تستمر الحرب الروسية الأوكرانية وواحدة من أسوأ تكاليفها هي أنها تضرب جهود مكافحة التغير المناخي وتجنب الإحترار العالمي.
وإذا كنت تتساءل عن طريقة حدوث ذلك، فهذا لا يتعلق بالعمليات العسكرية الملوثة، نعرف جيدا منذ زمن طويل أن الحروب مدمرة للبيئة والأرض وفساد حقيقي يحرق الشجر ويدمر الحضارة وليس فقط جنود الأعداء.
أزمة الطاقة العالمية والعودة إلى الطاقة القذرة
اندلعت الحرب في أوكرانيا في الوقت الذي كان من المفترض أن يسرع العالم من انتقاله إلى مستقبل الطاقة النظيفة، في غضون ثلاث سنوات أخرى، يجب أن تصل انبعاثات الكربون إلى ذروتها، وفي السنوات الثماني المقبلة، يجب على البلدان خفض انبعاثات الكربون بمقدار النصف إذا كان هناك أي أمل في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ بحلول عام 2050.
حتى قبل الحرب الحالية، تشير التقديرات الأكثر شمولاً إلى أن الارتفاع في درجة الحرارة العالمية قد يكون كارثيًا عند 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن (ما يقرب من ضعف هدف 1.5 درجة لتلك الاتفاقية).
تدفع الحرب في أوكرانيا العالم بالكامل في الاتجاه المعاكس، تعمل الصين والهند في الواقع على زيادة استخدامهما للفحم، وهو أسوأ وقود أحفوري ممكن من حيث انبعاثات الكربون.
أوروبا في حاجة ماسة لاستبدال النفط والغاز الطبيعي الروسيين، وتفكر دول مثل اليونان الآن في زيادة إنتاجها من الطاقة القذرة.
إقرأ أيضا:أهم 5 دول تريد الإستقلال عن روسيا وترفض الإتحاد الروسيبطريقة مماثلة، تعمل الولايات المتحدة مرة أخرى على زيادة إنتاج النفط والغاز، والإفراج عن الإمدادات من احتياطي البترول الاستراتيجي، وتأمل في إقناع الدول المنتجة للنفط بضخ المزيد من منتجاتها في الأسواق العالمية وأبرزها السعودية والإمارات العربية المتحدة وكذلك تشجيع زيادة إنتاج النفط الفنزويلي والإيراني.
المصلحة الاقتصادية أهم من التغير المناخي
بعبارة أخرى، ساعدت روسيا بغزوها على إخراج جهود العالم المتعثرة بالفعل لإزالة الكربون عن مسارها، على الرغم من أن بوتين قد ألزم بلاده في الخريف الماضي بسياسة خالية من الكربون بحلول عام 2060، فإن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الآن سيكون انتحارًا اقتصاديًا نظرًا لأنه لم يفعل الكثير لتنويع الاقتصاد.
وعلى الرغم من العقوبات الدولية، كانت روسيا تحقق أرباحًا من مبيعات الوقود الأحفوري، حيث حققت 97 مليار دولار في أول 100 يوم من المعركة.
وتبحث مختلف دول العالم المتضررة من ارتفاع أسعار الطاقة عن مصلحتها حاليا، وهي الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وحتى المغرب ودول غرب أفريقيا يبحثون عن زيادة إنتاج الوقود الأحفوري.
كل الدول التي تستورد الطاقة أو تعتمد على الخارج ملزمة حاليا للبحث عن بدائل أرخص، لمواجهة التضخم وتقليل الخسائر المتراكمة.
بالنسبة لكل من الصين والهند فقد ازدادت مشترياتهما من النفط والفحم الروسي اللذان يحصلان عليهما بسعر أقل من سعر السوق حيث لا تجد موسكو من تبيع لهم انتاجها.
إقرأ أيضا:الجزائر مع الصين الواحدة ومع تقسيم المغرب في نفس الوقتفي الوقت الحالي تزيد أوروبا من استيراد الغاز والنفط من خارج أوروبا لتقليل اعتمادها على روسيا، وتتجه اليونان إلى استخدام الفحم والورقة نفسها مطروحة على طاولة الدول الأكبر في أوروبا مثل ألمانيا.
خطر الإحترار العالمي في تزايد
كل عام يتباكى الناس صيفا وعلى مدار اغلب أشهر السنة بشكل عام من ارتفاع الحرارة وأضرار ذلك على صحتهم وممتلكاتهم، ولا يعلمون أن هذا الوضع سيستمر وستتزايد الحرارة لمستويات قياسية غير مسبوقة حتى في الدول الأوروبية التي لا تشهد حرارة مرتفعة.
مع بداية هذا الصيف سجلت اسبانيا ارتفاعا لدرجة الحرارة وصل إلى 42 درجة في عدد من المدن الساحلية، شكل الأمر صدمة للسكان والسياح على حد سواء.
من شأن تزايد الحرارة ان تؤثر على الموارد المائية، حيث يتم تجفيف المياه الجوفية وتتبخر مياه البحيرات والسدود وينتشر التصحر وتتعرض المزيد من الدول والدول لعواصف رملية خطيرة.
إقرأ أيضا:هل طوفان الأقصى مؤامرة ومسرحية جديدة من إسرائيل؟كل ذلك يهدد الأمن الغذائي حيث تفشل زراعة الحبوب والزراعات التقليدية ويضطر الفلاحون إلى استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة والكيماويات لزيادة الإنتاج لتوفير محصول كثير بدون جودة حقيقية.
ويمكن للتغير المناخي أن يقود إلى مجاعات ستكون الأكبر في تاريخ البشرية، والتي ستؤدي إلى ارتفاع الهجرة من الجنوب إلى الشمال، وكذلك إلى اضطرابات اجتماعية في مختلف، وانتهاء بالموت الجماعي للجائعين.
إقرأ أيضا:
مخاطر العواصف الترابية وعلاقتها بالتغير المناخي
حجب أشعة الشمس لمعالجة التغير المناخي
15000 فيروس جديد وأوبئة مدمرة بسبب التغير المناخي
فوائد الموز المزيف في عصر التغير المناخي
هل يعالج بركان هونغا تونغا مشكلة التغير المناخي؟