في المغرب حيث هامش حرية التعبير كبير في السنوات الأخيرة، وأفضل من معظم الدول العربية، كانت مظاهرات نصرة فلسطين جريئة للغاية إلى درجة أن بعض الشعارات تحرض ضد سياسات وحكم الملك محمد السادس.
لاحظنا ذلك في الشعارات التي يرددها الإسلاميون وكذلك اليساريون وهم أكثر متزعمي هذه الإحتجاجات والمعترضون منذ البداية على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل.
بالنسبة لهؤلاء حرب غزة هي فرصة لا تقدر بثمن للعودة إلى صدارة المشهد السياسي وتحقيق مكاسب عديدة على المستوى الشعبي وتحقيق الأجندات التي يعلمون عادة عليها.
اسقاط التطبيع مع إسرائيل والطعن في السياسة الخارجية المغربية
اتفاقية التطبيع التي وقعها المغرب بقيادة جلال الملك محمد السادس، كانت خطوة استراتيجية ومهمة في علاقات المغرب الخارجية وسعيه لتنويع علاقاتها عالميا وتجنب الإصطفاف الدولي خلف تحالفات إقليمية ودولية في ظل الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى خيار استراتيجي لدفع الفلسطينيين المنقسمين إلى قسمين نحو وحدة الصف والتفاوض عوض المتاجرة بقضيتهم، وقضية الشعب الفلسطيني.
اليوم في مظاهرات نصرة فلسطين هناك مطالبات صريحة بإسقاط اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، والبعض يهاجم وزارة الخارجية وهي وزارة تابعة لجلالة الملك مباشرة وتنفذ توجيهاته السامية، والبعض الآخر يهاجم الملك شخصيا ويعتبرون التطبيع خيانة مغربية للقضية الفلسطينية.
يستغل المعارضون في الداخل والخارج هذه القضية للضرب في شرعية العائلة الملكية، وقد لاحظنا هذا بوضوح على منصات مثل يوتيوب وتويتر وحتى فيسبوك والرسائل الخفية من بعض رجال الدين والناشطين اليساريين التي تطعن في مصداقية القيادة المغربية.
إقرأ أيضا:ازدهار تجارة الدراجات الهوائية بفضل التغير المناخيفليسقط المغرب وتحيا فلسطين
وصل الأمر بعدد من الشباب والناشطين إلى شعارات خطيرة، مثل فليسقط المغرب وتحيا فلسطين أو حتى لنمت ولتحيا فلسطين، وهي عبارات تنبع من أناس لا يعرفون أنهم يحرضون بشكل غير مباشر على الفوضى.
من المؤكد أن هناك احباط لدى فئة كبرى من جمهور التيارين الكبيرين الإسلامي واليساري في المغرب من السياسات الخارجية للمملكة ومعها سياسات بقية الدول العربية.
كان ذلك واضحا في رد الفعل على القمة التي أقيمت في السعودية والتي لم تشهد أي اعلان بقطع العلاقات مع إسرائيل أو التحرك لإيقاف تدفق النقط والغاز إلى الغرب، وكانت السخرية واضحة من القادة العرب بما فيهم قادة المغرب، خصوصا بعد ورود تقارير أن المغرب إلى جانب موريتانيا والأردن ومصر والبحرين والإمارات والسعودية وجيبوتي والسودان قد رفضت مقترحا طرحته ايران وحلفائها لقطع كافة العلاقات العربية مع الدولة العبرية.
الهجوم على أندري أزولاي
ذهبت المظاهرات الأخيرة إلى الهجوم على أحد أهم مستشاري الملك محمد السادس، وهو اليهودي المغربي أندري أزولاي، حيث ردد المتظاهرون “يا للعار صهيوني مستشار”.
أزولاي هو مصرفي سبق له العمل في مصرف فرنسي كبير، ورجل أعمال بدأ عمله كمستشار للملك الحسن الثاني الراحل عام 1990 وما زال يعمل في منصبه في عهد الملك الحالي محمد السادس.
إقرأ أيضا:رابط نتائج الانتخابات التركية الرئاسية 2023الرجل الموثوق والمقرب من الملك محمد السادس وقبله الراحل الحسن الثاني، لطالما كان مادة دسمة لمواضيع نظرية المؤامرة وتحكم الصهيونية في المغرب والأفكار السامة التي يروج لها بعض المغرضين من أجل تحريض الشعب على القيادة المغربية.
اليوم يشارك مستهلكي تلك النظريات في المظاهرات وهؤلاء يشكلون خطرا لأنهم مؤمنون بتلك الأكاذيب والتحريض التي يتعرض له مستشار الملك وأيضا معاداة اليهود التي تتصاعد في الدول العربية والإسلامية حاليا.
غزة قبل تازة
من الشعارات التي ترددها الحشود المغربية في نصرتها لفلسطين، نجد أيضا شعار “غزة قبل تازة”، في إشارة إلى أن غزة يجب أن يكون لها الأولوية قبل المدن المغربية والتنمية المحلية، وهي من الشعارات العروبية الشعبوية الغبية.
من المؤكد أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الصراعات المهمة في حياتنا، ويريد الجميع أن ينتهي ذلك ولكن بالسلام وحصول الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على دولتهما، وفي ذات فإن الأولوية القصوى محليا هي للتنمية ومعالجة الملفات والقضايا المحلية الكثيرة من الصحة إلى التعليم إلى الإقتصاد والتجارة والضرائب.
إقرأ أيضا:دور الماسونية في استقلال الجزائرهذه الحشود للأسف مستعدة لضرب أمن بلدها من أجل شعب وبلد آخر، وهذا أمر ينافي تماما قيم المواطنة والوطنية والمصلحة العليا للبلاد، ويجري هؤلاء وراء وهم الخلافة الإسلامية ويعتبرون المغرب جزءا من امبراطورية عاصمتها في تركيا أو ايران أو السعودية أو سوريا، ونسبة منهم ضد الملكية لأنهم يساريون ديمقراطيون واليسار العربي معروف بحروبه ضد الملكيات من الخليج إلى المغرب.
إقرأ أيضا:
هل حماس صناعة إسرائيلية وما دور مصر فيها؟
خطر الشعبوية اليسارية والإسلام السياسي في حرب غزة
اليمين القومي الشعبوي عدو العروبة وخصم الإسلام
أزمة الهوية عند شعوب شمال أفريقيا من مصر إلى المغرب
الديمقراطية الفوضوية ستكون سبب افلاس الكويت