تحتشد القوات والمدرعات الإسرائيلية على أطراف قطاع غزة، ويتباهى مقاتلو حماس، المختبئون في أنفاق عميقة تحت القطاع الساحلي المدمر، بأنهم على استعداد لإلحاق خسائر فادحة بالغزاة.
إن الهجوم البري المحتمل في غزة، والذي أشار القادة الإسرائيليون إلى أنه قد يبدأ في أي وقت ضد حركة حماس المسلحة، ربما يطرح سؤالاً بلا إجابة لكلا الجانبين: كيف ستنتهي الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة؟
في أي عملية برية في غزة، فإن هدف إسرائيل المعلن هو القضاء على الجماعة المسلحة، التي تحكم القطاع الساحلي منذ عام 2007، ولكن بالإضافة إلى هدف قتل قادة حماس العسكريين وإزاحة الجماعة من السلطة السياسية، وجد المسؤولون الإسرائيليون أن الأمر صعب للغاية لتوضيح ما سيأتي بعد ذلك بالضبط.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، لشبكة CNN: “لا نفكر الآن فيما سيحدث في اليوم التالي للحرب”، “نحن بحاجة إلى الفوز في هذه الحرب، وهذا هو الشيء الوحيد الذي نركز عليه”.
ومن جانبها، تصر حماس على أنه أياً كانت نتيجة الحرب الحالية، فإنها غيرت بشكل دائم حسابات مواجهتها التي دامت عقوداً من الزمن مع إسرائيل.
وقال أسامة حمدان، أحد كبار مسؤولي حماس في لبنان، في مقابلة: “لقد تطورت قدراتنا”، “لا يمكن للإسرائيليين أن يعودوا بالزمن إلى الوراء”.
كان الخطاب العام الإسرائيلي حول عملية غزة مشحوناً بشكل كبير بالتعهدات بالانتقام لمذبحة أكثر من 1000 مدني نساء وأطفال ومسنين وعائلات في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر، عندما اقتحم مسلحو حماس مرتفعات البلاد، السياج الحدودي التكنولوجي وارتكاب مجازر في المجتمعات الصغيرة بالقرب من غزة.
إقرأ أيضا:هل كان تمرد فاغنر على بوتين مجرد مسرحية روسية؟ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن المهاجمين احتجزوا في الهجوم 199 رهينة، مما قدم للمخططين العسكريين ما قد يكون أكبر معضلة لديهم في وضع خطة المعركة.
تقليدياً، لا تدخر إسرائيل أي جهد لإعادة مواطنيها الأسرى إلى وطنهم بأمان، حتى لو كان ذلك يعني الانخراط في عمليات تبادل أسرى غير متوازنة للغاية.
ولم يسبق لحماس أن احتجزت أي شيء يقترب من هذا العدد من الأسرى، وغزة، رغم صغر حجمها، مليئة بالأماكن التي يمكن إخفاءهم فيها، وتدرك إسرائيل جيدًا أيضًا أن معارك الشوارع الضارية والغارات الجوية المتواصلة التي سوت بالفعل أحياء بأكملها بالأرض تشكل خطر قتل بعض الرهائن على الأقل عن غير قصد.
داخل إسرائيل، كانت عائلات المحتجزين تتحدث بصوت عالٍ بشكل متزايد عن مطالبتها بأن تكون سلامة الأسرى هي الاهتمام الأول حتى مع إشارة حماس إلى أنها تنوي فرض أكبر ثمن ممكن مقابل حريتهم.
وطالبت حماس بالإفراج عن 6000 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وأشارت إلى أنها تعتزم استخدام الرهائن كورقة مساومة.
وقال خالد مشعل، مسؤول حماس المقيم في قطر، لتلفزيون العربي إن القبض على هذا العدد الكبير من الأسرى الإسرائيليين يعني أن الحركة الآن “لديها ما تحتاجه لتفريغ السجون من جميع السجناء”.
وسط الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة، حيث يُحرم أكثر من مليوني مدني فلسطيني بالفعل من الاحتياجات اليومية الأساسية مثل الغذاء والدواء، تناشد جماعات حقوق الإنسان والعديد من الأطراف الخارجية إسرائيل لوقف إطلاق النار أو على الأقل السماح بكميات كبيرة إمدادات المساعدات التي تشتد الحاجة إليها قبل أن تترسخ فوضى المعركة.
