الأحمر بخليج عدن نحو 30% من حركة التجارة العالمية.

لكن مع وجود مشاريع بديلة لقناة السويس وممرات اقتصادية وتجارية جديدة والتي تعمل عليها القوى المختلفة من الصين إلى روسيا والهند والولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل والإتحاد الأوروبي، يأمل كل هؤلاء في إيجاد طرق جديدة أقصر وأقل تكلفة للتجارة العالمية.

وفي انتظار تحويل تلك المشاريع ومنها الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي الشرق الأوسطي، وممر بحر الشمال، والممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ومشاريع أخرى، من خطط على الورق إلى مشاريع في الواقع، ستستمر المنافسة القوية على جيبوتي.

تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية في جيبوتي تعرف باسم “قاعدة ليمان”، وتستخدمها لأنشطة مكافحة الإرهاب والدعم اللوجستي في المنطقة. بالمقابل، بنت الصين قاعدة عسكرية في جيبوتي تُعرف باسم “قاعدة جيبوتي البحرية”، وتستخدمها لدعم عمليات قوات حفظ السلام ومكافحة القرصنة وحماية مصالحها الاقتصادية.

إقرأ أيضا:ماذا يعبد الماسونيين؟ نظرة على عقيدة الماسونية

تتنافس الولايات المتحدة والصين أيضًا في مجال الاستثمار والتجارة في جيبوتي، تعد الأخيرة جزءًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وتستفيد من الإستثمارات الصينية في البنية التحتية والموانئ والسكك الحديدية، ومن جانبها، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز التجارة والاستثمار وتوفير الدعم للشركات الأمريكية في المنطقة.

إقرأ أيضا:ازدهار تجارة الدراجات الهوائية بفضل التغير المناخي

تهدف الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية مع جيبوتي لتعزيز الاستقرار في المنطقة وحماية مصالحها، بالمقابل، تسعى الصين إلى تعزيز تواجدها الإقليمي وتعزيز العلاقات الإقتصادية والسياسية مع جيبوتي لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.

إقرأ أيضا:

أهمية جيبوتي وكيف تحولت إلى بلد القواعد العسكرية الأجنبية

هل تنجح روسيا في احتلال أفريقيا بعد محاولتها الفاشلة 1889؟

روسيا تدعم اثيوبيا لبناء قاعدة عسكرية بحرية لمواجهة مصر

بريكس: مقارنة بين اقتصاد اثيوبيا ومصر والجزائر

دور مصر الخفي في حرب اثيوبيا ضد تيغراي الأهلية

سد النهضة اقتصاديا وسياسيا: مصر اثيوبيا الصين أمريكا السودان

السابق
حملة “Freedom From Facebook” لتفتيت وتقسيم فيس بوك
التالي
تحقق وحدة التدريب اليومية واحداً أو أكثر من الأهداف .