ما دام القطيع في العالم العربي يحشر الإسلام في كل شيء لن تنجح مشاريعهم ضد الإستبداد والديكتاتورية، لأن الدين ركيزة أساسية في نظام الإستبداد.
ويجب أن يسقط رجال الدين في قلوبهم كما سقطت الكنيسة في قلوب الشعوب الأوروبية وانتهت سطوتها وتحررت وانتقلت من الأنظمة الإستبدادية إلى الديمقراطية.
دائما ما يشيطن رجال الدين الديمقراطية والعلمانية والليبرالية وكل قيم عصر التنوير، ويهاجمون الماسونية لأنها لعبت دورا مهما في تحرر الشعوب من الإستبداد وحتى من الإستعمار الغربي.
عبد القادر الجزائري وجمال الدين الأفغاني وسيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية وقائمة طويلة من الماسونيين شاركوا فكريا في تحرير شعوبهم من الإستعمار.
وكانت الكنيسة ولا تزال عدوة الماسونية وهي التي صنعت الكثير من القصص الخيالية حول التنويريين، فيما يترجم المسلمون تلك القصص ويرددونها بدون تدقيق.
وللأسف أضحى الكذب ديدن رجال الدين لشيطنة كل ما هو مختلف، وتنطبق عليهم مقولة الإنسان عدو ما يجهل، ويمكن أن نرى ذلك واضحا في هجومهم على مؤسسة تكوين التي تأسست في مصر مؤخرا.
ولولا عصر التنوير والفلاسفة العرب والأوروبيين واجتهاداتهم لكنا جميعا نعيش حاليا في عصر الظلمات، ولم تحدث أبدا ثورة صناعية ولا تكنولوجية.
ولولا أيضا الإختراعات والتقدم العلمي بعد التحرر من سطوة الدين لم يكن ليصل عدد سكان الأرض إلى 8 مليارات نسمة فقد كانت المجاعات والأوبئة أكثر انتشارا في الماضي.
إقرأ أيضا:مشروع الديانة الإبراهيمية ونهاية الصراعات الدينية الدمويةكي تتقدم مجتمعاتنا العربية يجب أن تزدهر العقلانية وإعمال العقل، وندقق في المعلومة قبل أن نحفظها ونرددها، ونشجع على الفلسفة والعلوم ونفصلها عن الدين.
وإذا تعارض العلم مع معتقداتنا الدينية، أخذنا بالعلم وتركنا الخرافة وهذه قاعدة اتبعها البوذيون ودعا إليها المعلم بوذا وكذلك فعل الدلاي لاما.
الثقافة الدينية جيدة وهي تعلمنا الكثير عن معتقدات أتباع الديانات والمذاهب والمدارس المختلفة لكنها في النهاية ليست علوما يمكن أن نبني عليها حضارتنا.
ولا تبني الديانات حضارات بل البشر يفعلون بالفلسفة والعلوم، الأديان ما هي سوى أداة فعالة من أجل التحكم في القطيع وبيع الأوهام لهم والوعود لما بعد الموت.
معظمنا يعترف بوجود خالق لهذا الوجود، وكلنا نتساءل عن ماهية هذه القوة أو الصانع، ولكن لا أحد منا يملك إجابة مثبتة علميا وبالأدلة المادية.
في المقابل كل دين يدعي أنه يعرف الحقيقة وأن نبيه على اتصال بخالق الكون، وقد انتشرت الديانات ولجأ إليها الناس وورثنا معتقداتنا عن آبائنا دون تمحيص ولا تدقيق.
إذا فهمت الشعوب العربية وقادتها هذه الأمور سيكون انتقالنا إلى مجتمعات علمية وعقلانية سلسلا وتدريجيا وبدون فوضى ولا ثورات.
وأي ثورة تندلع اليوم ستفشل لا محالة، كما فشلت ثورات الربيع العربي، إذ أن الوعي الجمعي متدني، والشعب لن يأتي بأشخاص ديمقراطيين بل بمستبدين جدد، لأن الفرد في مجتمعنا مستبد.
إقرأ أيضا:الوباء القادم سيكون أسوأ وقد يكون سلاحا بيولوجيالا يمارس الفرد في مجتمعنا الديمقراطية في حياته اليومية، ويريد أن يفرض رأيه على الجميع، وهو ضحية أب ديكتاتوري وأم مستبدة، ويمارس على زوجته وأبنائه ما تعرض له.
هل يمكن لهذا الفرد أن يكون ديمقراطيا في السلطة؟ هل يمكن أن يقبل بالآراء المختلفة والنقد الذي يتلقاه من المعارضة؟ للأسف سيكون مستبدا وسيقمع المعارضة لأن هذه هي ثقافته.
أي ثورة للأسف ستكون مدمرة للأرواح والموارد وستعيد البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الوراء، ولنا في سوريا وليبيا وتونس ومصر والسودان دروسا وقصصا واضحة.
هذه ليست المرة الأولى التي تفشل فيها الثورات بالمنطقة، فقد فشلت ثورة الإمام علي بن أبي طالب ضد معاوية، وثورة ابنه الحسين الذي قتل في كربلاء، وفشلت ثورة الإمام المصلوب في مكة عبد الله بن الزبير، وقبله ثورة المدينة المنورة ضد يزيد بن معاوية.
والأمثلة كثيرة وقد أجمع رجال الدين في الإسلام على تحريم الخروج على الحاكم ما لم يكن كافرا، ولا بأس إن كان ظالما وفاجرا ومن الأفضل الصبر عليه.
