علوم

ولادتنا سبب المعاناة لذا من الأفضل لو لم نولد أبدا

يولد الإنسان في خضم الألم والبكاء والدماء، وتعبر الروح من خلال صراخ المولود عن رفضها للولادة، سقوط آدم وحواء من الجنة هو نفسه سقوط الجنين من الرحم!

في كتابه “الأخلاق النيقوماخية” (Nicomachean Ethics)، تطرق أرسطو إلى تبنيه الفلسفة اللاإنجابية: “بالنسبة للبشر فإن أفضل شيء بالنسبة لهم هو ألا يولدوا أبدًا، وألا يكونوا جزءًا من هذا العالم، وهذا هو الخيار الأول الذي ينبغي أن نختاره إذا كان متاحًا، أما الخيار التالي الأفضل لنا، إذا حدث وولدنا فهو أن نموت في أقرب وقت ممكن”.

ومنذ فجر التاريخ واجه الإنسان الشر والفقر والألم النفسي والجسدي والأمراض والحروب والمجاعات والأوبئة وكوارث لا تعد ولا تحصى يمكن أن تصيب أي شخص منا في أي وقت وبدون سابق انذار، ورغم التقدم العلمي والحضارة المتقدمة إلا أنه لم يتمكن من إيجاد حل لمعظمها.

يؤكد أرسطو على أهمية تحقيق السعادة والتميز الشخصي من خلال تنمية الفضائل وممارسة الأعمال الصالحة، لكنه يعترف بحقيقة قامت عليها الفلسفة اللاإنجابية وحركات مناهضة التوالد.

وإلى بوذا في الهند، والذي عاش في عائلة ملكية ثرية ورغم ذلك في رحلته الفلسفية وجد أن حياة البشر بها الكثير من المعاناة، ومن الأفضل تجنب معظم الرغبات لأن كل رغبة يليها الألم.

وتعتبر الولادة جزءًا من دورة سامسارا (Samsara)، وهو مفهوم الإنتقال المستمر للروح بين حياة وحياة، وبناءً على ذلك الإنجاب والميلاد هما ضمن هذه الدورة العصيبة ومصدر للعذاب والمعاناة.

إقرأ أيضا:ما هي بدائل النفط التي توفرها التقنيات الجديدة؟

حقيقة وصل إليها فلاسفة العدمية أمثال آرثر شوبنهاور وإميل سيوران وأبو العلاء المعري وكل شخص انطلق من معاناته الشخصية، من طفولته الصعبة ومعاناته النفسية وتأمل في حال من حوله وهذا العالم ليجد الفلسفة اللاإنجابية.

بدون الإنجاب لن يكون هناك فقراء ومتشردين ومرضى ومجرمين وأشرار ومفسدين وقتلى وحتى الموتى الذين يتجرعون الألم في لحظاتهم الأخيرة ويتركون الأحزان والبكاء لأحبابهم، ومهما جلب الإنجاب من أغنياء وأصحاء ومصلحين وأخيار وناجحين في المقابل، كل هؤلاء لديهم معاناتهم، إن لم تكن مادية فهي صحية وإن لم تكن صحية فهي نفسية وسيتجرعون الموت في النهاية.

حتى في الرحلة الفلسفية للبحث عن الحقيقة وعن الخالق الحقيقي هناك معاناة وشقاء، وكلما زاد علمك أدركت أن جهلك أكبر وتزايدك أسئلتك.

ورغم معرفتنا جميعا أن الحياة معاناة، وكلنا في رحلتنا للوصول إلى السلام والسعادة، هناك من يفضل سعادته على حساب معاناة الآخرين، ونتحدث عن الشخص الذي يدافع عن الإنجاب ويؤمن أن سعادته هي في انجابه أبناء.

رغم معرفة هؤلاء التكاثريين بحقيقة التحديات والمعاناة التي تنتظر أي مولود جديد، فهم ينظرون إلى الجانب المشرق من المسألة وهي تحقيق رغباتهم واشباع غريزة أنانية في أصلها، ولا يدركون المعاناة إلا بعد قدوم المولود.

ولأكون منصفا نعرف جيدا أن نوايا معظم الآباء والامهات جيدة، هم يريدون الخير لأبنائهم ويقلقون لأجلهم ويريدون الأفضل لهم، لكنهم في الواقع يدفعون فاتورة اشباع الغريزة الأنانية.

إقرأ أيضا:احصائيات عن ارتفاع معدلات العزوبية في العالم

مهما فعل هؤلاء من أجل أبنائهم لا يمكنهم حمايتهم من المعاناة ومن الأخطار التي تتربص بهم ومن الأقدار السيئة، لهذا تعتقد الفلسفة اللاإنجابية، أنه من الأفضل لو تجنب هؤلاء الإنجاب سيكون هذا خير لهم وأقل معاناة مما هم فيه.

إقرأ أيضا:سوريا أولى بالدعم والمساعدة العربية من تركيا

إن ولادتنا هي سبب المعاناة التي نتجرعها، وهذه ليست دعوة لليأس والإستسلام، ولكنها حقيقة لا يمكنك الهروب منها ودعوة لفهم الفلسفة اللاإنجابية وتفهم موقف كل شخص قرر أنه لن ينجب كي لا ينقل المعاناة إلى شخص جديد.

ولادتنا سبب المعاناة لذا من الأفضل لو لم نولد أبدا ومن الأفضل أن لا نتوالد كي لا نصنع مزيدا من الألم والمعاناة، ضحايا وحثالة!

إقرأ أيضا:

ما هي فلسفة اللاإنجابية Antinatalism ومن هو اللاإنجابي؟

أفضل قرار اتخذته في حياتي هو أني لن أنجب

إلهام شاهين مثال للمرأة اللاإنجابية المتحررة الناجحة

عربيا ChatGPT فاشل في الفلسفة اللاإنجابية ويعتبرها عجزا جنسيا

ثورة شباب الصين: اللاإنجابية للأحرار والتوالد لعبيد الشيوعية

السابق
سبب تسمية الجمعة السوداء بهذا الاسم
التالي
استعلام عن وجود بلاغ تغيب الكويت e-portal.manpower.gov.kw