في الأسابيع الأولى لاندلاع حرب غزة، تعرضت الحكومات العربية التي لديها علاقات رسمية مع إسرائيل لضغوط من الرأي العام لإلغاء التطبيع العربي الإسرائيلي أو اتفاقيات إبراهيم، لدرجة أن البحرين والأردن استدعتا سفريهما من تل أبيب.
لكن كما هو متوقع لم تقدم البحرين ولا الأردن ولا مصر ولا المغرب او الإمارات أو غيرهم من الدول العربية والإسلامية على قطع العلاقات مع إسرائيل ولم تلجأ دول الخليج إلى قطع النفط.
لأنه ببساطة العالم اليوم مختلف تماما، صناع القرار في العالم العربي مقتنعون تماما بأن الحروب في الشرق الأوسط لا تضر إلا الشعوب والسلام العربي الإسرائيلي ضروري.
ومن جهة أخرى حركة حماس هي التي افتعلت هذه الحرب الكبرى بتشجيع من ايران، وهي حركة اخوانية على علاقات جيدة مع طهران ولا تمثل كافة الشعب الفلسطيني.
بعد أن تسببت الحركة في الحرب واجتياح قطاع غزة والخسائر الفادحة لأكثر من مليوني فلسطيني، من المنتظر أن تتراجع شعبيتها في حاضنتها الأساسية، والأيام وحدها ستثبت أن ما فعلته الحركة الإسلامية هي ضربة للقضية الفلسطينية وليس نصرة لها.
لكن لننظر إلى الجانب المشرق من هذه الحرب العنيفة، من المؤكد أن غزة حصلت على اهتمام إقليمي وعالمي يجعل حسم مشكلتها هذه المرة ضروريا، لذا لن تكون هناك هدنة بعد نهاية الحرب في انتظار حرب جديدة.
إقرأ أيضا:رسائل السعودية من القمة العربية وموقفها من أوكرانيا وسورياقد تحكم إسرائيل القطاع أو تسلمه للسلطة الفلسطينية لكن حماس لن يكون لها دور قيادي في القطاع، وهذا هدف لا تختلف فيه إسرائيل مع مصر والأردن والدول الفاعلة في هذا الملف.
لقد كان القادة العرب يسيرون على طريق السلام مع إسرائيل لسنوات عديدة، على الرغم من الاحتكاكات المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والحقيقة أن إسرائيل وشركاء أميركا العرب لم ينظروا إلى هجمات حماس باعتبارها عملاً من أعمال المقاومة الشجاعة، وبدلاً من ذلك، أوضحت العديد من التقارير أن القيادة في مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أدركت الخطر المتمثل في وجود مجموعة ميليشيات مدعومة من إيران، راغبة وقادرة على شن حرب على الوجود العسكري الأضخم في المنطقة.
حتى أن ولي عهد البحرين أدان “بشكل لا لبس فيه” قتل حماس للمدنيين واحتجاز الرهائن بعد فترة طويلة من بدء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء العالم.
من المؤكد أن العلاقات الإسرائيلية العربية ليست في أفضل حال بالوقت الحالي، خصوصا وأن لدى مصر والأردن مخاوف حقيقية من تداعيات الحرب على أمنهما الداخلي، لكن في النهاية العلاقات الدبلوماسية مستمرة وهناك تعاون استخباراتي أيضا.
أشار محللون إلى أن أحد الدوافع وراء هجوم حماس غير المسبوق هو المخاوف الإيرانية من تطبيع إسرائيل في المنطقة، وإذا كان الأمر كذلك بالفعل، فيبدو أن عدوان حماس ربما حقق العكس.
إقرأ أيضا:أطماع روسيا بوتين تعيدنا إلى الحركة الإستعمارية الروسية الكبرىلقد شكل الهجوم تهديدًا جديدًا للقادة العرب أكد أن “أمن واستقرار الدول العربية يتعزز إذا كان هناك تطبيع للعلاقات مع إسرائيل”، كما قال الرئيس جو بايدن لبرنامج 60 دقيقة على شبكة سي بي إس.
إن شبكة التهديد الإيرانية واسعة النطاق، ووكلاؤها المدججون بالسلاح في وضع يسمح لهم بضرب كل دولة عربية، وتعد الهجمات اليمنية على السفن التجارية دليلا على ذلك، حيث لجأت شركات الشحن إلى تجنب المرور في البحر الأحمر وبالتالي تهديد مكانة قناة السويس ومصالح مصر.
إقرأ أيضا:الإسلام يكره العزوبية بينما العازب أساسي في المسيحيةبعد أن تنتهي حرب غزة التي يمكن أن تستمر لأشهر إضافية ويتغير المشهد في قطاع غزة، حينها ستكون هناك تسوية حقيقية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وسيتم استئناف اتفاقيات إبراهيم أو التطبيع العربي الإسرائيلي.
إقرأ أيضا:
لماذا لا تقطع السعودية ودول الخليج النفط والغاز لأجل غزة؟
خطة بناء دولة فلسطينية مزدهرة بحلول 2038
ماذا يستفيد المغرب من التطبيع مع إسرائيل؟
منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وضم الضفة الغربية ثم غزة
من طوفان الأقصى إلى السلام بين إسرائيل وفلسطين
العلمانية هي الحل لصراع فلسطين وإسرائيل
طوفان الأقصى: ضربة إيرانية لجهود السعودية والإمارات