علوم

رسائل من فيلم Don’t Look Up ونهايته المنطقية

إذا كنت قد أمضيت دقيقة واحدة على الإنترنت هذا الأسبوع، فمن المؤكد أنك رأيت شيئًا عن فيلم Don’t Look Up الذي تعرضه نتفليكس.

الفيلم من كتابة ديفد سايروتا وآدم مكاي وإخراج الأخير، اما من حيث التمثيل فقد شارك فيه كوكبة من النجوم المهمين على الساحة يتصدرهم ليوناردو ديكابريو وميريل ستريب وكيت بلانشيت وجينيفر لورنس وجوناه هيل.

قصة فيلم Don’t Look Up

ببساطة يكتشف دكتور في علم الفلك وطالبة دكتوراه مذنباً ضخماً سوف يصطدم بالأرض ويقضي على جميع مظاهر الحياة فيها، غير أن القادة الأمريكيين ووسائل الإعلام والشبكات الإجتماعية لا تأخذ الأمر على محمل الجد، ويحاول كل طرف استثمار هذا الجدل لصالحه وليس لصالح البشرية.

ينتهي الفيلم بفشل الولايات المتحدة والصين وروسيا في تدمير المذنب ويصطدم مع الأرض لتنتهي البشرية ويقضي على الحياة.

يحتل الفيلم حالياً المركز الثاني في أكثر الأعمال مشاهدة في أمريكا، وهو يفضح بشاعة عالمنا الذي لا يأخذ المشاكل والأزمات على محمل الجد ما دامت مجرد افتراضات.

لا يهم ماذا يقول النقاد عن فيلم Don’t Look Up

حصل الفيلم على درجة 55٪ من النقاد على Rotten Tomatoes، مما يعكس الانقسامات العميقة في كيفية تصور الناس للفيلم، كانت المراجعات السلبية لاذعة، وصفه Defector بأنه “فيلم صنعه أشخاص يقضون وقتًا طويلاً على الإنترنت”.

إقرأ أيضا:عن فشل طائرة الشبح الصينية J20 المتخلفة

المذنب هو استعارة لتغير المناخ، وجميع الشخصيات تلعب دورها من صراخ العلماء في الفراغ إلى الملياردير التكنولوجي الذي يريد التنقيب عن المعادن باستخدام تقنية غير مثبتة.

ويأتي هذا الفيلم في وقت تتزايد فيه نشرات الأخبار التي تسلط الضوء على مشكلة الإحتباس الحراري والتغير المناخي، هذا في وقت نرى فيه ارتفاع درجات الحرارة في المغرب وأمطار وثلوج في مصر والسعودية والإمارات وجفاف في كاليفورنيا.

وشخصيا لا أهتم كثيرا بآراء النقاد، فالرسالة من الفيلم أهم، وهي تبني مصير الأرض إذا رفض الإنسان معالجة القضايا الكبرى.

ليس من المفترض أن يصطدم مذنبا أو كويكبا بالأرض، يمكن للتغير المناخي أن يسبب نهاية مأساوية لمليارات البشر على شكل موت تدريجي وموت فجائي للبعض الآخر أيضا، لقد تزايدت حالات الفيضانات والجفاف والزلازل والبراكين والخسف، ويتزايد عدد الفقراء والجوعى، ولن نخرج بعد من وباء كورونا وهناك أوبئة إضافية أخرى في الأفق.

وقت مناسب لمشاهدة فيلم Don’t Look Up

تلعب ميريل ستريب دور رئيس الولايات المتحدة، وهو مزيج من الترسيخ السياسي للطبقة الحاكمة لجو بايدن مع شعبوية دونالد ترامب، الذي يتجاهل الأخبار المروعة حتى يصبح من المفيد سياسيًا التصرف بناءً عليها، ويمرر فاتورة إنفاق ضخمة لإرسالها.

تم احباط الطائرات بدون طيار الفضائية المجهزة بأسلحة نووية لتحويل مسار المذنب، بعد لحظات من إطلاقها عندما اكتشف الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا المخيف بيتر إيشرويل (الذي يلعبه مارك ريلانس) وهو مزيج من جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وتيم كوك أن المذنب يحتوي على ما قيمته 30 تريليون دولار من المعادن الثمينة اللازمة للتصنيع الأجهزة المحمولة لشركته.

إقرأ أيضا:السر وراء موضة حرق القرآن الكريم وإهانة النبي محمد

تمامًا مثل المليارديرات الواقعيين في وادي السيليكون، يصور إيشرويل نفسه على أنه المنقذ الذي يروج للحلول التقنية للأزمات العالمية بينما يسعى وراء ميزة للقلة على حساب الكثيرين (وفي النهاية على حساب الجميع).

تهدف مشاريعه الاستغلالية إلى استحضار مخططات واقعية لما يسمى بأثرياء الكويكبات، مثل شركة التعدين في الفضاء Planetary Resources التي يدعمها لاري بيدج من جوجل.

بهذه الطريقة، يقوم الفيلم بعمل رائع في السخرية من أكثر التعبيرات شؤمًا عن مستقبل الرأسمالية التي حلم بها المليارديرات.

إذا كان المؤثرون السطحيون والأثرياء الظالمون والقادة غير الأكفاء قد يغرون المشاهد الساخر بإدراك الجنس البشري على أنه نوع لا يستحق الحفاظ عليه، فإن الفيلم يتصدى لهذا التشاؤم بلقطاته الهادئة والجادة والمكبرة للأرض وجميع عجائبها الحية التي يشكل العاملون العاديون جزءًا منها، من خلال هذه اللحظات يذكرنا ماكاي أن الإنسانية أكثر من مجرد خدمتها الهادفة للربح.

إقرأ أيضا:مبادرة الشرق الاوسط الأخضر بقيادة السعودية لمواجهة التغير المناخي

علينا الإشارة إلى الفيلم أيضا يضرب حالة التواكل الشائعة بين البشر، حيث كل واحد منهم يعتقد أنه ليس مسؤولا إلا عن نفسه، فيما المتدينون ينتظرون أن يحميهم الله من الكارثة التي تقاعس الإنسان عن معالجتها، غير أنه يدفع ثمن ذلك في النهاية.

تبدو نهاية فيلم Don’t Look Up منطقية جدا، إذا لم نعالج مشكلة التغير المناخي ونوقف الجشع والفساد البشري سندفع الثمن، ليس من المفروض أن تكون النهاية بمذنب كبير يصطدم بالأرض أو حتى بالطوفان، قد تكون النهاية بطيئة.

إقرأ أيضا:

ماذا يعني نهاية بوبكورن تايم Popcorn Time لصناعة الأفلام؟

10 دروس من فيلم ذهب Gold مفيدة لرواد الأعمال

سبب صراع سكارليت جوهانسون وتوم كروز ضد خدمات البث

ما القاسم المشترك بين الأفلام وألعاب الكازينو أونلاين؟

السابق
لن يستطيع بابا الفاتيكان إيقاف اللاإنجابية
التالي
لماذا تحارب إيطاليا نظام درجة الجودة الغذائية Nutri-Score الفرنسي؟