علوم

دور عبد الملك بن مروان في أكذوبة المسجد الأقصى في القدس

من المعلوم أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي قضى على الزبيريين والخوارج ووحد بلاد المسلمين مثير للجدل بسبب شجاعته وسياسته الجريئة في الحرب والسلم.

من فتن هذا الرجل الذي حول الدولة الأموية إلى قوة مسيطرة تماما على العالم الإسلامي بمساعدة الحجاج بن يوسف الثقفي، نجد محاصرته لمكة وهدم الكعبة وقتل عبد الله بن الزبير أول مولود في الإسلام بعد القضاء على أخوه مصعب في العراق.

واجهت دولته بقوة وحزم كل المخالفين، وفي عهده أيضا بكى الإمام مالك (مؤسس المذهب المالكي) على التفريط في الصلاة، وفتحت روايته وقصته الشكوك لدى المسلمين اليوم في صحة كيفية الصلاة في الإسلام.

ومن فتنه أيضا أكذوبة المسجد الأقصى في القدس التي صدقها المسلمون، حيث لطالما تباكى رجال الدين على المنابر وحذروا من هدم المسجد أو سيطرة اليهود عليه.

المسجد الأقصى في القدس بديلا للكعبة في مكة

يتفق المؤرخون على أن المسجد الأقصى الموجود في مدينة القدس بُني في عهد عبد الملك بن مروان عام 72 هجرية، وكان الغرض من ذلك هو لصرف الناس عن الحج في مكة والتضييق ماليا واقتصاديا على عدوه عبد الله بن الزبير ودولته المتمردة الرافضة لتكون تبعا لدمشق.

تم بناء المسجد الأقصى الأصلي في العام 705 ميلادي من قبل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وقد تم توسيع وتجديد المسجد عدة مرات خلال العصور التالية.

إقرأ أيضا:تنبؤات الحرب العالمية الثالثة 2025 حسب المخابرات الألمانية

يعتقد بعض المؤرخين أن عبد الملك بن مروان كان يسعى لتوحيد الأمة الإسلامية وتعزيز هوية الدولة الأموية الجديدة، وقد رأى بناء المسجد الأقصى كطريقة لجمع المسلمين من مختلف الأنحاء تحت سلطته وتوحيدهم حول الخلافة الأموية.

بناء المسجد الأقصى كان يعكس السلطة والقوة الأموية في تلك الفترة، وقد ساهم في توحيد الأمة الإسلامية وتعزيز هوية الدولة الأموية الجديدة تحت حكم عبد الملك بن مروان.

منذ ذلك الوقت تم تقديس المسجد الأقصى والترويج للصلاة فيه على أنها ذات مردد، لدرجة أنه قيل أن الصلاة فيه تعادل 500 صلاة وقيل أيضا أنها تعادل 50000 صلاة، واستمر الأمر على ذلك الحال وقد تنامت أهمية المسجد الأقصى أكثر في ظل الصراع العربي الإسرائيلي واستخدام الورقة الدينية لحث الشعوب على الوقوف ضد إسرائيل وتحويل الصراع حول الأرض إلى صراع ديني بين اليهود والمسلمين.

يتألف المسجد الأقصى من مجموعة من المباني والهياكل، بما في ذلك الجامع القبلي والقبة الصخرية والمصلى المرواني والمدارس الإسلامية القديمة وغيرها، ويعتبر المسجد الأقصى والقبة الصخرية من أهم المعالم الدينية والثقافية في الإسلام وتاريخ القدس.

بعد انتصار عبد الملك بن مروان على عبد الله بن الزبير في مكة، سيطر الأمويون على قلب الإسلام، ورغم ذلك لم تتراجع أهمية المسجد الأقصى الذي صنعوه في القدس بل ازدادت مع مرور الوقت.

إقرأ أيضا:رسائل السعودية من القمة العربية وموقفها من أوكرانيا وسوريا

أين يقع المسجد الأقصى الحقيقي؟

إعلاميا يعتقد أغلب المسلمون أن المسجد الأقصى الحقيقي يقع في القدس، لكن على المستوى الديني هناك اختلافات كبرى خصوصا من الشيعة الذين يعتقدون أن المسجد الأقصى في السماء المعمورة وليس في الأرض، وأن الإسراء والمعراج كانت أحداثها في السماء.

