عندما اندلع وباء كورونا عالميا ومن الصين خلال 2020، اهتزت صورة بكين دوليا وغضب المليارات من الناس حول العالم من الإغلاق الذي جاء نتيجة تفشي الوباء الذي تساهلت معه الصين في البداية وأنكرت وجوده منذ أغسطس 2019.
حتى البيانات الرسمية التي كانت تنشرها حول عدد الإصابات والوفيات لم يكن يصدقها الرأي العام الصيني فما بالك بالرأي العام في العالم، بالطبع عندما أعلنت الصين في صيف 2020 أنها انتصرت على الوباء، هلل لها الكثير من المغفلين، الذين أدركوا أن الصين دولة تكذب خصوصا بعد أن أعلنت عودة الوباء بقوة وكشفت عن أرقام إصابات عالية خلال 2022.
ويتوقع الخبراء الدوليون أن يموت هذا العام مليون شخص بسبب فيروس كورونا وهو رقم معقول بالنظر إلى انتشار الفيروس وعدد سكان الصين إضافة إلى نسب التلقيح الضعيفة وجود فئة عمرية هشة بقوة في هذا البلد.
استغل الحزب الشيوعي فترة كورونا بالفعل لزيادة سيطرته على الدولة وتشديد الرقابة الإلكترونية، وفي النهاية تخلت الصين عن سياسة صفر كوفيد بعد احتجاجات واسعة في البلاد.
أثارت الاحتجاجات أسئلة أساسية: هل تحول حلم الصين إلى “كابوس صيني”؟ هل “التجديد العظيم للأمة الصينية” الذي اتبعه الحزب الشيوعي الصيني هو في الواقع تراجع للشعب الصيني؟
يحلم الحزب الشيوعي الصيني بالسيطرة الكاملة، الشعب الصيني لديه حلمه في الحرية الفردية، وقد تصادم الطرفين خلال وباء كورونا وكانت تلك الإحتجاجات مظهر من مظاهر التصادم.
إقرأ أيضا:الميزة التي منعت غزو إيران لقرون طويلةفي أواخر نوفمبر 2022، عكست الوقفات الاحتجاجية على ضوء الشموع والمظاهرات الورقية الفارغة عبر المدن الكبرى والجامعات في الصين اليأس العميق والغضب الخام بين الشباب والعمال في الصين.
لقد أطلقت نوبات السخط العنان لحلم آخر: على عكس الحلم الصيني الرسمي، تتوق الطبقة الوسطى في الصين إلى الحرية والحقيقة، على الرغم من حبسهم بشكل منهجي وعشوائي وإسكاتهم في منازلهم ومصانعهم، تجرأ هؤلاء الحالمون على الوقوف والتحدث بأصواتهم.
أثارت الاحتجاجات أسئلة أساسية: هل تحول حلم الصين إلى “كابوس صيني”؟ هل “التجديد العظيم للأمة الصينية” الذي اتبعه الحزب الشيوعي الصيني هو في الواقع تراجع للشعب الصيني؟
يحلم الحزب الشيوعي الصيني بالسيطرة الكاملة، الشعب الصيني لديه حلمه في الحرية الفردية، لقد ضاعفت احتجاجات القضاء على فيروس كورونا المستجد وانبعاث الوباء من جديد تصادم كلا الحلمين.
كان حلم الصين حجر الزاوية الأيديولوجي لشي جين بينغ منذ عام 2013 عندما أصبح أكبر زعيم للصين، فكرة أساسية قدمها كاتب عمود أمريكي في عام 2012، قدم هذا الحلم الصيني بديلاً لـ “الحلم الأمريكي”، الذي يمكّن من السعي وراء الحرية الفردية، والهوية، والتعبير، والقيمة، والازدهار.
لقد أدركت بكين أن مثل هذه المثل العليا تشكل تهديدًا محتملاً لأسلوب العمل الشيوعي الصيني، وللحفاظ على المصداقية والشرعية، كان الحزب الشيوعي الصيني بحاجة إلى رواية وطنية مستساغة لها صدى عالمي.
إقرأ أيضا:هذه آخر حرب بين فلسطين واسرائيل في التاريخ وهذه نهايتهاسعى حلم الصين إلى دمج الأحلام الفردية في حلم وطني شامل مع عناصر فكرية، بما في ذلك “السعي وراء قوة البلاد وتجديد شباب الأمة وإسعاد الشعب”.
