اليوغا هي قلب الوعي وكانت مركزية للحضارة الهندية منذ أقدم العصور، اليوم يمكنك العثور عليها في المدن الصغيرة في بيرو وجنوب أفريقيا والمجر، بل وقد أصبحت في مناهج المدارس والجامعات في المملكة العربية السعودية.
في العقود الأخيرة تزايد عدد معلمي اليوغا الذين نقلوا هذه المعرفة إلى أنحاء بعيدة من العالم وغيروا المعتقدات الدينية للناس، وقد انتشرت هذه التأملات الفكرية والروحية في قلب العالمين المسيحي والإسلامي.
انتشار البوذية من خلال اليوغا عبر التاريخ
تكرر هذه الحركة التاريخية ظاهرة حدثت منذ أكثر من 2000 عام في جبال الهيمالايا شرقًا وغربًا، في حين أن قصة ذهاب اليوغا إلى الصين واليابان والتبت وجنوب شرق آسيا هي تاريخ شائع كجزء من انتشار البوذية، إلا أن العلماء المتخصصين فقط هم من تتبعوا حركتها إلى سمرقند وبخارى وإلى الأراضي السلافية.
استمرت هجرة اليوغا إلى آسيا الوسطى لآلاف السنين، ويتكرر الأمر اليوم عالميا، إذا كان الاهتمام المعاصر باليوغا يركز على الرفاهية الشخصية من خلال الوضعيات، فإن اليوغا في أعمق مستوياتها تدور حول طبيعة الوعي، الذي أصبح الآن حدود العلم.
إن مسألة الذات تقع في قلب الوعي، وقد كانت مركزية في الحضارة الهندية منذ أقدم العصور، في الهندوسية، تسمى الذات أتما، أو شيفا.
في كشمير في شمال الهند، والتي كانت مركزًا عظيمًا للعلوم والمنح الدراسية المرتبطة بشيفا، تم تصورها على أنها “النور” (براكاشا في اللغة السنسكريتية)، ممارسات اليوغا هي طرق لتكون واحدًا مع الضوء بداخلك.
إقرأ أيضا:روسيا تعترف بالقدس عاصمة إسرائيل وتصدم عبيد بوتيناليوم يثير الوعي فضول الفيزيائيين وعلماء الأعصاب الذين يبحثون عن مكان نشوئه وأسراره، حيث يرغب الباحثون وعلماء الاجتماع والسياسيون في مجال الذكاء الاصطناعي في معرفة ما إذا كان المستقبل سيجلب آلات واعية، ومن الواضح أنه إذا أمكن بناء مثل هذه الآلات، فإنها سوف تغير التكنولوجيا والمجتمع بطرق عميقة.
مع انتشار اليوغا عبر جبال الهيمالايا انتشرت البوذية، تلك الفلسفة الهندية التي جاءت بعد الهندوسية، لتحقيق الإستنارة والتحرر الكامل من العالم المادي بعد الموت.
لقد كان تأثير اليوغا منتشراً إلى درجة أن هو شيه، أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في الصين الحديثة، ومؤسس حركة الرابع من مايو ورئيس جامعة بكين، أعلن في مقال بعنوان “هندنة الصين” أن “الهند غزت الصين وسيطرت عليها”، ثقافيًا لمدة عشرين قرنًا دون الاضطرار إلى إرسال جندي واحد عبر حدودها.
فوائد اليوغا مغرية
إن الجمع المعاصر بين اليوغا والعلوم يحمل في طياته القدرة على التخفيف من الإضطرابات الحتمية في المجتمع الناشئة عن فقدان الوظائف المتفشي بسبب الذكاء الإصطناعي ومن تقلص عدد السكان.
إن موافقة العلم هي وراء اليوغا الآن، توفر اليوغا فوائد صحية نفسية وجسدية، بما في ذلك تخفيف الألم المزمن والتهاب المفاصل والإجهاد وحتى صحة القلب.
كما أن احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي لليوغا ومعرفة الآثار الإيجابية لممارسة اليوغا على الصحة والرفاهية يسهل قبولها في المجتمعات التقليدية.
إقرأ أيضا:سر نجاح كتاب الأمير وكيف غير السياسة للأبد؟حتى مجتمع متدين مثل المملكة العربية السعودية قرر إدراج اليوغا في مناهجه المدرسية والجامعية، في الموجة التالية يتوقع المرء انتشار الجوانب الأكثر خصوصية لليوغا.
وهناك اليوم عشرات الأنواع من اليوغا لكن أعظمها تحاول جعل الشخص والكون يتحدان، وهي فكرة لا يتم تقديمها هكذا مباشرة لأنها مرعبة للمجتمعات المتدينة سواء الإسلامية أو المسيحية التي ترفض عقيدة الإتحاد والحلول.
حتى في المجتمعات العلمانية الأقل تدينا والملحدة تنتشر اليوغا وتقدم للشباب الراحة التي يحتاجونها في ظل الأسئلة الوجودية العظمة التي لم تجب عنها الديانات الشائعة مثل الإسلام والمسيحية واليهودية.
البوذية متوافقة مع كافة الديانات والمعتقدات
لا تشترط البوذية الخروج من الدين أو الذهاب للمعبد أو أن يكون المرء راهبا بوذيا، على عكس الإسلام والمسيحية والديانات الأخرى التي تشترط على الأتباع العبادات والطقوس والتقيد بما جاء في الكتب المقدسة وما فهمه رجال الدين.
إقرأ أيضا:عدمية الإشتراكية: إلغاء الدين وتلاشي الدياناتوفي ظل عصر التحرر الفكري والحرية باءت هذه الديانات في موقف ضعف مقابل الفلسفة البوذية التي تحترم حرية الفرد ولا تضع أي عواقب لمخالفة طقوسها.
ولهذا السبب نجد اليوم اليوغا نفسها مختلفة ولها مدارس كثيرة، وهناك من يخلطها مع المسيحية وهناك من يجعلها متوافقة مع الإسلام ويتم تأويل النصوص الدينية لتتوافق مع دين الممارس لها.
إقرا أيضا:
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
البوذية ليست ديانة ولا تتعارض مع الإسلام أو غيره
لا أحد يعلم ماذا يحدث بعد الموت
كيف يفسر تناسخ الأرواح معضلة الشر والمعاناة في الحياة؟
ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