لا يخفي الكثير من العرب الذين يعيشون في الجمهوريات الرئاسية كراهيتهم لكل من السعودية ودول الخليج العربي والملكيات في المغرب والأردن.
ولدى هؤلاء تصور سيء عن تلك الدول لاعتبارات متعددة شارك اليسار العربي والإسلام السياسي في صياغتها وإقناع الناس بها على مدار العقود الماضية وإلى يومنا هذا نتحدث عنها هنا بالتفصيل.
اليسار العربي يكره الأنظمة الملكية الليبرالية
كان صعود اليسار في مصر وسوريا بانقلابات عسكرية على الملكية في البلدين، حيث وصل عبد الناصر إلى الحكم في مصر بعد أن أسقط الجيش النظام الملكي، وأقدم حزب البعث السوري على امر مماثل في سوريا.
وقبلهما سقط النظام الملكي أيضا في العراق، حيث حدث انقلاب الرابع عشر من تموز الذي أنهى النظام الملكي بقتله للملك فيصل الثاني بعام 1958.
أدت هذه الإنقلابات في 3 من أهم الدول العربية إلى سقوط الملكيات وصعود الجمهوريات التي تنادي بالديمقراطية والإبتعاد عن المستعمر الغربي والتقارب مع الشيوعية.
ولا ننسى أيضا انقلاب معمر القذافي في ليبيا لاحقا على المملكة الليبية وتحويلها إلى جمهورية، لتشهد المنطقة سلسلة من الإنقلابات العسكرية للإنتقال من الملكيات إلى الجمهوريات العسكرية الديكتاتورية!
وقد شجع عبد الناصر في مصر وحافظ الأسد في سوريا وبومدين في الجزائر الإنقلابات في الدول الملكية المتبقية بما فيها السعودية والمغرب والأردن والخليج العربي إلا أن مؤامراتهم باءت بالفشل.
إقرأ أيضا:ثورة الطاقة الشمسية في أستراليا وتصدير الكهرباء لدولة سنغافورةومع تراجع اليسار العربي وتقدم الليبراليين، لا يزال الملايين من العرب الذين يؤمنون بالإشتراكية على أنها الحل، يعتقدون أنه إذا سقطت الملكيات المتبقية وسيطرت الشعوب على السلطة وجاء زعماء أمثال عبد الناصر إلى الحكم ستتحرر المنطقة من الإمبريالية.
وكان تحالف الخليج العربي والأردن والمغرب منذ عهد الإتحاد السوفياتي مع الولايات المتحدة الأمريكية ضربة أخرى لليسار الذي يرفض ذلك وينادي بالتحالف مع موسكو.
إلى يومنا هذا ستجد الكثير من المحللين اليساريين لديهم كره للسلطات في الدول الملكية، ويتهمونهم بالخيانة، وفي ظل موجة التطبيع الحالية التي شاركت بها دول مثل البحرين والمغرب والإمارات تزداد لغة التخوين اليسارية في المنطقة.
ورغم أن اليسار ينادي إلى الديمقراطية، إلا أن الواقع واضح، حيث يستولي الجيش على السلطة ويخاطب الزعماء الشعب بالشعارات الحماسية ويتدهور الإقتصاد المحلي.
الأحزاب الشيعية ضمن تيار الإسلام السياسي يكرهون السعودية وحلفائها
الأحزاب الشيعية في لبنان واليمن وفلسطين وسوريا والعراق كلها تابعة سياسيا لإيران، وما دام الخلافات الإيرانية السعودية قائمة فإن موقفهم من الرياض وحلفائها سيظل سلبيا.
يعود أصول الصراع إلى تنافس سني سلفي ضد التيار الشيعي الصاعد منذ الثورة الإيرانية وصعود الجمهورية الإيرانية الإسلامية.
في تلك الحقبة، بدأ الصراع الخليجي الإيراني بشكل مختلف، وهذه المرة تحث غطاء طائفي ديني، حيث تتزعم السعودية العالم السني وتقود ايران العالم الشيعي.
إقرأ أيضا:مشكلة الكنيسة المسيحية مع الماسونية ولماذا يحظرها الكاثوليك؟وتم استثمار الصراع في مناطق مختلفة من الدول العربية خصوصا لبنان وسوريا والعراق واليمن، وقد دفع سكان تلك الدول ثمنا باهضا لتوريط الدين في السياسة والخلط بينهما.
وتكره الأحزاب الشيعية السعودية والخليج والأنظمة الملكية في المغرب والأردن لأن كل هذه الأطراف حاربتها ضمن جغرافيتها.
لا يقبل المغرب في شمال أفريقيا وبالضبط في غربه بالتمدد الشيعي، وهو الداعم للتصوف الإسلامي ووسطية المذهب المالكي السني، والرافض أيضا للسلفية المتشددة والتيارات الإسلامية التي تحمل السلاح.
أما السعودية فهي لا ترغب في تمدد الهلال الشيعي نحو المزيد من الدول العربي وترى في ذلك تهديدا للسنة والتيار الإسلامي الذي تتزعمه.
داعش والإخوان وأهل السنة المتشددين ضد السعودية والملكيات العربية
حتى عهد الملك عبد الله، كانت السعودية واحدة من أهم الدول التي ترعى الفكر السلفي والإخوان المسلمين، وتعتبرهم أسلحتها لمواجهة التمدد الشيعي.
إقرأ أيضا:اسبانيا تعترف بفلسطين: لماذا الآن وهل مدريد صادقة؟لكن مع صعود الملك سلمان ورفض ولي العهد محمد سلمان للوهابية والتشدد السلفي السني، انقلب هؤلاء على المملكة وحلفائها واعتبروهم خونة.
تتوعد داعش المملكة العربية السعودية بالإنتقام، ولم يعد السلفيين قادرين على إخفاء كرههم للقيادة السعودية، ووجدنا أيضا الإخوان في مواجهة ضد الرياض، خصوصا وأن الأخيرة لم تدعمهم في مصر، وتحاربهم الإمارات العربية المتحدة في كل مكان، وتمكن المغرب من احتوائهم وفضح فشل شعاراتهم.
إقرأ أيضا:
هل يجوز التطبيع مع إسرائيل؟ نعم لأن السياسة فن الممكن
الديمقراطيات في خطر من قبل الشيوعيين والإسلاميين
كيف يمكن للحكومات استعادة ثقة الشعوب من جديد؟
دمج الإقتصاد والدبلوماسية الدينية في اتفاقيات ابراهيم
التطبيع خيانة شعار فارغ في زمن التسوية الشاملة