علوم

الفلسفة في قصة فيلم حياة الماعز الهندي المسلم

يعد فيلم حياة الماعز مادة دسمة لكل شخص يعشق الفلسفة، 3 ساعات تذكرنا بأن المعاناة هي أساس الوجود، أن تولد يعني أنك ستتعذب، والعذاب قد يكون مرضا أو فقرا أو سجنا أو حربا أو عبودية.

في الفلسفة المعاناة الإنسانية الحقيقية هي مدخل مهم نحو الكثير من المفاهيم والأهم نحو البحث عن المعنى من وجودنا، وهل وجودنا كان حدثا جيدا؟

لا يمكننا الهروب من المعاناة في الحياة، يمكننا التقليل منها أو اكتساب المزيد من الحكمة لمواجهتها على نحو أفضل، إنها جزء من الحياة وستستمر للأبد.

معاناة الإنسان في فيلم حياة الماعز

في الفيلم الذي أنتج في الهند، ستشاهد قصة حقيقية مع لمسة درامية تجعلك تعيش طيلة 3 ساعات تقريبا وكأنك الضحية، إنها قصة موظف هندي مسلم يُدعى “نجيب” انتقل في بداية التسعينيات إلى السعودية للعمل، وقد وقع في فخ سعودي ادعى أنه الكفيل، واقتاده إلى الصحراء كي يرعى الأغنام ويعمل كعبد لديه.

هذه الحادثة المأساوية ليست مصطنعة ولكنها حقيقية، وعلى مر التاريخ كانت هناك مآسي مشابهة سواء في السعودية أو غيرها.

منذ أن تحول إلى عبد في الصحراء ويرعى الأغنام، يسلط الفيلم الضوء على معاناة الإنسان منذ وجوده في هذه الحياة، وحيدا سيعيش مع الحيوانات وسيتعلم منهم الكثير.

تطورت البشرية لكن المعاناة تطورت أيضا اليوم، وتتجسد في العمل بظروف صعبة والأمراض النفسية والجسدية والفقر والجريمة والحروب الحديثة وما إلى ذلك.

إقرأ أيضا:بردية تولي: هل شاهد الفراعنة الكائنات الفضائية؟

كل شخص يعاني فعلا لكن المعاناة متفاوتة بشكل يبدو للمتأمل عشوائيا، جزء من هذه المعاناة هي نتيجة قراراتنا، وهذا يتجلى في قرار نجيب ترك وظيفته في الهند وحياته الهادئة والهجرة من أجل كسب الثروة وتوفير حياة أفضل لزوجته وأطفاله نبيل وصفية.

اختبار التدين والمعتقدات في فيلم حياة الماعز

نجيب محمد، الهندي المسلم، إنسان مسالم متدين، يواجه في الصحراء بالسعودية اختبارا حقيقيا، صراع بين ايمانه بوجود الله وأمواج الشك التي تصبح قوية كلما طالت المعاناة.

يتعرض الهندي لسوء المعاملة من خلال ضربه واستعباده وفرض رعاية الأغنام عليه، بعد أن كان موظفا يعمل في مكتب مكيف بالهند.

هناك في الصحراء سيواجه أسوأ الظروف، لا استحمام ولا تناول طعام كاف، بل يتناول يشارك الأغنام طعامها، ويواجه وضعا سيئا لم يفكر فيه من قبل.

في أحلك الظروف يخاطب نفسه “لماذا أدعو الله؟ لماذا أصلي لله؟ لماذا يحدث لي كل هذا إن كان هناك إله؟”، يصعد إلى جبل، ويعتزم القفز منه والانتحار.

يظهر له طير جارح مرعب ويبتعد عن حافة الجبل، يم يجد بالمقربة منه جثة عامل هندي طاعن في السن يبدو أنه تعرض لنفس الخديعة واختار الانتحار الموت خلاصا له من عذاب الوجود.

وأمام هذا المشهد الرهيب يقرر نجيب محمد أن يبعد عن ذهنه فكرة الإنتحار، عليه أن يتمسك بالأمل وأن هناك مخرج من هذا الجحيم.

إقرأ أيضا:شعب غزة يؤيد التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية

الإنسان حيوان متأقلم

تأقلم نجيب محمد لسنوات بعد أن فشل في الإنتحار وفشل ذات مرة في الهروب عبر الصحراء، مع الوضع الجديد وأصبح يحب الأغنام ويعيش حياتها.

