المتدبر للقرآن الكريم سيجد نفسه أمام الإله الإبراهيمي الغاضب، إله يخيرنا بين عبادته للفوز بالجنة أو عصيانه والهلاك في جهنم، ولكن احتمال النار أكبر بكثير من الدخول للجنة.
وبينما يؤكد القرآن على أن الله غني عن عبادتنا، يكشف عن الغاية من خلقنا وهي للعبادة: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وهذا من التناقضات التي حاول القرآنيون والعقلانيون ترقيعها.
وبدون هذه القاعدة أو الغاية من خلقنا لن تكون هناك في الأصل جنة ونار، إذ أن هذه الثنائية الموجودة في الديانات الإبراهيمية هي لمكافأة ومعاقبة العبيد وهي موجودة أيضا في عدد من الديانات القديمة.
يتحدث الإله الإبراهيمي الغاضب كثيرا عن نفسه في القرآن، قدرته وعظمته ويثني كثيرا على ذاته بشكل مباشر وغير مباشر، وكأنه شخص مصاب بجنون العظمة أو ملك من ملوك الأرض المتجبرين.
ذكر في القرآن لفظ الجنة 66 مرة مقابل لفظ النار 126 مرة، وهذا فارق كبير بين النعيم والجحيم، ويمكننا تفهم السبب وراء ذكر النار أكثر، لأن أكثر الناس والمخلوقات في الجحيم.
في عصرنا الحالي نجد أن هناك 8 مليارات نسمة من البشر، منهم حوالي ملياري مسلم، والمسلمين أيضا لن يدخلوا الجنة كلهم من البداية وينبغي أن يكون المسلم في المذهب الصحيح، لذا أغلبهم أيضا في النار، وبناء على هذا يمكن القول أن اكثر من 90 في المئة من البشرية في عصرنا هم من أهل النار.
إقرأ أيضا:كيف يفسر تناسخ الأرواح معضلة الشر والمعاناة في الحياة؟أضف إليهم 8 مليارات من القرين والشياطين الذين خلقهم الله في الديانات الإبراهيمية لإضلالنا وخلق الفتن والشر.
أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الشيعة ليسوا مسلمين، والشيعة يكفرون السنة، وكلاهما ضد القرآنيين، وكل مذهب يتفرع إلى مذاهب وفرق تتصارع فيما بينها، مثلا الأشاعرة ضد السلفيين حول صفات الله، وكل فريق يقول أنه على حق.
قس على ذلك المليارات من البشر والمخلوقات التي عاشت على هذا الكوكب منذ ظهور الحياة على الأرض إلى يومنا هذا، بمعنى آخر، الإله الإبراهيمي الغاضب عازم على ملء جهنم بالناس أجمعين.
بإمكان الله أن يقضي على الشر والكفر ويجعلنا جميعا من أهل الجنة، لكنه يرفض ذلك، وهو الذي أكد على ذلك أكثر من مرة في القرآن.
“وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا”، “وَلَوْ شاء الله لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ”، “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ”.
من الواضح أن الله في الديانات الإبراهيمية هو الذي أراد تعدد الأديان والمعتقدات والنحل، وقد رفض بشكل صريح أن يكون الجميع مؤمنين.
السنة النبوية تزيد الطين بلة وتجعل الدخول إلى الجنة صعبا للغاية، حيث جاء فيها أن “أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: عالم ومجاهد ومنفق” وهذا لأنهم لم يصدقوا النية مع الله وكانوا يفعلون ذلك رياء وليزكيهم الناس.
إقرأ أيضا:محمد الفايد: البطل المغربي الذي زلزل الأصنام الوهابيةهذا يعني أنك إذا كنت كثير الصدقة وحافظ للقرآن ومجاهد، فهذا لا يعني بالضرورة أنك من أهل الجنة، الرياء أو مشكلة في النية يمكنها أن تجعلك من أهل النار.
ومن هذه الأحاديث أيضا: “لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً”، هذا يعني أن الكثير من المسلمين سيدخلون النار، وسيجد الله دائما سببا ليحشر الجن والإنس في الجحيم.
وجاء في القرآن قوله: “وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ”، ولا تحتاج الآية إلى تفسير فالمعنى واضح كما أن التفسيرات مجرد ترقيع وتخفيف من حدة الخطاب الإلهي.
كما جاء أيضا في القرآن: “وَإِنْ مِنْكُمْ إِلًّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا”، وتعد هذه من أخطر الآيات القرآنية التي يقطع فيها الله الشك على من يظن أنه سينجو من النار.
وقد جاء في الأثر أنه “لا يبقى بَرٌّ ولا فاجرٌ إلا دخلها” وبينما يضيف المفسرون “فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم” إلا أن هذا مجرد اجتهاد منهم الغرض منه التخفيف من الحقيقة المؤلمة.
إقرأ أيضا:تدوينة حكيم زياش متاجرة رخيصة بالقضية الفلسطينيةإن الصورة الوردية عن الله الرحيم وأن طريق الجنة اليسير ما هو إلا كلام أهل التصوف والفرق التي تركز على علاقة حب مع الله، لكن هل الإله الإبراهيمي كذلك؟
لقد استعرض الإسلام بالتفصيل أهوال القيامة وعظمة النار وصعوبة الدخول للجنة، وجاءت السنة بعذاب القبر وفتن آخر الزمان والدجال، وكل هذا يؤكد لنا أن الشر والظلام أكبر وأعظم من الخير والنور.
وإذا كان الإسلام هو دين الحق والإله الذي يتكلم في القرآن هو الله الحقيقي، سندخل النار جميعا وهذه خطته من البداية.
إقرأ أيضا:
الجنة والجحيم في الفلسفة البوذية
حقيقة الملائكة التي كانت آلهة في الديانات القديمة
حقيقة نظرية الماتريكس الفرنسية الأمريكية في أفلام The Matrix
لماذا الله لا يستجيب دعائي؟ التضرع يرسخ المعاناة
الدين هو أكبر عملية احتيال في التاريخ