لم يمر سوى أسبوعين على انقلاب فاغنر على بوتين التي كشفت ضعفا داخليا في روسيا بوتين، حتى أقدمت تركيا على توجيه طعنة للرجل المريض.
من الواضح أن الرئيس فلاديمير بوتين يخسر أصدقائه وحلفائه بسرعة، بداية من الطباخ يفغيني بريغوجين الذي انقلب عليه إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ربما استنتج أردوغان أن الرهان على بوتين بعد التمرد بدا أقل حكمة، وهو استنتاج ذهب إليه العديد من الخبراء الذين يعرفون أن الرئيس التركي براغماتي يبحث دائما عن مصالحه.
لا يحب الناس الرهان على الضعيف أو المهزوم، وتبدو روسيا فعليا الآن منهزمة، فهي لا تتقدم في أوكرانيا وتتكبد خسائر كبيرة يوما بعد يوم وتعاني داخليا من معارضة متنامية تهدد مكانة بوتين واستمرار حكمه.
ولا يقل الموقف الصيني أهمية عن ما سبق، فقد أخبر الرئيس الصيني نظيره الروسي أن استخدام الأسلحة النووية خط أحمر وغير مسموح به، وأن بكين ستدير ظهرها لموسكو إذا ارتكبت حماقة من هذا النوع.
يعرف الآن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه في ورطة، فهو عسكريا عاجز عن تحقيق أهدافه في أوكرانيا، وإذا لجأ إلى النووي سيخسر بقية حلفائه والمتعاطفون معه ولا تدعمه أي دولة في العالم.
سار الرئيس التركي على خط ضيق بين معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا والحفاظ على العلاقات الوثيقة مع بوتين، حتى أنه يروج لـ “العلاقة الخاصة” بين بلاده والزعيم الروسي.
إقرأ أيضا:تفاصيل مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل المسربةرفض أردوغان الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو (بينما استخدمت كييف طائرات بدون طيار تركية الصنع ضد القوات الروسية)، كما ساعد الأمم المتحدة في التوسط مع روسيا لاستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا، وتجنب أزمة غذاء عالمية محتملة.
وقال تيمور كوران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك في نورث كارولينا: “لم تكن تركيا قط حليفًا بالمعنى الرسمي، لكنها لم تنضم إلى الحظر المفروض على روسيا وكانت شريكًا تجاريًا رئيسيًا”.
واستفادت تركيا من النفط الروسي الأرخص والطاقة التي تشتريها من موسكو، لكنها تدرك أن الدب الروسي أيضا بحاجة إلى أسواق جديدة لصرف انتاجه بعد أن تخلى الإتحاد الأوروبي عن الوقود الأحفوري الروسي.
لكن تركيا تعاني من ازمة اقتصادية كبرى وانهيار الليرة التركية مستمر وقد تواجه الدولة التركية افلاسا محتملا خلال 2025، لذا يركز أردوغان في الولاية الجديدة على حل المشكلة الاقتصادية.
بعد تطبيع علاقات تركيا مع الإمارات والسعودية ودول الخليج وتعزيزها مع إسرائيل والتقارب مع مصر وفتح قنوات تواصل مع سوريا، تحتاج تركيا إلى اصلاح علاقتها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجلب الإستثمارات من القوى التي لديها إمكانيات مالية هائلة أكبر من روسيا والدول الأخرى.
روسيا ضعيفة اقتصاديا وماليا وهذا أمر غير قابل للإنكار، وقد استفادت منها تركيا الفترة الماضية إلى أقصى حد، حيث لجأ إليها آلاف الروس الفارين من بلادهم، وتستقطب السياح الروس وتستورد الطاقة الروسية الرخيصة، لكن كل هذا لم يوقف انهيار الليرة التركية ولا يوجد لدى روسيا أكثر من هذا لتقدمه.
إقرأ أيضا:مشكلة الكنيسة المسيحية مع الماسونية ولماذا يحظرها الكاثوليك؟لهذا السبب تتجه تركيا غربا مجددا، من خلال تسهيل انضمام السويد إلى الناتو مقابل تسهيل انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي أو على الأقل اصلاح علاقتها مع التكتل الأوروبي والحصول على صفقات أسلحة أمريكية وتجاوز الخلافات القديمة.
قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف، إن تركيا وجّهت لنا طعنة في الظهر وتتحول إلى دولة غير صديقة، وذلك بعد أيام من تأييد أنقرة انضمام أوكرانيا إلى الناتو وأيضا اطلاق سراح قادة الكتيبة الأوكرانية التي دافعت عن مجمع “آزوفستال” للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية.
إقرأ أيضا:كيف ساهم رجال الدين والإسلام السياسي في ازدهار الإلحاد؟ولا يمكننا فصل انقلاب تركيا على روسيا عن انقلاب فاغنر من قبل فهي تؤكد بشكل واضح أن موسكو خسرت داخليا وخارجيا والرهان على انتصارها هو رهان خاسر.
إقرأ أيضا:
أسباب دعم تركيا انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو
لا مفر من انضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي ولكن!
انضمام السويد لحلف الناتو من نتائج حماقة بوتين
هل يقود بوتين جيشه إلى حرب روسيا وفنلندا كما فعل ستالين؟
انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو خطأ بوتين
انضمام فنلندا إلى الناتو رسميا مكسب للغرب بفضل روسيا
حلف الناتو العربي مفتاح السلام والرخاء في الشرق الأوسط