هذه القدرة على التأقلم ليست غريبة على الإنسان، فهو أكثر حيوان على الأرض يستطيع التأقلم مع ظروفه، لكن الغالبية يفضلون التمرد إلى أن ينتهي بهم إلى وضع أسوأ ويتأقلمون ويتحسرون على ما كانوا فيه من قبل.

يبدو أن الضحية الهندي استسلم لقدره ولم يعد يقاوم، هذا هو الإنسان بعد أن يصبح متأقلما، يفضل التعايش مع واقعه الجديد والقبول به في انتظار معجزة تغير من هذا الحال.

لأنه ما دام يقاوم ويرفض واقعه الجديد سيتألم وسيتورط في حلقة من الألم والصراخ والمحاولات التي لا تنجح.

مشكلة الإنسان في الأرض

في يوم من الأيام يسمع نجيب صوتا سمعه من قبل، إنه صوت ضحية أخرى في هذه المنطقة، وهو صديقه حكيم، الذي جاء من بلده معه، يعمل مثله في منطقة مجاورة، وهو أيضا عان نفس المعاناة وتغير شكله.

لا أحد منهما يعرف كم من الموت مر على استعبادهما، نفس السؤال نطرحه، كم من الوقت والبشرية الآن على الأرض؟ لا أحد يعرف جوابا دقيقا لهذا السؤال وتختلف التقديرات بين العلم والدين.

كما يكشف هذا المشهد عن معتقد وشعور موجود لدى جزء كبير من البشر، هذه ليست ديارنا، نحن فقط ضيوف نولد هنا ونعيش لفترة ثم نموت ونرحل.

إقرأ أيضا:تركيا دولة علمانية يرفض شعبها الدستور الإسلامي

لا أحد يملك الحقيقة، كلنا في هذه الصحراء حيث لا أحد منا تكلم معه الخالق مباشرة، كلنا تائهون نبحث عن الحقيقة، وتختلف اليوم الأجوبة حسب التجارب الشخصية ولا يوجد جواب متفق عليه.

موت حكيم المفاجئ في الطريق إلى الخلاص

يرشد حكيم نجيب إلى أن هناك شخص يعرف الطريق إلى الخلاص، هذا الشخص هو إبراهيم قادري، المسلم الذي يقدم لهما المساعدة للهروب من العبودية.

في البداية يصفه حكيم وكأنه نبي أرسله الله لهما لإنقاذهما واخراجهما من هذا الجحيم، لكن في رحلة الهروب التي تعد أصعب للغاية، يفقد حكيم ايمانه ويتسلل إليه اليأس القاتل.

“لماذا لا نصل إلى طريق ما؟ يضلنا الشيطان عن طريقنا”، بهذا الكلام الساخط تنتهي حياة حكيم الذي يسقط فجأة ويموت وتنتهي قصته.

مع وصول نجيب وإبراهيم إلى الماء تكون مهمة الأخير قد انتهت، في النهاية لكل واحد منا طريقه ورحلته، والرحلة الفلسفية في الأصل فردية لا جماعية إذ الصبر والفهم والوعي يختلف من شخص لآخر.

مرونة الروح الإنسانية

يحتفل فيلم حياة الماعز في النهاية بمرونة الروح الإنسانية، وعلى الرغم من تجريده من كرامته وتعرضه لقسوة لا يمكن تصورها، إلا أن نجيب لا يفقد إنسانيته الأساسية أبدًا.

ويشير الفيلم إلى أن الروح الإنسانية، عند اختبارها، يمكنها أن تتجاوز أصعب الظروف وتخرج أقوى، إن قصة نجيب بمثابة تذكير قوي بالقوة والمثابرة التي تكمن داخل كل فرد.

رحلة نجيب هي شهادة على روح الإنسان التي لا تقهر، والتي ترفض الاستسلام للواقع القاسي لوضعه، ويسلط الفيلم الضوء على أهمية الأمل والتصميم والإرادة في الحياة، حتى في مواجهة الصعوبات التي لا يمكن تصورها.

إقرأ أيضا:

مشاهدة فيلم حياة الماعز نتفليكس مجانا

تكفير الأوزباكستاني ابن سينا: إمام الملحدين الذي حفظ القرآن

ما هي البهائية ولماذا يتعرض البهائيون للإضطهاد؟

قصة رحلة اماديوس ديناخ إلى عام 3906

سندخل النار جميعا وهذه خطة الله من البداية

السابق
هل الدحيح ينشر الإلحاد أم أن العلم متعارض مع الدين؟
التالي
فوائد الجوز الكثيرة للجسم والقيمة الغذائية للجوز