أسوأ عام لشركة فيس بوك
المتابع فقط لأخبار فيس بوك المالية يرى أن الشركة تحقق عائدات وأرباح متنامية، ويعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد لمؤسس الشركة السيد مارك زوكربيرغ المسيطر على مجال الشبكات الإجتماعية.
أما المتابع للصحافة العالمية والمتعمق في أزمة خطاب الكراهية وأزمة الأخبار المزيفة ومساعي الحكومات للسيطرة مجددا على الرأي العام الغارق في الفوضى على المنصات الإجتماعية فهو يرى أن تلك الأرباح المتصاعدة تخفي وراءها أزمات لا تعطي تأثيراتها حاليا على الجانب المالي لكنها قادرة على التحول إلى أزمة مالية في وقت لاحق.
لا شك أن عام 2017 كان سيئا بالنسبة للشركة الامريكية فمنذ الإنتخابات الأمريكية 2016 سلطت وسائل الإعلام الأضواء على دور المنصات الإجتماعية في توجيه الرأي العام، وانتفض كبار صناع الإعلام ضد فيس بوك لأنه في الواقع يحاول أن يلعب دور وسائل الإعلام لكن بطريقة أسوأ وهي أنه يوجه الرأي العام نحو اتجاه معين والمشكلة أن حوالي 2 مليار من مستخدميه يعتمدون عليه اعتمادا كليا في اتخاذ المواقف والحكم على الأشياء، بينما منافسيه مثل تويتر الذي يواجه نفس الاتهام تأثيره أقل لأن مكانته أقل بالأرقام والمستخدمين.
في هذا المقال سنتوقف عند الأزمات التي اندلعت خلال 2017 لمواجهة فيس بوك، وهي التي نرشحها للتصاعد أكثر خلال 2018.
إقرأ أيضا:صلاح بول عوض ليفربول في ظل التطبيل المصري بالأخبار المزيفة
-
أزمة الأخبار المزيفة مستمرة
لا شك أن الأخبار المزيفة هي أزمة ضخمة لا يمكن اختصارها فقط في موقع فيس بوك، فالمواقع الإخبارية تورطت في هذه القضية وهناك وسائل إعلام معتمدة استخدمتها كسلاح في مختلف القضايا السياسية بما فيها الأزمة السورية، الإنتخابات الأمريكية 2016، الحرب اليمنية، الأزمة المصرية، الأزمة العراقية وملفات كثيرة أخرى.
لكن فيس بوك شكل المنصة المفضلة لانتشار الأخبار المزيفة حيث بعد أن تقوم المواقع الإخبارية بنشر الأخبار تلجأ إلى المنصة الاجتماعية لجلب الزيارات وقد تستخدم الإعلانات إن كان التفاعل جيدا ويضمن نجاح الحملة الإعلانية بجلب أكبر عدد من القراء بأقل تكلفة مادية.
رغم كل الأدوات والتعديلات التي قامت بها عملاقة الشبكات الإجتماعية، فشلت إلى الآن في معالجة هذه الأزمة والقضاء عليها.
لا يزال من الممكن جدا أن تصادف منشور يروج لخبر مزيف حصد الآلاف من التفاعل وإعادة المشاركة، بل ويمكن أن تلاحظ تلك المنشورات على شكل إعلانات.
-
أزمة خطاب الكراهية تتألق وسط تراجع الاحترام والتعبير بأدب
كم مرة في اليوم تصادف منشورات وتعليقات تتضمن هجوما كلاميا على شخص معين أو حزب أو عقيدة أو دين أو طائفة أو حكومة أو أفرادا تتضمن السب والشتم والتحريض على الكراهية ضدهم؟ الكثير من المرات!
إقرأ أيضا:لماذا نسخ الفيديوهات و قنوات يوتيوب عن طريق RDP مخالف و سيء؟حتى إن كنت تتابع صفحة رياضية محترمة ستجد أن التعليقات مليئة بالصراع الكلامي بين أنصار مختلف الفرق الكروية أو الشخصيات الرياضية.
وينطبق الأمر على الصفحات في بقية المجالات بما فيها السياسة والمجتمع والفن والدين والمعتقدات وحتى التقنية والاقتصاد.
ولا نتحدث بالطبع على الصفحات الاجتماعية التي تنشر مقاطع الفيديو والمنشورات التي تحرض على الكراهية ضد النساء أو ضد الرجال، وصفحات السخرية والضحك التي تضع +18 ضمن أسمائها بكل افتخار، بينما منشوراتها معظمها قمامة فكرية.
