يتبع المغرب المذهب المالكي السني ويتبنى الصوفية كأفضل نسخة انسانية من الإسلام وهو الذي يمول الفرق الصوفية برعاية ملكية لقرون ويرعاها محليا وفي السنغال ونيجيريا ودول غرب أفريقيا.
يعد المغرب واحدًا من الدول التي تتمتع بتاريخ طويل وحافل في دعم الصوفية وتبني سياسة دينية تعزز التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية.
لماذا يدعم المغرب الصوفية والإسلام الصوفي؟
التوجه الراسخ في السياسة المغربية تحث القيادة الملكية يعكس فهمًا عميقًا لدور الصوفية في نشر قيم المحبة والسلام والاعتدال الديني، على عكس السلفية والإخوان والفرق التي تتبنى خطاب العنف والتكفير.
كما أن الدعم المغربي الذي يقدم بالملايين من الدولارات لهذه الزوايا والطرق الصوفية محليا وأفريقيا وحتى عالميا، يجعله أكبر بلد داعم للصوفية.
يمثل دعم المغرب للصوفية والسياسة الدينية المعتدلة نموذجًا يحتذى به في العالم الإسلامي، من خلال تعزيز التسامح والمحبة، تسهم الصوفية في بناء مجتمع متماسك وآمن، ومع استمرار الدعم الحكومي والتحديث المستمر.
ولدى الفرق الإسلامية الصوفية تفهما أكثر للتطور والتحضر وليس لديها مشاكل مع منح النساء المزيد من الحقوق وما إلى ذلك من مفاهيم الحداثة على عكس السلفية المتشددة والتي تتمسك بالفهم الحرفي للقرآن والأهم فهم السلف له وتغييب العقل.
عدد الزوايا الصوفية في المغرب
تعد الزوايا الصوفية جزءًا أساسيًا من البنية الروحية والاجتماعية في المغرب، وهي منتشرة في العديد من المدن المغربية مثل فاس ومكناس وبركان وتارودانت ومراكش وعدد من المناطق الأخرى.
إقرأ أيضا:توقعات 2022 للعالم بخصوص فيروس كورونا والفيروس القادمتتواجد هذه الزوايا أكثر في المناطق الريفية والقروية، بعيدا عن المدن الحديثة، وهي تتواجد على نطاق واسع في المملكة.
وفقًا لتقارير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، يوجد في المغرب حوالي 5000 زاوية صوفية منتشرة عبر مختلف المناطق، هذه الزوايا تلعب دورًا مهمًا في التعليم الديني والتربية الروحية والخدمة الاجتماعية.
تتلقى هذه الزوايا الدعم سواء من الحكومة أو من رجال الأعمال والأثرياء الذين يعتزلون هناك لأيام ويلجؤون إلى هذه الزوايا من وقت لآخر.
وتعد الأذكار الإسلامية مثل الصلاة على النبي محمد والاستغفار وتعظيم الله، من أكثر الأنشطة التي تحدث هناك، ويكون بها ضريح لرجل زاهد ومسجد ومدرسة لحفظ القرآن ومذبح حيث يتم ذبح الأبقار واطعام المساكين والزوار.
الدعم المالي للإسلام الصوفي في المغرب
في عام 2023، خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ميزانية تقدر بحوالي 50 مليون درهم مغربي لدعم الأنشطة الصوفية، بما في ذلك تنظيم المهرجانات الدينية وإعادة تأهيل الزوايا، كما تم تخصيص 20 مليون درهم لترميم وصيانة المباني التاريخية للزوايا.
هذا يعني أنه خلال ذلك العام تم إنفاق 5 مليون دولار على دعم هذه الزوايا وتصل الميزانية في بعض السنوات إلى 7 مليون دولار أمريكي.
كما يرعى المغرب المذهب المالكي والتصوف في بلدان غرب أفريقيا خصوصا نيجيريا والسنغال وعدد من الدول المجاورة حيث المغاربة هم من نشروا الإسلام هناك.
إقرأ أيضا:حرب الشركات ضد رحلات الطيران بسبب عيوب السفر الجويوتعد الزاوية البودشيشية أكبر زاوية يدعمها المغرب إلى جانب التيجانية وفرق أخرى معرفة ليس فقط محليا، بل دوليا ويأتي عشاقها من الدول الإسلامية لزيارتها.
أبرز مهرجانات الصوفية في المغرب
ينظم المغرب العديد من المهرجانات الدينية التي تحتفل بالتصوف وأعلامه، من أبرز هذه المهرجانات:
مهرجان فاس للثقافة الصوفية: يجذب هذا المهرجان السنوي الآلاف من الزوار من داخل المغرب وخارجه، في عام 2022، حضر المهرجان أكثر من 50000 زائر، مما يعكس الاهتمام الكبير بالتصوف.
موسم مولاي عبد السلام بن مشيش: يعتبر أحد أهم المواسم الدينية في المغرب، ويحضره الآلاف من المريدين والزوار كل عام. في عام 2023، شهد الموسم حضور حوالي 30000 زائر.
مهرجان تيمقاد: يقام في مدينة وجدة، ويعتبر واحدًا من أقدم المهرجانات الصوفية في المغرب، يتميز بتقديم الأدعية والموسيقى الصوفية التقليدية.
مهرجان سيدي عبد الله بن حسون: يقام في مدينة تارودانت، ويحتفل بذكرى القديس سيدي عبد الله بن حسون، الذي يعتبر رمزًا للتصوف في المغرب، تقدم خلال المهرجان الأدعية والأناشيد الصوفية.
مهرجان مولاي عبد الله: يقام في مدينة الجديدة، ويعتبر واحدًا من أكبر المهرجانات الصوفية في المغرب، يشتهر بمشاركة الفرق الصوفية الموسيقية من مختلف أنحاء البلاد.
الهوية الدينية المغربية الصوفية الأشعرية المالكية
كانت أحداث 2003 الإرهابية في الدار البيضاء بمثابة ناقوس الخطر للمغرب من الإرهاب الإسلامي، وقد اعتقلت السلطات حينها العشرات من المفكرين السلفيين ممن دعموا التفجيرات وأعادت تأهيلهم والكثير منهم تراجع عن فكره السلفي الجهادي.
إقرأ أيضا:6 دول ستنظم كأس العالم 2030 والإفتتاح في الأوروغوايلهذا السبب ضاعف المغرب من دعمه للإسلام الصوفي، لأنه ينشر نسخة من الإسلام يحث على التعايش مع الجميع ولا يحرض على العنف والإرهاب عكس الوهابية والسلفية وحتى الإخوان المسلمين والفرق الشيعية.
كما أن الصوفية تدعم الفلسفة وعلم الكلام والعقلانية وليس لديها مشكلة مع العلمانية، وليست السلفية التي تهدد حاليا أمن البلاد بالثورة ضد إصلاحات نظام الإرث المعمول به في المغرب.
ويقول الإِمام مالك وهو الذي تنسب إليه المالكية المذهب الرسمي في المغرب: (مَنْ تفقَّهَ ولم يتصوف فقد تفسق، ومَنْ تصوَّف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمعَ بينهما فقد تحقَّق) [حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإِمام الزرقاني على متن العزية في الفقه المالكي ج3. ص195.
إقرأ أيضا:
ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟
العلمانية هي الحل لصراع فلسطين وإسرائيل
هل العلمانية ضد الدين ولماذا يربطها البعض مع الإلحاد؟
أعداء الديمقراطية والعلمانية في الهند وإسرائيل والعالم العربي والإسلامي