من الواضح أن قطر حاضرة في انتخابات إسرائيل منذ أول مرة أرسلت فيه أموالا لحزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو مرتين على الأقل، في الوقت نفسه الذي تمول فيه حركة حماس في غزة.
الوثائق التي حصلت عليها الصحافة الفرنسية الاستقصائية، ونشرتها صحيفة بلاست، في تقرير مطول، نترجم أهم ما جاء فيه.
العلاقات القطرية الإسرائيلية
رغم أنه لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل وقطر، إلا أن الدولة الخليجية الصغيرة هي المصرف الرئيسي لقطاع غزة وحركة حماس الإسلامية منذ عام 2009، بموافقة تل أبيب، وهذا بعد عامين من انقلاب الحركة التي تتبع لجماعة الإخوان المسلمين على السلطة الفلسطينية.
ترفض قطر حتى الآن التطبيع العلني، كما تستخدم شبكة الجزيرة لتغطية منحازة ضد إسرائيل في الحروب خصوصا الحرب الأخيرة، حيث طردت تل أبيب طاقم الشبكة بسبب نشر أخبار مزيفة وتغطية غير محايدة، لكن البلدين على علاقات وتنسيق فيما يخص حماس وقطاع غزة.
والعلاقة بينهما أعمق، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو حصل على تمويل بالملايين من الدولارات في حملتين انتخابيتين على الأقل.
نشرت الصحيفة وثائق تؤكد العلاقة المالية والتمويل الذي يتم إصدارها سواء ضمن القيادة القطرية السابقة أو القيادة الحالية التي لم تتغير سياساتها.
قطر تمول حملات بنيامين نتنياهو الانتخابية
الوثيقة الأولى التي حصل عليها المحققين الفرنسيين، هي لوثيقة سرية للغاية، تم إصدارها في 18 نوفمبر 2012، وقع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني توقيعه في أسفل الرسالة وجاء فيها:
إقرأ أيضا:لماذا لا يقتل الملك خصمه الملك في الشطرنج؟“تنفيذاً للتوجيهات السامية لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في كتابه رقم DA-2012-1127 بتقديم مساعدتين ماليتين لتكتل حزب الليكود – بيتينو، تشمل مبلغ 15 مليون دولار أمريكي للسيد بنيامين نتنياهو، رئيس حزب الليكود، و5 ملايين دولار أمريكي للسيد أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، لدعمهم للحملة الانتخابية المقبلة”.
أما الرسالة الثانية فقد وقعها محافظ مصرف قطر المركزي عبدالله بن سعود آل ثاني، بتاريخ 21 نوفمبر، أعلن لوزير الاقتصاد والمالية نفسه يوسف حسين كمال، “أنه، بناء على طلبه، تم تحويل مبلغ نقدي قدره 20 مليون دولار أمريكي إلى مديرية أمن الدولة ممثلة للشيخ جاسم بن فهد بن جاسم آل ثاني”.
رغم ذلك لم تكن الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 2013 بمثابة نجاح كبير للتحالف الذي تم التوصل إليه بين حزبيهما، الليكود والقوميين المتطرفين في إسرائيل بيتينو: فقد سجل الحزبان اليمينيان انخفاضا قدره 15 مقعدا، مقارنة بانتخابات عام 2009.
وعلى الرغم من هذه النتيجة المخيبة للآمال، استعاد بنيامين نتنياهو كرسيه كرئيس للوزراء، عاد أفيغدور ليبرمان إلى وزارة الخارجية في نوفمبر 2013، بعد بعض المشاكل مع القانون.
مساعدة قطرية بقيمة 50 مليون دولار لحزب بنيامين نتنياهو
الدفعة الثانية من المستندات التي استعادها Blast هي الأحدث. ويتعلق الأمر هذه المرة بالفترة من أكتوبر إلى نوفمبر 2018. ومن بين هذه الوثائق، رسالة موقعة من سعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية، إلى عناية “سعادة الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء”.
إقرأ أيضا:رسالة ماسونية إلى الشعوب العربية حول الديمقراطية والثورات الفاشلةوجاء فيها: ” يسعدني أن أشير إلى التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، في كتابه رقم د.أ-1091-2018، بتاريخ 29/10/2018″ قرار عام 2018 بشأن مساعدة مالية عاجلة للسيد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة إسرائيل ورئيس حزب الليكود، بقيمة 50 مليون دولار أمريكي (خمسون مليون دولار أمريكي) لدعم الحملة الانتخابية المقبلة لحزب الليكود للكنيست”.
وتحدد بقية الرسالة شروط هذه المساعدات: “سيتم تسليم هذا المبلغ نقدا إلى إدارة أمن الدولة، على شكل قسائم مساعدات عاجلة، كما أود، يواصل الوزير، إعلامكم أنه بناء على توجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد، تم تسليم مبلغ 50 مليون دولار أمريكي إلى إدارة أمن الدولة، ممثلة بالسيد جاسم بن رستم وذلك بموجب مذكرة أمرت بها إدارة أمن الدولة والقادمة من صندوق الطوارئ ومنح بنك قطر الوطني».
هذه المكاسب غير المتوقعة، على افتراض أنها تم دفعها بالفعل، لم تكن ذات فائدة تذكر مرة أخرى: على الرغم من حصوله على 5 مقاعد في الانتخابات التشريعية في أبريل 2019، لم يتمكن بنيامين نتنياهو من تشكيل أغلبية ائتلافية لقيادة البلاد، ولا سيما بسبب رفض أفيغدور ليبرمان للانضمام إلى الائتلاف المذكور.
ثم تم حل الكنيست وتنظيم انتخابات جديدة في سبتمبر 2019، مما أدخل إسرائيل في فترة من عدم الاستقرار السياسي، وفي شهر مارس الماضي فقط، بعد التصويت الرابع، تمكن ائتلاف الأغلبية، هذه المرة باستثناء بنيامين نتنياهو، من تشكيل حكومة بقيادة القومي نفتالي بينيت.
إقرأ أيضا:دور الماسونية في استقلال الجزائرلماذا تمول قطر حملات بنيامين نتنياهو الانتخابية في إسرائيل؟
ويبقى السؤال الأهم في كل هذه القصة، لماذا تمول الدولة الخليجية القوميين الإسرائيليين واليمين المتطرف وهم أكثر تشددا في الواقع مع التوصل إلى أي تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
بالعودة إلى 2019، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن سماح بلاده بتحويل الأموال القطرية بصورة منتظمة إلى قطاع غزة، وأن ذلك إنما يشكل جزءا من استراتيجية تهدف للإبقاء على الانقسام بين حركتي فتح وحماس (المصدر)
لكن ماذا عن قطر؟ ترفض السلطات القطرية الرد على هذه التقارير أو التعليق عليها ولا تتناولها الجزيرة ولا معظم وسائل الإعلام العربية.
إقرأ أيضا:
من باع القضية الفلسطينية؟ حماس وفتح برعاية قطر الممولة لنتنياهو
من الذي فاز في حرب اكتوبر 1973؟ إسرائيل أم العرب؟
هل طوفان الأقصى مؤامرة ومسرحية جديدة من إسرائيل؟
الجانب المظلم من ديمقراطية إسرائيل
منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وضم الضفة الغربية ثم غزة
ما الذي يتحكم في تحركات سعر الدولار اليوم بالشيكل؟
هل روسيا تهدد إسرائيل وهل تدعم حماس؟
ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيلية
هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