وتدخلت الحكومات الأوروبية والغربية خلال الفترة الأخيرة لمنع تلك المنشورات والصفحات من خلال الضغط على فيس بوك لحذف منشورات خطاب الكراهية التي تهدد مجتمعاتها أو أن تضطر الشركة الأمريكية لدفع غرامة مالية وهو القانون الذي اعتمده الاتحاد الأوروبي وفرضه أيضا على تويتر ومايكروسوفت وجوجل.
تراجع الاحترام والتعبير بأدب والتحريض على قتل المختلف فكريا أو دينيا أو عقائديا عمل لا يؤيده دين ولا شرع ولا قانون، هو سلوك همجي مرفوض.
-
أزمة التهرب الضريبي في تصاعد
شهد عام 2017 تصاعدا لظاهرة مطالبة الحكومات الأوروبية للشركات الأمريكية بدفع الضرائب، الإتحاد الأوروبي لا يزال يضغط على فيس بوك لدفع لمزيد من الأموال وهي من الشركات المتهمة بالتهرب الضريبي.
إقرأ أيضا:الإعلانات قادمة إلى فيديوهات ومجموعات فيس بوك وأيضا منشورات واتسابوتطالب حوالي تسع وكالات أنباء أوروبية لفرض المزيد من الضرائب على الشركة الأمريكية، لأنها أضحت وسيلة اخبارية عملاقة بلا محررين ولا مدونين، بينما المؤسسات الاخبارية تدفع المزيد من الأموال للوصول إلى جمهور أكبر من خلال الإعلانات وتدفع ضرائبها.
وتدفع الشركة الامريكية الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية فيما تطالبها السلطات بتوضيح وضعها الضريبي أكثر خصوصا وأن الشركات هناك تتهرب من الضرائب من خلال اللجوء إلى دول مثل ايرلندا التي تضمن للشركات التقنية ضرائب أقل ودخلا أعلى.
وفي روسيا تدفع الشركة الامريكية الضرائب للسلطات هناك وكذلك الأمر في استراليا حيث الحكومات في هذه البلدان فرضت ذلك بالقانون.
ويتجه الإتحاد الأوروبي إلى تنظيم الأنشطة الضريبية للشركات التقنية بما فيها فيس بوك وضمان أن لا تتهرب أيا منها من دفع إلتزاماتها.
-
أزمة التأثير السلبي النفسي على المستخدمين وتدمير المجتمعات
رفضت فيس بوك الاعتراف بأن موقعها يؤثر بشكل سلبي على المستخدمين، وقد اعترف تشاماث باليهابيتيا أحد أوائل المسؤولين التنفيذيين في الشركة بأنها تعمل على تدمير نسيج المجتمعات وطريقة التواصل بين الأفراد.
وقال حرفيا: «هي تتسبب في تغيير علاقتك بالمجتمع، وعلاقة الناس ببعضها البعض. الله وحده يعلم ما يسببه لعقول أطفالنا».
وتؤكد العديد من الدراسات أن استخدام فيس بوك والادمان عليه يؤثر سلبا على انتاجية الافراد والتزاماتهم اليومية، كما يؤدي إلى الاكتئاب والتوجه أكثر إلى العزلة والوحدة والشعور بالإحتقار، فيما الإعجابات والتفاعل تضفي القليل من السعادة على نفسية المستخدمين وبمرور فترة عن ذلك يحتاج المستخدم إلى نشر صورة أو منشور له كي يحصد المزيد من التفاعل الايجابي.
وكان عام 2017 غنيا بالدراسات التي تؤكد أن فيس بوك يعمل على تدمير الحياة النفسية للمستخدم، فيما تتجه الدراسات أكثر للتحذير من استخدامه خلال 2018.
-
أزمة التحرش الجنسي بالنساء والأطفال
من الخطر ان يستخدم الأطفال فيس بوك فهو يتضمن محتويات للبالغين، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يبحثون عن الأطفال ويستغلونهم جنسيا من خلال الابتزاز بالصور بعد الايقاع بهم.
التحرش الجنسي بالأطفال هو الأسوأ على الإطلاق ومصدره من أشخاص مشكوك في صحتهم النفسية، بينما التحرش بالنساء هو الآخر في تصاعد، لكن على الأقل المرأة أو الفتاة الراشدة تستطيع ان تتصرف بشكل صحيح وتقوم بحظر المتحرشين بها.
لكن بشكل عام اثر ذلك على نفسية النساء سيء للغاية وهو ما يدفعهن لممارسة خطاب الكراهية ضد الرجال من خلال وصفهم بأنهم حثالة.
نهاية المقال:
بعيدا عن الأرباح المتنامية للشركة، يظل عام 2017 هو الأسوأ في تاريخ فيس بوك نظرا لأنها في مواجهة 5 أزمات تحاصرها وستستمر مع فشل الشركة في القضاء عليه حتى الآن.