عندما انزلت الآية القرآنية وسورة الإسراء “سُبْحَانَ الَذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ”، كان النبي محمد لا يزال في مكة، وفرضت الصلاة، حيث في رحلته المسماة الإسراء والمعراج فرض عليه الله الصلاة وكانت 50 صلاة في اليوم قبل أن يقلصها إلى 5 صلوات في اليوم بناء على نصيحة من النبي موسى.

قبل تلك اللحظة لم تكن هناك مساجد، لا في القدس التي يسيطر عليها حينها الروم وتتواجد الكنائس هناك بقوة واليهود أيضا، ولا أيضا في مكة أو المدينة المنورة ولا أيضا حولها.

في كتاب المغازي، يقول الواقدي: ”فَلَمّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ إلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَ مِنْ الْجِعِرّانَةِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَيْلًا; فَأَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الّذِي تَحْتَ الْوَادِي بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى، وَكَانَ مُصَلّى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا كَانَ بِالْجِعِرّانَةِ، فَأَمّا هَذَا الْمَسْجِدُ الْأَدْنَى، فَبَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَاِتّخَذَ ذَلِكَ الْحَائِطَ عِنْدَهُ .

الجعرانة هي منطقة بين مكة والطائف، وتبعد حوالي ثمانية عشر ميلًا عن مكة، وهي تقع شمال شرق مكة المكرمة في وادي العدوة القصوى. تُذكر الجعرانة بشكل خاص في السياق الديني لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أحرم منها في عمرته الثالثة وصلّى في مسجدها، ومنها أحرم عند عودته من الطائف بعد فتح مكة.

إقرأ أيضا:أطماع ايران: البحرين محافظة إيرانية وجزء من فارس

بالتالي، عندما ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن “من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة”، كان يشير إلى المسجد الأقصى الذي كان موجودًا وراء الوادي في الجعرانة القريبة، لأن المسجد الأقصى في القدس لم يكن قد بُني بعد في تلك الفترة.

أكذوبة المسجد الأقصى في القدس

خلال إحدى الفتوحات الإسلامية البارزة في عام 15 للهجرة (636 للميلاد)، قام الخليفة عمر بن الخطاب بزيارة القدس قادمًا من المدينة المنورة، وفي إطار هذه الزيارة، تسلم مفاتيح المدينة من سكانها في إطار اتفاقية مشهورة تعرف بـ “العهدة العمرية”، وقد قام الخليفة عمر بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة المسجد الأقصى، وفيما بعد قام ببناء مسجد صغير جنوب المسجد الأقصى، ما يؤكد أن المسجد غير موجود أيام النبي محمد.

الخلاف الشيعي السني في هذا الموضوع واضح وهي هذه من الأمور الفرعية التي اختلف عليها الفريقين، ومما يزيد من الشك أن عامة أهل السنة أيضا يعترفون بأن المسجد الأقصى في القدس لم يكن موجودا في عهد النبي محمد، فيما يؤكد الشيعة أن المسجد الأقصى الحقيقي موجود في السماء.

من جهة أخرى إذا كانت القدس في غاية الأهمية ويتواجد بها أولى القبلتين، لماذا لم ينقل علي بن أبي طالب خلافته إليها؟ ولماذا اختار الأمويون دمشق؟ وماذا عن العباسيون الذين اختاروا بغداد؟ ونجد عواصم أخرى مهمة مثل القاهرة فيما لم يحدث أن كانت القدس عاصمة للخلافة الإسلامية.

إقرأ أيضا:

ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيلية

هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟

انهيار الشيكل الإسرائيلي: إسرائيل تنفق 30 مليار دولار لمنع ذلك

من طوفان الأقصى إلى السلام بين إسرائيل وفلسطين

العلمانية هي الحل لصراع فلسطين وإسرائيل

طوفان الأقصى: ضربة إيرانية لجهود السعودية والإمارات

خرافة عودة المسيح وقدوم عيسى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

أهداف الولايات المتحدة من مشروع الممر الإقتصادي الجديد

شعب غزة يؤيد التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية

تفاصيل مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل المسربة

أهمية اعتراف دولة إسرائيل بمغربية الصحراء وتأثيره الدولي

السابق
7 أسباب تدفعك لتجنب الإشتراك في Initiative Q
التالي
من هو كيليان مبابي ويلفريد مبابي لاعب منتخب فرنسا