بعد فوز فلاديمير بوتين بالإنتخابات الرئاسية الروسية، بنسبة 87% من الأصوات على الأقل، في ولاية خامسة تستمر حتى 2030، تكون هذه أطول فترة حكم لروسيا منذ ستالين.
النتائج الانتخابية الأخيرة ومقتل المعارض أليكسي نافالني في السجن بروسيا، يجيبان على السؤال الأهم في هذه المقالة، هل روسيا دولة ديمقراطية؟
روسيا ليست دولة ديمقراطية
بعد وقت قصير من تفكك الاتحاد السوفيتي، أصبحت روسيا دولة ديمقراطية (وإن كانت ضعيفة ووليدة)، وكانت هناك جهود واضحة لتصبح دولة أوروبية أخرى مثل فرنسا وبريطانيا وتتخلى عن الشيوعية والإشتراكية والإستبداد.
لقد تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991، ولكن لم يحدث تحول ديمقراطي حقيقي، وبدلاً من ذلك، ظل النظام الشيوعي السابق قائماً، مع تغير عدد قليل فقط من المظاهر الخارجية: الذئب السوفيتي القديم في ملابس جديدة.
لقد ظلت الجماعات والمؤسسات الحاكمة في الحقبة السوفييتية على رأس السياسة الروسية إلى حد كبير، وكان الاستثناء الوحيد هو اقتصاد السوق ــ أو كان ينبغي أن يكون ــ ولكن حتى هناك استولت النخب القديمة على الأصول والمناصب الأكثر ربحية، وكانت إعادة الاستبداد في نهاية المطاف في روسيا مجرد مسألة وقت.
كانت الإصلاحات تجميلية. وظلت النخب السوفييتية القديمة وأساليبها في تنظيم علاقات القوة هي المسؤولة، وبعد فترة قصيرة من الفوضى، أعادت هذه النخب سيطرتها على المجتمع.
إقرأ أيضا:كيف هزمت اليابان الملحدة الزلازل وقهرت تسونامي؟إعادة انتاج الإتحاد السوفيتي بطريقة مختلفة
عانت روسيا من ضعف شديد بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وسمحت للشعوب بتقرير مصيرها لذا استقلت عنها الكثير من الدول ومنها أوكرانيا.
لكن بعد أن نجحت روسيا مجددا في العودة إلى أكثر 20 اقتصادا في العالم وتقوية جيشها، وظنت أن الإتحاد الأوروبي ضعيف ولن يقاوم أطماعها لأنه يعتمد على الطاقة الروسية الرخيصة استولت على القرم ثم اجتاحت لاحقا أوكرانيا لكنها فشلت في تحقيق أهدافها الأكبر في الحرب بسبب المقاومة الأوكرانية العنيفة وكذلك تحرك الغرب بقيادة الولايات المتحدة لدعم كييف.
داخليا أصبحت روسيا دولة استبدادية كما كان الإتحاد السوفيتي، لكن بطريقة مختلفة، تعتمد روسيا على اقتصاد السوق لكن مع الكثير من التوجيه وتتدخل الدولة في مختلف القطاعات، وقد انسحب الشركات الأجنبية وتراجع دور القطاع الخاص.
ومن جهة أخرى كان تمرد فاغنر في بداية الصيف الماضي، علامة على أن هناك خلافات حول القيادة وهو ما يحدث عادة في الدول الإستبدادية.
إن روسيا ليست حالة انقلاب ديمقراطي، بل هي حالة ديمقراطية لم تبدأ أبدًا، وقد نجح فلاديمير بوتين وأعوانه في بناء نظام استبدادي جديد على أنقاض الإتحاد السوفيتي.
الإنتخابات الروسية مجرد مسرحية
مثل ما يحدث في سوريا ومصر ودول أخرى كثيرة، تعد الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية، يتم فيها اقصاء المنافسين الحقيقيين، والإبقاء على المنافسين التابعين للسلطة أو المعارضين المزيفين.
إقرأ أيضا:دور الأردن ودول الخليج في افشال هجوم ايران على إسرائيلتأتي نتائج الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس بأغلبية مطلقة، وهو أمر لا يحدث في الإنتخابات الرئاسية التي تشهد تنافسا حقيقيا ومشاركة شعبية حقيقية.
كان بوتن قد وضع الهيئة التشريعية تحت السيطرة شبه الكاملة لحزب روسيا المتحدة بعد بضع سنوات من ولايته، لم تواجه روسيا المتحدة معارضة برلمانية قليلة فحسب، بل أصبحت اجتماعاتها تشبه مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفييتي: كانت هناك قوائم طويلة من الإنجازات، وعواصف من التصفيق، والتهليلات بالإجماع، وتعهدات لا نهاية لها من نخب الحزب بالولاء للزعيم وحزبه.
إقرأ أيضا:العلاقات الجزائرية الأوكرانية المتدهورةإن حقيقة أن عملية إعادة الإستبداد في روسيا تبدو على نحو متزايد أشبه بإعادة الإتحاد السوفيتي ليس بالأمر المستغرب نظراً لاستمرارية التعيينات على أعلى المستويات في السياسة الروسية.
عادت روسيا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في التفاخر بالإتحاد السوفيتي وحضور أعلامه في الإستعراضات العسكرية التي تقام في موسكو، وتستمر الحكومة في قمع المعارضة ويعد مقتل المعارض أليكسي نافالني أبرز مثال على ذلك.
إقرأ أيضا:
لماذا قد تخسر روسيا كالينينغراد؟ وكيف؟
تنبؤات الحرب العالمية الثالثة 2025 حسب المخابرات الألمانية
حظر الوقود النووي الروسي في أوروبا والولايات المتحدة
خسائر روسيا بسبب سقف سعر النفط الروسي لعام 2023
هل روسيا تهدد إسرائيل وهل تدعم حماس؟
هل طلبت روسيا الإنضمام لحلف الناتو؟ متى بالضبط؟