هناك فرق بين عودة سوريا إلى الجامعة العربية وعودتها إلى الحضن العربي، لا تزال الدولة العربية المدمرة جزء لا يتجزأ من النفوذ الإيراني، ولا تزال خلافات دمشق مع قطر والكويت والمغرب والمصالح العربية قائمة.
لكن يمكننا القول أن الخطوة التي تجري حاليا في القمة العربية بالسعودية هي خطوة شجاعة في اتجاه يهدف إلى حل الأزمة السورية عوض تركها بدون حل.
وتريد الدول العربية بزعامة السعودية والإمارات من دمشق مكاسب لم تحققها باستخدام العقوبات العربية والدولية ولا المعارضة المدعومة من الخارج ولا حتى المليشيات المسلحة التي تم تصنيفها لاحقا على انها منظمات إرهابية خطيرة.
في المقابل تحتاج دمشق إلى انهاء الحصار عليها وأيضا إلى المال، ونتحدث عن مئات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار وهو ما لا تستطيع ايران وروسيا وحتى الصين معا تقديمها.
القوة المالية ميزة موجودة لدى السعودية والإمارات ودول الخليج الأخرى، لكن لديها شروط واضحة، أولها انهاء تجارة المخدرات التي يبدو ان النظام السوري يستفيد منها ويغرق من خلالها الخليج العربي والشرق الأوسط بمنتجاته.
الشرط الثاني هو أن تغير دمشق سياستها الخارجية، وبشكل أوضح الإبتعاد عن ايران والتوقف عن دعم الميلشيات الشيعية في المنطقة.
نتحدث هنا عن مطلبين رئيسيين مقابل مطلبين أساسيين، المطالب الأخرى فرعية وليست مهمة حتى وإن كانت تتصدر عناوين الأخبار والتصريحات.
إقرأ أيضا:هل تحديد موعد الزلزال القادم في أي مكان بدقة ممكن؟إذا تخلت سوريا عن ايران أو ابتعدت عنها سيكون هذا بمثابة عودتها إلى الحضن العربي الذي هجرته طويلا، لكن الصداقة السورية الإيرانية قوية وعميقة والنفوذ الإيراني أقوى مما يتصوره الأشقاء العرب.
هل يستطيع الرئيس السوري بشار الأسد التوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف؟ هل يمكنه أن يخرج القوات الإيرانية من بلاده ويظل على علاقة جيدة مع طهران وتكون لديه علاقات جيدة مع الدول العربية؟ هذا ممكن جدا.
يمكن أن تكون سوريا مثل سلطنة عمان التي تحافظ على علاقات جيدة مع جيرانها الخليجيين وايران وإسرائيل والولايات المتحدة، لكن هذا يتطلب تغييرا كبير في سلوك النظام السوري ونظرته إلى الخارج.
لا يزال الكتاب والمحللين المقربين من النظام السوري أو الذين يتحدثون بمنطقه ورؤيته للقضايا، متمسكون بأن الحلف الإيراني على حق وأن الحلف المقابل خائن ومطبع مع إسرائيل، وأن بشار الأسد انتصر على هؤلاء الخصوم، وهم يأملون أن تنحاز الدول العربية إلى روسيا وتتحالف مع ايران والصين ضد إسرائيل والولايات المتحدة والغرب.
والحقيقة أن العديد من الدول العربية لن تذهب في هذا الإتجاه، حتى السعودية لن تخاطر بعلاقتها مع الولايات المتحدة، وهي لا تزال تنظر إلى ايران على أنها منافس إقليمي وخصم يشكل تهديد، والجهود الدبلوماسية حاليا هي للحد من المخاطر ودفع المنطقة إلى السلام الذي يصب في صالح الجميع.
إقرأ أيضا:اضراب هوليوود لمواجهة الذكاء الإصطناعي ومنصات البثفي الوقت الحالي يمكننا أن نتفق جميعا أن سوريا قد عادت إلى الجامعة العربية، ونعم ستتلقى الكثير من الإغراءات المالية والمبادرات الإيجابية من الدول العربية لمساعدتها، لكن إن لم تتفاعل معها دمشق على النحو المنتظر منها، سيكون واضحا لنا جميعا أنها مجرد عودة إلى الجامعة وليس الحضن العربي.
إقرأ أيضا:كيف تهدد حرب غزة رؤية السعودية لشرق أوسط أفضل؟إقرأ أيضا:
سوريا أكبر دولة انتاج مخدرات الكبتاجون في العالم
يجب أن تدعم الولايات المتحدة التطبيع العربي مع سوريا
شروط المغرب للموافقة على تطبيع العلاقات مع سوريا الأسد
مذهب إسلامي جديد على يد صالح المغامسي مبني على الديانة الإبراهيمية
التطبيع السعودي الإيراني الإسرائيلي يعزز رؤية 2030 الاقتصادية
تحالف الإمارات والهند وإسرائيل برعاية أمريكية
قصة اتفاق التطبيع بين ايران والسعودية ومكاسب الصين
التطبيع بين السعودية وايران جزء من مشروع الديانة الإبراهيمية
مشروع الديانة الإبراهيمية ونهاية الصراعات الدينية الدموية
لماذا تدعم الإمارات الديانة الإبراهيمية التوحيدية؟