ربما هذه أول مرة تسمع فيها بمصطلح الأخلاق العلمانية، وهو مصطلح اكتشفته مع التعمق في الفلسفة البوذية التي لا علاقة لها بالدين ويتبني أتباعها الإلحاد، ما دام العلم لم يثبت وجود الله حتى الآن.
وبينما يؤمن أبناء الديانات الإبراهيمية خصوصا الإسلام بأنه لا وجود للأخلاق خارج المنظومة الدينية، إلا أن البوذية والفلسفات الوجودية الإلحادية الأخرى تثبت أن هناك منظومة أخلاقية يفرضها العقل والضمير.
ما هي الأخلاق العلمانية؟
الأخلاق العلمانية هي نظام أخلاقي يستند إلى المبادئ العلمية والعقلانية، بدلاً من القوانين الدينية أو الأعراف التقليدية.
ترتكز الأخلاق العلمانية على الاعتقاد بأن القرارات الأخلاقية يجب أن تستند إلى المعرفة والتفكير النقدي، وتأخذ في الاعتبار النتائج والتأثيرات المحتملة لتلك القرارات على الأفراد والمجتمع بشكل عام.
تعتبر الأخلاق العلمانية مستقلة عن الدين وتنسجم مع أفكار العلم والعقلانية، تؤمن بضرورة قيم مثل الحرية، والمساواة، والعدالة، واحترام حقوق الإنسان، وتشجع على التعايش السلمي بين الأشخاص والثقافات المختلفة.
ما هي مصدر الأخلاق العلمانية؟
في الأخلاق العلمانية، يتم تحليل الأخلاق وصياغة المبادئ الأخلاقية بناءً على الأدلة العلمية والمنطقية، ولا تعتمد على الأوامر الدينية أو العقائد الدينية كمصدر رئيسي للأخلاق، وبالتالي، يتم رفض القوانين أو الأعراف الأخلاقية التي لا يوجد لها أساس علمي مؤكد.
تهدف الأخلاق العلمانية إلى توفير إطار أخلاقي يمكن أن يكون مشتركًا بين الأشخاص ذوي الخلفيات الثقافية والدينية المختلفة. إنها تعتبر العقل والعلم والتفكير النقدي أساسًا لاتخاذ القرارات الأخلاقية وتحقيق الرفاهية البشرية.
إقرأ أيضا:كوسوفو الإسلامية: القدس عاصمة اسرائيل ولا نعترف بفلسطينالأخلاق العلمانية هي نهج شامل لاحتضان قيمنا الإنسانية الداخلية المشتركة، ولا تعتمد على أي دين معين، إنها تحترم جميع البشر (المؤمنين وغير المؤمنين)، وجميع المجتمعات، وجميع الثقافات، وجميع الأديان، لأنها يقوم على الحس السليم والخبرة المشتركة والأدلة العلمية، إن أساس الأخلاق العلمانية تكمن في الرحمة والإنسانية المشتركة.
هذه الاخلاق موجودة بالفطرة في دواخل الإنسان، حيث يتصرف الأطفال عادة بالعطف والتسامح اتجاه الآخرين وحتى ان كانوا من ديانات أخرى، إلا أن هذا التعاطف والتسامح يختفي مع غرس القيم الدينية واعتبار الآخر المختلف دينيا بأنه كافر ومصيره الجحيم (فكرة الديانات الإبراهيمية).
معايير تحديد الأخلاق العلمانية
الأخلاق العلمانية تعتمد على المعرفة العلمية والتفكير النقدي، وتركز على الحرية الشخصية والمساواة وحقوق الإنسان. وهي تسعى لإنشاء إطار أخلاقي مشترك يمكن أن يتبناه جميع الأشخاص بغض النظر عن خلفيتهم الدينية أو الثقافية، ومن الممكن أن توفر مرونة أكبر في التعامل مع التغيرات الاجتماعية والعلمية.
الأخلاق العلمانية هي التي حرمت ومنعت الرق وتجارة العبيد التي كانت تؤيدها الكنيسة المسيحية وكذلك المؤسسات الإسلامية الدينية، وحرمت أيضا مسألة زواج القاصرات وما إلى ذلك من الأمور التي كانت شائعة في القرون الوسطى والفترات التي سيطرت فيها الديانتين المسيحية والإسلامية على المشهد الدولي.
تقدم الأخلاق العلمانية نموذجًا أخلاقيًا للعالم أجمع، ومن المؤكد أنها توفر “ترياقًا” للأسباب الجذرية لمعضلات عالمنا.
إقرأ أيضا:سينتولوجيا: كل شيء عن ديانة المشاهير أمثال توم كروزكيف يتم تحديد الأخلاق العلمانية؟
تقوم الأخلاق العلمانية على أن الفعل يصبح سيئا عندما يضر الفاعل أو المفعول به أو طرف آخر، وهو مقبول إن كان مفيدا لكافة الأطراف بداية من الفاعل إلى محيطه.
كما أن حرية الفرد مقدسة والإنسان هو محور هذه الحياة، لكن الحيوانات والكائنات الأخرى لديها الحق في العيش ويجب الحفاظ عليها لأنها مكون أساسي لاستمرار حياتنا على الأرض واستمرار هذه الكوكب.
إقرأ أيضا:اليمين القومي الشعبوي عدو العروبة وخصم الإسلامإذا أثبت العلم أن فعل معين له اضرار كبيرة وتبعات سيئة يصبح هذا الفعل غير أخلاقي وبالتالي يجب على القوانين حظره، وأبسط مثال على ذلك هي القوانين العلمانية التي تمنع القيادة تحث تأثير الكحول لما يشكل ذلك من خطر على السائق وبقية مستخدمي الطريق.
مثال آخر هو مكافحة التحرش بالنساء والأطفال لما ينتج عنه من تأثيرات سلبية على نفسية الضحايا والعقد النفسية والعار الذي يصنعه الفعل بالضحية لهذا يتم تشديد القوانين ضد تلك السلوكيات.
إقرأ أيضا:
العلمانية هي الحل لصراع فلسطين وإسرائيل
هل العلمانية ضد الدين ولماذا يربطها البعض مع الإلحاد؟
أعداء الديمقراطية والعلمانية في الهند وإسرائيل والعالم العربي والإسلامي
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
البوذية ليست ديانة ولا تتعارض مع الإسلام أو غيره