إقرأ أيضا:هل الكائنات الفضائية موجودة؟وتستهدف إسرائيل بالفعل قادة حماس داخل غزة، وتقول إنها قتلت ستة من قادة الجماعة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، وقد ارتفع العدد إلى 9 قادة مع مقتل تيسير مباشر قائد كتيبة منطقة شمالي خان يونس اليوم الأربعاء.
ولكن في إسرائيل، التي تطاردها أسوأ مذبحة بحق المواطنين المدنيين الإسرائيليين في تاريخ البلاد، هناك شعور بأنه إذا لم يوجه الجيش ضربة حاسمة ضد حماس الآن، فإن أي وهم بشأن السلامة للمواطنين الإسرائيليين سيختفي إلى الأبد.
لقد كان الردع منذ فترة طويلة ركيزة أساسية في استراتيجية الدفاع الإسرائيلية، وقد أدى فشل الحكومة المذهل في توقع الهجوم وصده، الذي يبدو أن فعاليته المميتة فاجأت حتى حماس نفسها، إلى شعور حاد بالخطر المحتمل من مجموعة من الأعداء الإقليميين.
المؤكد هو أن حرب إسرائيل ضد غزة ردا على هجوم حماس عليها لن تكون حربا قصيرة، ومن الممكن أن تستمر لمزيد من الأسابيع قبل أن يبدأ المجتمع الدولي في الضغط من اجل إيقاف الحرب وربما التدخل دبلوماسيا هذه المرة للتوصل إلى اتفاق ببنود محددة وقد تلعب قطر التي لديها علاقات وثيقة مع حماس وإسرائيل دورا مهما في الوساطة.
لكن حتى ذلك الوقت تريد إسرائيل القضاء على اكبر عدد ممكن من القادة في حماس وضرب البنية التحتية العسكرية لهذه الجماعة كي لا تفكر مستقبلا في شن هجوم على القطاع.
إقرأ أيضا:البوذية ليست ديانة ولا تتعارض مع الإسلام أو غيرهالغزو البري لغزة ممكن بالفعل لكن إسرائيل تعرف جيدا انه مكلف وسيؤدي إلى خسائر بشرية في صفوفها العسكرية، لهذا تفضل القصف الجوي وحتى استخدام قواتها البحرية في مهاجمة السواحل وضرب الأهداف المختلفة في القطاع.
في هذا الوقت تتزايد خطورة توسع الصراع إقليميا حيث يهدد حزب الله بالتدخل وهناك مليشيات شيعية مختلفة في سوريا والعراق واليمن تهدد بالتدخل، لكن في المقابل الولايات المتحدة التي تنتشر قواتها في الشرق الأوسط ولديها قوات بحرية قوية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب إضافة إلى مضيق هرمز مستعدة أيضا للتدخل عسكريا في حال تدخلت ايران او أي دولة أخرى في هذه الحرب.
لكن المسؤولين في طهران يؤكدون أن أي هجوم إيراني كبير ضد إسرائيل سيُكبد ايران خسائر فادحة ويثير غضبا شعبيا داخلياً لهذا من المستبعد أن تتدخل في هذه الحرب.
بالنسبة لنا المؤكد حاليا هو أن هذه الحرب ليست مثل المواجهات العسكرية السابقة التي كان هدف إسرائيل فيها هو تقليم أظافر حماس وقتل بعض قادتها ومن ثم العودة إلى الهدنة، الهدف هذه المرة هو القضاء على حماس أو على الأقل تغيير سلوكها أو دفع سكان غزة للإنقلاب عليها.
إقرأ أيضا:
الدول العربية لن تسقط في فخ الحرب ضد إسرائيل لأجل حماس
الإنقسام الفلسطيني أكبر خيانة لشعب فلسطين
من باع القضية الفلسطينية؟ حماس وفتح برعاية قطر الممولة لنتنياهو
لماذا تمول قطر حملات بنيامين نتنياهو الانتخابية في إسرائيل؟
من الذي فاز في حرب اكتوبر 1973؟ إسرائيل أم العرب؟
هل طوفان الأقصى مؤامرة ومسرحية جديدة من إسرائيل؟
الجانب المظلم من ديمقراطية إسرائيل
منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وضم الضفة الغربية ثم غزة
ما الذي يتحكم في تحركات سعر الدولار اليوم بالشيكل؟
هل روسيا تهدد إسرائيل وهل تدعم حماس؟
ثمن طوفان الأقصى هي سيناء الفلسطينية وغزة الإسرائيلية
هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