استقبلت الشعوب الإسلامية أحداث 11 سبتمبر بفرح وارتياح قبل أن تدرك فداحة الجريمة، وفي عام 2013 كانت داعش نتيجة استجابة الشعوب لدعوات الجهاد في سوريا، ومرة أخرى يتكرر الأمر نفسه مع هجوم 7 أكتوبر الذي نفذته حماس ضد مواطني والسياح في إسرائيل.
كل مرة يختار القطيع الجهة الخطأ، الترحيب بالفوضى التي تحدث، حتى تتحرك الحكومات والمثقفين والمجتمع الدولي، حينها يتراجع الزخم ويتراجع الرهط عن موقفهم القديم.
منذ 7 أكتوبر 2023 وإلى الآن رأينا هذا الضبط، في اليوم الأول للهجوم كانت هناك اشادة شعبية إسلامية بما فعلته حركة حماس، وبنيت تحليلات اسلامية كثيرة بناء على الهجوم منها أن هذه هي نهاية إسرائيل.
وبعد أن بدأت إسرائيل هجومها العنيف واجتاحت غزة، تغير الخطاب الشعبي، أصبحت الشعوب الإسلامية تطالب بوقف الحرب وتتباكى في مواقع التواصل عن المجازر، لكن الخطاب الإسلامي السياسي قوي، وذهب للطعن في الحكام العرب والجيوش العربية وتخوينهم.
وبعد أن كانت الأصوات متفقة على أن سبي النساء وقتل الأطفال واختطافهم هو أمر جيد، لأن الفلسطينيون يدافعون عن أنفسهم، ذهب القطيع إلى نفي حدوث ذلك والتشكيك في مصداقية مقاطع الفيديو، بل يتم تداول هذه الأيام أن الجيش الإسرائيلي هو الذي قصف الإسرائيليين.
التاريخ يعيد نفسه، ما حدث بشكل مصغر بين حماس وإسرائيل، هو ما حدث قبل سنوات عندما دعت القوى السياسية الإسلامية مدعومة من قطر ودول الخليج الغارقة في الوهابية إلى الجهاد في سوريا.
إقرأ أيضا:ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيليةلكن عندنا ظهرت داعش التي شنت حروب إبادة على الخالفين لها تحث راية أهل السنة والجماعة، وبدأت الحرب العالمية على داعش، ووصل إلى الحكم في السعودية آل سلمان وسقط مرسي في مصر، حينها تغير الخطاب الشعبي وتبرأ رجال الدين من الدولة الإسلامية.
اليوم تتكرر الفكرة التي تقول أن الإسلام دين الإرهاب، خصوصا وأن الهجمات في أوروبا ضد سكانها من قبل المهاجرين المسلمين في تزايد، وقد رأينا ذلك في فترة حرب غزة.
ويحاول الخطاب الإسلامي الحداثي اليوم تحرير الإسلام من تهمة الإرهاب التي تلاحقه، ويتهم عدد من المسلمين الجماعات السياسية الإسلامية بأنها تشوه الدين وربما خدمة لأجندات خفية ويتهمون المخابرات الأمريكية بالوقوف وراءها.
لكن الحقيقة المرة في كل هذا أن اشادة غالبية المسلمين بهذه الأحداث الإرهابية يؤكد بما لا شك فيه أن الدين الإسلامي كما فهمه الناس يشجع على العنف وعلى قتل الآخرين وبالتالي ممارسة الإرهاب.
إن التطرف الإسلامي ليس انعكاسًا لجميع المسلمين في العالم اليوم، ولكنه بالتأكيد انعكاس لعدد كبير من المسلمين الذين يريدون الرجوع بنا إلى زمن الحروب الدينية، حيث كانت الدولة الإسلامية تغزو بقية الدول لنشر الإسلام وتفرض الجزية وتسبي النساء والأطفال، ولا يختلف حال الدول الصليبية التي كانت تستخدم الغزوات لنشر المسيحية.
في عالم عقلاني وعلماني اليوم، هذه الأفكار غير مقبولة وتسيء إلى حق الفرد في اختيار العقيدة والدين الذي يريده، وممارسة حريته الدينية ما لم يعتدي على الآخرين ويستخدم ايمانه لتكفيرهم وقمعهم.
إقرأ أيضا:ماذا سيحدث بعد اغتيال حسن نصر الله؟وبينما نعترف بالحق الفلسطيني للدفاع عن أنفسهم إلا أن الهدف المشروع في الحرب هي العسكريين وليس المدنيين كما فعلت حماس يوم 7 أكتوبر 2023، وهي التي يتخفى رجالها داخل التجمعات السكنية ويطلقون منها الصواريخ ويستخدمون سكان غزة كذروع بشرية متسببين في سقوط الكثير من الضحايا.
ورغم انتشار الأفكار الحداثية أكثر في المجتمعات الإسلامية بالسنوات الأخيرة، لدرجة أن الكثير من الشباب السلفيين اليوم تركوا السلفية بل ذهب عدد منهم إلى الربوبية والإلحاد، إلا أن التطرف لا يزال السيد الذي يحكم هذه المجتمعات ويظهر في مثل هذه الأوقات الصعبة.
وكل هذا يجعلنا اليوم نتساءل بصدق هل الإسلام دين الإرهاب؟ وللأسف عندما نتتبع الخطاب السياسي الإسلامي المتطرف نجد أنه يستند إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية وقصص إسلامية تاريخية وكذلك الأحكام التي استنبطها رجال الدين المسلمين على مر التاريخ.
إقرأ أيضا:كذبة إعادة تدوير البلاستيك Plastic Recyclingفي أوقات التمكين والقوة يميل المسلمين الذين يؤيدون الخطاب السياسي الإسلامي إلى دعم الإبادة وقتل الآخرين والتصرف على نحو همجي كما كانت تفعل داعش في سوريا والعراق، وفي أوقات الضعف يتحدثون عن وسطية الإسلام ويتبرؤون من داعش ويصفونهم بأنهم خوارج هذا الزمان.
إقرأ أيضا:
الناشطة الإخوانية التي اعتنقت المسيحية تحذر من الإسلام والإلحاد
فوضى اكس في حرب غزة وكيف خسرت تويتر المعلنين
كيف ستكون نهاية حماس ونتنياهو وقطر في حرب غزة؟
تاريخ تصدير الغاز الفلسطيني من غزة لإسرائيل
أسرار طوفان الأقصى ولماذا ساعد نتنياهو حماس على تنفيذها؟
عندما تهدد مظاهرات نصرة فلسطين حكم الملك محمد السادس
هل حماس صناعة إسرائيلية وما دور مصر فيها؟