وهناك أكثر من 100 حديث نبوي تحرم الخروج على الحاكم، ومن الأدلة الفتاكة التي يستخدمها رجال الدين الآية القرآنية رقم 59 من سورة النساء.
ولا يختلف حالهم عن الكنيسة في أوروبا والتي حرمت الخروج والإنتفاضة الشعبية ورفضت تحريم العبودية وشيطنة الماسونية التي دافعت عن تحرير العبيد.
إقرأ أيضا:كيف يمكن للحكومات استعادة ثقة الشعوب من جديد؟ويؤسفني أن أخبرك أن الأزهر في مصر أيضا رفض تحريم الرق والعبودية واعتبرها من أركان الإسلام، واليوم يتحدث رجال الدين أن الأديان الإبراهيمية جاءت لتحرر الإنسان.
الأديان الإبراهيمية حررت الإنسان من عبادة الأصنام لكن في النهاية لم تقضي على نظام الإستبداد السلطوي وتعايشت مع حركة الرق والعبيد.
يريد رجال الدين أن يرضى الناس بالعبودية والقمع ويعيشوا أذلاء لبقية حياتهم، والأسوأ أنهم يتدخلون في كل شيء، حتى الإنجازات العلمية يحرمونها خصوصا تلك التي تعد جديدة وغريبة.
وقد كلفنا تحريم القهوة والراديو والتلفزيون والكاميرا والرسم والشطرنج والهاتف أن أصبح العرب مستهلكين وخلف الأمم في قطار الإبتكار والإنتاج.
أمة تناقش الأمور السطحية وتحكم على هذا بأنه مصلح وذلك بأنه مفسد وفاجر، وتتغنى بالماضي البعيد وتعيش عليه، وتعيش حاضرا مؤلما في عالم مختلف.
مع ازدهار الديمقراطية في أوروبا والغرب قامت الكنائس بمراجعة لحساباتها وتخلت أكبرها عن تشددها، ولا يزال هناك المحافظين لكن أصواتهم ضعيفة في عالم اختار العولمة.
وقد لاحظنا ازدهار القرآنيين والعقلانيين الذين يحاولون إعادة قراءة الإسلام بعقول اليوم وللأسف كفرهم رجال الدين التقليديين، لكن مع انتشار رسالتهم بين الشباب قد تتغير الموازين.
أضف إلى ما سبق، ابتعاد السعودية عن الوهابية وتقدمها في مشروعها التنموي الاقتصادي وانفتاحها الذي فاجأ الجميع، والذي يشكل تطورا إيجابيا في منطقة لا يزال فيها الخطاب الديني سائدا.
على ما يبدو تفضل المملكة أن يأتي التنوير من الأعلى ويفرض على الشعب وهذا اتجاه مهم وايجابي، ولكن أيضا يجب أن يكون التنوير قرارا فرديا في حياة الفرد.
التغيير الذي يأتي من أعلى الهرم جيد ويمكنه أن يوفر بيئة أفضل كي يتحرر من في القاع، لكن التغيير الفردي والتحرر القائم على الإرادة الشخصية يبقى دائما الأعظم.
لطالما كان هناك أدباء وكتاب متحررين مثل نجيب محفوظ وطه حسين وعبد الله القصيمي في العصر الحديث وأبو علاء المعري وأبو بكر محمد بن زكريا الرازي والفرابي وابن رشد في العصور الماضية.
ولطالما تعرض هؤلاء للقمع من السلطات الدينية التي تعطي الشرعية للسلطة السياسية، وقد فشلت المنطقة في الإستفادة من جهود هؤلاء الأعلام وترجمت أعمالهم إلى لغات أجنبية واستفاد منهم الغربيون.
رحلة تحرر الشعوب العربية من الجهل والإستبداد والديكتاتورية يبدأ من جهود الفرد للتحرر من فكر القطيع، وتعليم الأبناء العلوم الجديدة عوض استنزافهم في ما يسمى بالعلوم الشرعية.
بعد جيل أو جيلين من الآن سيصبح القطيع متحررا وأكثر ابداعا وابتكارا ومنتجا وسيكون قادة الدول العربية أكثر انفتاحا على الديمقراطية ولن يكون هناك قائد يتعامل مع شعبه على أنه طفل وهو الأب الذي يعرف مصلحته ويفهم كل شيء.
إلى ذلك الوقت أي ثورة عربية ستندلع في أي دولة لن تأتي بنظام أفضل وستفشل، وسيتحسر الشعب على اسقاط المستبد القديم.
إقرأ أيضا:
افتتاح أولمبياد باريس صفعة ماسونية تنويرية لليمين المسيحي
الماسونية الفرنسية ترفض حكم اليمين المتطرف في فرنسا وبقية العالم
قصة الحزب المناهض للماسونية الأمريكي اليميني المتطرف
من هو صديق اسرائيل؟ دونالد ترامب أم جو بايدن؟
الماسونية تجدد تأكيدها على حظر اختلاط الرجال والنساء
الإلحاد ممنوع في الماسونية والملحد غير مرحب به
غاليليو غاليلي (1564-1642): قديس الماسونية
ماذا يعبد الماسونيين؟ نظرة على عقيدة الماسونية
العلاقة بين مصر القديمة والماسونية وتشابه رموزهما
دور الماسونية في استقلال الجزائر
هل الماسونية منظمة شريرة وما هي ممارساتهم التي تثير الشكوك؟