عندما شنت حركة حماس والفصائل المسلحة في قطاع غزة هجوما على المدنيين في إسرائيل، أكد العديد من العقلاء على أن طوفان الأقصى هي عملية متهورة وخطيرة.
استغلت إسرائيل الصور ومقاطع الفيديو التي صورها المقاتلون للتنكيل بالجثث، وعرضتها وسائل الإعلام العالمية وسخرت القوة الإعلامية لإظهار أن اليهود يتعرضون لإبادة جديدة.
والحقيقة أن مقتل 1300 إسرائيلي في عملية استغرقت مدة قصيرة، هو أكبر دليل على أن الهجوم لم يميز بين عسكريين وبين مدنيين، وقتل أيضا فيه العشرات من السياح الذين يحملون جنسيات دول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا والولايات المتحددة وهو ما أغضب الدول الغربية.
والآن مع حصول إسرائيل على الضوء الأخضر من المجتمع الدولي خصوصا الغرب من أجل تأديب حركة حماس وربما القضاء عليها مهما سيكلف ذلك من خسائر في الأرواح، يعتقد الكثير من الناس أن طوفان الأقصى هي مؤامرة إسرائيلية ومسرحية جديدة ربما شاركت فيها حماس والفصائل الإسلامية.
الغرض من هذه المسرحية هي منح إسرائيل سببا من اجل اجتياح القطاع ودفع الفلسطينيين إلى سيناء، ويقال أن حماس نفسها التي لديها أنشطة مسلحة في الأراضي المصرية تريد انشاء دولة فلسطينية في سيناء لها.
وتضج الشبكات الاجتماعية بهذه الروايات والقصص التي يتداولها الناس ممن يحاولون فهم ما يحدث في القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعقد.
إقرأ أيضا:مظاهر تغير المناخ واضطرابات صيف 2021حتى الآن ما نعرفه عن الهجوم هو أنه صادم للغاية بالنسبة لإسرائيل، ووضع حكومتها في موقف ضعف في البداية، وكان من الضروري للغاية شن هذا الهجوم لأن ما حدث لم يكن هينا، وكان خرقا واضحا للهدنة.
من جهة أخرى نعلم أن الحركات المسلحة المقاومة في قطاع غزة، هي ضد إسرائيل بالفعل، وليست على تنسيق معها، وتعتبرها تل أبيب حركات ارهابية.
الهجوم الذي حدث كشف عن ضعف غريب بالفعل في الأمن الإسرائيلي الحدودي خصوصا مع قطاع غزة التي تعد جبهة ساخنة مقارنة بالحدود اللبنانية، والتي شهدت الكثير من المواجهات المسلحة في السنوات الأخيرة.
وحسب مراقبين إسرائيليين يعتقد أن ما تمر منه إسرائيل في الأشهر الماضية من اضطرابات ومظاهرات وخلافات حول السلطة القضائية في البلاد والقوانين التي تحاول الحكومة المتطرفة تمريرها هو ما أدى إلى اختلال لدى الجيش الإسرائيلي.
من غير المستبعد أن تكون حماس والفصائل المسلحة الأخرى تعرف أن هناك الأمن الإسرائيلي في أدنى جهوريته يوم الهجوم خصوصا وأنه يأتي في فترة أعياد إسرائيلية.
لكن في المقابل الضربة المؤلمة لإسرائيل، استطاعت تل أبيب استغلالها على نحو جيد، حيث سوقت لفكرة أنها تتعرض للتضييق والإبادة من تلك الفصائل بل وألصقت بها أيضا تهمة أنها فصائل تطبق ما كانت تطبقه داعش في العراق وسوريا وأماكن أخرى.
إقرأ أيضا:ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟استغلال المواقف في السياسة هي ظاهرة شائعة في العديد من السياقات السياسية، ويشير هذا إلى استخدام الأحداث والمواقف والرموز لتحقيق أهداف سياسية أو لتعزيز مصالح سياسية معينة.
تستغل الدول والحكومات وحتى الأحزاب المواقف بطرق مختلفة، مثل تأويل الأحداث بطريقة تخدم أجندة سياسية معينة، أو استخدامها للتأثير على آراء الجمهور أو تحقيق مكاسب سياسية.
استغلال المواقف في السياسة قد يكون مثيرًا للجدل ويثير الانقسامات، حيث يتم اختلاف التفسيرات والتصورات حول المواقف والأحداث، يمكن استخدام المواقف لإثارة العواطف والمشاعر وتأثيرها على توجهات الناس، وقد يتم استغلال المواقف أيضًا لتعزيز أجندات سياسية أو لتشويه صورة الخصوم السياسيين.
وبالطبع نجحت إسرائيل في فعل ذلك، حيث سهل عليها المسلحون من حماس المهمة من خلال استغلال الفيديوهات التي يتداولونها وعرضها في وسائل الإعلام وللعالم أجمع.
ما لا يفهمه الشارع العربي عموما هو أن الدول الذكية في السياسة تعرف جيدا كيف تستغل حتى أسوأ الأحداث والمواقف لصالحها لهذا يبدو وكأن الأمر مخطط من جانبهم، يحسن الخصوم استغلال المواقف والورطات لصالحهم لهذا يعتقد العاطفي أن هذا مخطط له سلفا.
إقرأ أيضا:هل يزداد الإحترار العالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟وفي هذا الصراع لدى إسرائيل فرصة بالفعل لتهجير مليوني فلسطيني إلى سيناء وتنفيذ صفقة القرن التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قبل، لكن هذا يتطلب اجتياحا بريا واسعا للقطاع والقضاء على حماس، وأقل مكاسبها هي ضرب الكثير من الأنفاق والبنية التحتية العسكرية لتلك الحركات المسلحة.
إقرأ أيضا:
الجانب المظلم من ديمقراطية إسرائيل
منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وضم الضفة الغربية ثم غزة
ما الذي يتحكم في تحركات سعر الدولار اليوم بالشيكل؟
هل روسيا تهدد إسرائيل وهل تدعم حماس؟
ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيلية
هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