ومع فشل أوبك بلس في إبقاء الأسعار مرتفعة، فإن السياسة النفطية السعودية الجديدة تجعل الأمور أسوأ بالنسبة للدول التي تعاني اقتصاديا بسبب العقوبات الغربية الفعالة، بقيادة روسيا وإيران.
ووفقاً لتقارير إعلامية موثوقة، وفي مقدمتها مقال حصري في صحيفة فايننشال تايمز، يبدو أن المملكة العربية السعودية مستعدة للتخلي عن هدف 100 دولار للبرميل.
وبدلا من ذلك، ستعمل الرياض على زيادة الإنتاج وتحقيق مبيعات أعلى من خلال بيع كميات أكبر إلى الصين وأوروبا والهند وبقية الأسواق الاستهلاكية الرئيسية.
ومن ناحية أخرى، فهو رد سعودي على السياسات الروسية التي لم تكن وفية لاتفاق أوبك بلس، إذ كانت تهدف إلى زيادة الإنتاج واستغلال الحد الأقصى الذي التزمت به بقية الدول الأعضاء وعلى رأسها السعودية. .
وبحسب مصادر مجهولة، فإن الخطة المعدلة تقضي بأن تقوم المملكة بزيادة إنتاجها الشهري تدريجياً بدءاً من ديسمبر/كانون الأول، مضيفة إجمالي مليون برميل يومياً بحلول ديسمبر/كانون الأول 2025.
لقد انتهت دورة ارتفاع أسعار النفط وجاءت الفترة الصعبة. ولذلك، فإن لدى المملكة العربية السعودية خيارات عديدة لتمويل إصلاحاتها غير النفط، بما في ذلك إصدار الديون السيادية وكذلك الاعتماد على احتياطياتها النقدية والاستثمارات المتزايدة.
وفي عام 2022، سيبلغ متوسط سعر خام برنت المتداول على نطاق واسع 99 دولارًا، لكن تخفيضات الإنتاج السعودي بمقدار 2 مليون برميل يوميًا على مدى العامين الماضيين فشلت في إبقاء الأسعار مرتفعة.
إقرأ أيضا:ترتيب الدول المقترضة أكثر من صندوق النقد الدوليوفي الوقت الحالي، يتم تداول أسعار النفط الخام عند 75 دولارًا للبرميل، وتبيع روسيا نفطها بسعر 60 دولارًا للبرميل بسبب ذروة سعر النفط الروسي والعقوبات التي فرضها الغرب.
وكلما انخفضت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، ستتضرر روسيا، حيث ستضطر إلى بيع نفطها بسعر أقل، بفارق يتراوح بين 10 و15 دولاراً.
ولا يختلف الوضع في إيران، فهي تبيع نفطها حالياً بسعر أقل ببضعة دولارات من جارتها المملكة العربية السعودية، وتواجه منافسة من النفط الروسي الأرخص في الأسواق، وتعاني في الوقت نفسه من العقوبات.
تخطط المملكة العربية السعودية لزيادة إنتاجها من النفط الخام، متخلية عن هدف السعر غير الرسمي السابق البالغ 100 دولار للبرميل.
ويهدف هذا القرار إلى تعزيز حصتها في السوق وتعزيز مكانتها كلاعب مهيمن في سوق النفط العالمية، حتى مع خطر انخفاض الأسعار بشكل أكبر.
وتأتي استراتيجية المملكة ردا على الإحباط الناجم عن عدم التنسيق بين أعضاء أوبك بلس في خفض الإنتاج للحفاظ على الأسعار المرتفعة.
ونتيجة لذلك، تعتزم المملكة العربية السعودية زيادة الإنتاج بشكل كبير بحلول ديسمبر 2024، مما قد يتسبب في انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 70 دولارًا للبرميل، مما قد يؤثر على تدفقات الإيرادات الروسية الحاسمة لتمويل جهودها العسكرية في أوكرانيا.
وتعتمد روسيا بشكل كبير على عائدات النفط والغاز، التي شكلت ما يقرب من ثلث إيراداتها الفيدرالية في عام 2023.
إقرأ أيضا:ترتيب الدول المقترضة أكثر من صندوق النقد الدوليقد يؤثر انخفاض أسعار النفط بسبب زيادة الإنتاج السعودي بشدة على الاقتصاد الروسي، مما يجبرها على خفض التمويل العسكري أو مواجهة ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة.
ويشير المحللون إلى أن انخفاض أسعار النفط قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإيرادات بالنسبة لروسيا، حيث تشير التقديرات إلى خسارة محتملة تبلغ حوالي 20 مليار دولار إذا انخفضت الأسعار بمقدار 20 دولارًا للبرميل.
إقرأ أيضا:هل يتفوق سهم موتورولا سولوشنز على أداء S&P 500؟وبالنظر إلى المستقبل، ستتأثر الديناميكيات بين روسيا والمملكة العربية السعودية بعدة عوامل، بما في ذلك الطلب العالمي على النفط، والتوترات الجيوسياسية في مناطق مثل الشرق الأوسط، وتحول الطاقة الحالي نحو بدائل أكثر مراعاة للبيئة.
ويحذر الخبراء من أنه إذا أدت استراتيجية السعودية إلى انهيار كبير في أسعار النفط على غرار ما حدث بين عامي 2014 و2016، فقد يشكل ذلك تحديات وجودية لاقتصاد روسيا وعملياتها العسكرية في أوكرانيا.
وبينما تستبعد السعودية خلط السياسة بالنفط، يعتقد الخبراء أن أي دعم روسي لإيران في الحرب ضد إسرائيل سيكون له تأثير أكثر سلبية على موقف الرياض تجاه موسكو.
وكما قلنا من قبل فإن التحالف بين السعودية وروسيا مؤقت وليس تحالفاً حقيقياً مثل التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية الذي تتزايد مصالح الرياض معه بشكل متزايد.