يحذر اليوم عدد من المؤثرين المسلمين على منصات التواصل، الشباب والنساء من ممارسة اليوغا بدعوى أنها عبادة شيطانية وثنية، وهذا يذكرنا بحرب شنها القادة المسيحيين في القرن 19 بالولايات المتحدة وانتهت بانتصار البوذية والهندوسية.
عندما تم تقديم اليوغا إلى أمريكا، وفقًا للعديد من الروايات، في عام 1893 على يد سوامي فيفيكاناندا في برلمان الأديان العالمي في شيكاغو، لم تجد قبولًا كبيرًا في المجتمع الأمريكي المسيحي آنذاك.
القادة المسيحيين يهاجمون اليوغا لأسباب متعددة
بل إنه على العكس من ذلك، حذر العديد من القادة المسيحيين من أن اليوغا لا تهدف فقط إلى تعزيز هوية الشخص والتزاماته الدينية، ولا تتعلق فقط بتحقيق اللياقة البدنية والحد من التوتر.
من المعلوم أن النصوص المسيحية لا تتضمن اليوغا أو تعاليم من أجل القيام بها، ولا توجد هذه الطقوس سوى في الهند والتي يقوم بها الهندوس والبوذيين.
اتهم عدد من القادة المسيحيين معلمي اليوغا بنشر الكفر والوثنية وعبادة الشيطان، وأن تلك الحركات التي يقوم بها الممارس تستحضر الشياطين.
استحضر هؤلاء أيضا شهادات بعض معلمي اليوغا الذين يؤكدون أنه لديهم تواصل مع قوى عظمى في الكون، والحدث عن الوحي الإلهي أو المدد كما تسميه حركات التصوف.
تؤمن المسيحية بأن هناك جنة ونار بعد الموت، وترفض عقيدة الوحدة والحلول وإن كانت موجودة لدى فئة كبرى منهم في تفسير شخصية المسيح عيسى.
إقرأ أيضا:10 أدلة قوية على أن الأديان صناعة بشريةالشعب الأمريكي يتجاهل القادة المسيحيين
كان أمام الشعب الأمريكي خياران: إما الاستجابة لتحذير زعمائهم الدينيين من أن اليوغا كانت “نظامًا يخل بولائهم للدين الذي ولدوا فيه” أو تجاهل مخاوفهم وقبولها باعتبارها “نظامًا يجلب قدرًا أكبر من الصحة البدنية والعقلية”.
نشرت وسائل الإعلام والمجلات دراسات تؤكد فوائد اليوغا، وانتشرت في البداية بين النساء ومن ثم انتشرت بين الشباب والرجال، بالتوازي مع ذلك تراجعت مكانة الكنيسة والنصوص المسيحية في حياة الأمريكيين.
في عام 1894، بعد مرور عام على انعقاد برلمان الأديان العالمي، أسس فيفيكاناندا جمعية فيدانتا في نيويورك استجابةً للاهتمام المتزايد باليوغا وبناءً على الطلب الملح من تلاميذه، أسست جمعية الإصلاح الهندية تعاليمها على فيدانتا، التي تعد واحدة من أقدم الفلسفات الروحية في العالم وأساس الهندوسية، كفلسفة تعترف فيدانتا بنفس الإلهام الإلهي في جميع الأديان.
وجاء في احدى التحقيقات الصحفية أن السبب وراء انتشار اليوغا بين النساء الأمريكيات هو كالتالي: “إن الوعد بالشباب الأبدي هو الذي يجذب المرأة إلى اليوغا، وهو الوعد الذي يتشابك مع معظم الديانات الوثنية، تفتح فلسفة اليوغا هذه الباب أمام أسرار خفية، اليوغي كما يُطلق على الطالب الذي يتقنه، موعود بسيادة القانون الطبيعي”.
لم يكن أتباع هذه الحركة الصوفية يمارسون اليوغا فقط فوفقًا لاهتمامات الزعماء الدينيين، أدار بعض المؤمنين الغربيين الجدد ظهورهم للعقيدة المسيحية وغامروا باتباع ديانة اليوغا الوثنية الهندية.
إقرأ أيضا:هل يهدد فيلم حياة الماعز الصداقة السعودية الهندية؟هزيمة المسيحية في مواجهة الثقافة الهندية الغنية
يوضح المؤرخ الديني جويليم بيكرليج: «شهد القرن التاسع عشر اعتداءات على أشكال التعبير المسيحية المهيمنة إقليميًا في كل من الولايات المتحدة وإنجلترا،» مضيفًا: «لقد رفض البعض تمامًا المسيحية وأشكال الدين الأخرى».
كان العديد من اليوغيين الأمريكيين أصحاب ثروات وناجحين ماليا، وقد استثمر هؤلاء أموالا طائلة في سبيل نشر ثقافة اليوغا والمفاهيم القادمة من الهندوسية والبوذية.
في ظل التقدم العلمي والثورة الصناعية وخروج المرأة إلى العمل، تراجعت قدرة المسيحية والديانات التقليدية في اقناع الشباب والنساء بالدين والتدين التقليدي.
كما أن ثورة العدمية التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية وانتشرت في الأدب الغربي والفلسفة دفعت الشباب لطرح أسئلة وجودية لم تقدر الكنيسة ولا غيرها الإجابة عنها.
إقرأ أيضا:العلاقات الجزائرية الأوكرانية المتدهورةاليوم يؤمن الكثير من ممارسي اليوغا بوجود خالق أو وجود قوة عظيمة ننتمي إليها، والكثير منهم أيضا من الطبقة المتعلمة المثقفة والغنية وهي طبقة متمردة على الأفكار التقليدية.
ولا توجد اليوم أي علامات على إمكانية تراجع اقبال الناس على اليوغا والإيمان بالكارما والتناسخ والأفكار القادمة من الهندوسية والفلسفة البوذية.
إقرأ أيضا:
كيف انتشرت اليوغا عالميا وغيرت البوذية كافة الديانات؟
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
البوذية ليست ديانة ولا تتعارض مع الإسلام أو غيره
لا أحد يعلم ماذا يحدث بعد الموت
كيف يفسر تناسخ الأرواح معضلة الشر والمعاناة في الحياة؟
ما هي الفلسفة العدمية؟ معنى Nihilism
ما هي الأخلاق العلمانية وما مصدرها ومعايير تحديدها؟