في الحقبة الجديدة في عهد شي، كان حلم الصين بمثابة معيار للعلاقات بين الدولة والمجتمع الصيني والشؤون الخارجية.
طالما أن الحزب الشيوعي الصيني قادر على تحقيق الازدهار الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار، فإن الشعب الصيني والأسواق العالمية، كما افترض الحزب، سوف يرضخون لسياسات وممارسات الحكومة المركزية العدوانية المتزايدة.
قمع مسلمي الأويغور في شينجيانغ، دبلوماسية محارب الذئب في الخارج، القمع الشديد في هونغ كونغ، كبح جماح عمالقة التكنولوجيا في الصين، بما في ذلك جاك ما من علي بابا، تضييق الخناق على صناعة التدريس في التعليم الخاص، عمليات نقل التكنولوجيا القسرية، والإكراه الاقتصادي، والتجسس الصناعي، ونظام دولة المراقبة، كل هذه السياسات تعكس حقيقة حلم الصين.
في عام 2017، حدد الحزب الشيوعي الصيني معالم إستراتيجية لتجديد شباب الصين، القضاء على الفقر بحلول عام 2022، تصبح دولة حديثة بحلول عام 2030، قائد تحديث عسكري وعالمي بحلول عام 2035، اقتصاد متطور بحلول عام 2049، وقوة عظمى حديثة وجيش من الطراز العالمي بحلول عام 2050.
في تلك السنوات كانت الشركات الأمريكية مغرمة بالحلم الصيني، بلغ إجمالي الصادرات الأمريكية إلى الصين في عام 2015 أكثر من 113 مليار دولار، حيث أكدت 90 في المائة من الشركات الأمريكية أن آفاق نموها في الصين كانت مماثلة أو أفضل من الأسواق الناشئة الأخرى، على الرغم من أن 80 في المائة من الشركات نفسها اعترفت بأن بيئة السياسة الصينية هي نفسها أو أسوأ من الأسواق الأخرى، وفقًا لتقرير مسح أعضاء مجلس الأعمال الأمريكي الصيني لعام 2015.
إقرأ أيضا:نصرة الإسلام من تدمير سوريا إلى كأس العالم بقطرهذا التفاؤل قد اختفى تقريبا، وفقًا لتقرير استبيان أعضاء USCBC لعام 2022، أشار 73 بالمائة من المستجيبين إلى “تدابير مكافحة COVID الصينية التي تزيد من تعقيد المخاطر الجيوسياسية لممارسة الأعمال التجارية في الصين” باعتبارها التأثير الأكبر على خطط أعمالهم واستثماراتهم.
علاوة على ذلك، “عند مستوى قياسي مرتفع، أبلغ 87 في المائة من الشركات الأمريكية عن آثار دائمة على الأعمال من التوترات بين الولايات المتحدة والصين”، بدأت بعض الشركات الآن في الاستيقاظ من الحلم الصيني، وتحاول سحب مصانعها من الصين إلى دول أخرى.
من جهة أخرى انفجرت فقاعة أندية كرة القدم في الصين، لم يعد هذا البلد في سباق شراء اللاعبين واستقطاب النجوم العالميين بعد افلاس أكبر أندية كرة القدم، كما ترك الوباء هذا البلد في ديون متزايدة بقطاع العقارات وكذلك للمستشفيات والحكومات الصينية المحلية.
تواجه الصين تحديات كبرى وتراجع زخم طريق الحرير الجديد مع توقف الكثير من المشاريع ومواجهة دول مهمة لها مثل باكستان وسريلانكا أزمات اقتصادية كبرى وتعثرها وافلاسها.
إقرأ أيضا:
ما هو الحلم الصيني وكيف يختلف عن الحلم الأمريكي؟
مظاهر الحرب على الدين في الصين
حرب روسيا ضد مصالح الصين في أفريقيا في السودان وأفريقيا الوسطى
سياسة بريطانيا في الخليج العربي وموقفها من ايران والصين
دروس من افلاس سريلانكا ومشكلة فخ الديون الصينية
تجنب افلاس باكستان في يد الصين وصندوق النقد الدولي