جيبوتي دولة ذات سيادة وتتمتع بقدرة مستقلة على اتخاذ القرار في عهد الرئيس إسماعيل عمر جيله، تستضيف هذه الدولة الساحلية الإفريقية الصغيرة ثماني قواعد عسكرية لدول أجنبية، وهي تقع عند مصب البحر الأحمر.
وهي قريبة جغرافياً من مضيق باب المندب وشبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط والممر الملاحي الاستراتيجي لخليج عدن، وقد أدى تزايد عمليات السطو البحري والقرصنة في الآونة الأخيرة إلى زيادة الأهمية الجيو استراتيجية والجغرافية الاقتصادية للبلاد، بالإضافة إلى ذلك، أدت البيئة الأمنية الضعيفة في اليمن والصومال أيضًا إلى زيادة أهمية جيبوتي.
أثار الوجود المتزايد للجهات الفاعلة الدولية في الدولة الساحلية الإفريقية الصغيرة جدلاً حول أمن البلاد، تستضيف جيبوتي قواعد عسكرية تابعة لألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية على مسافة قصيرة جدًا من بعضها البعض، ولروسيا والهند أيضاً مصالح قوية في إقامة قواعد عسكرية هناك.
علاوة على ذلك، فإن الحرب ضد حركة الشباب في الصومال، وعمليات مكافحة القرصنة في خليج عدن، والمنافسة السعودية الإيرانية على اليمن، قد دعت جهات فاعلة عالمية جديدة مثل الصين واليابان اللتين تسعيان أيضًا إلى إنشاء قواعد عسكرية في البلاد.
فقدت جيبوتي أهميتها في السياسة العالمية مع نهاية الحرب الباردة، ومع ذلك، فإن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية والحرب العالمية اللاحقة على الإرهاب بالإضافة إلى تصاعد قضايا الأمن البحري في خليج عدن والساحل الغربي للمحيط الهندي، أدت إلى تجديد المنافسة في هذه المنطقة وإلى تزايد أهمية جيبوتي.
إقرأ أيضا:مشروع إسرائيل لمنع جفاف بحيرة طبرياسلطت العقود الأخيرة الضوء على زيادة حادة في الطلب على القواعد العسكرية والبحرية في جيبوتي، وظهرت دول جديدة في الأفق مثل الصين، وبعض دول الخليج، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة.
هناك ثلاثة أسباب وراء أن زيادة الحشد العسكري للقواعد البرية والبحرية في جيبوتي قد يخلق تحديات أمنية بعيدة المدى للبلاد، أولاً، يمكن أن تشكل استضافة قواعد عسكرية ذات أعلام مختلفة تهديداً لقدرة البلاد على اتخاذ قرارات مستقلة بشأن السياسات السياسية والإقتصادية والاجتماعية.
قد تؤثر المصالح المختلفة – والمتضاربة أحيانًا – للجهات الفاعلة الدولية على عمليات صنع السياسات، وتوضح حالة ميناء دوراليه، على سبيل المثال، كيف تم تعريض عملية صنع القرار المستقلة في البلاد للخطر عندما أثارت الولايات المتحدة مخاوفها بشأن نقل حقوق تشغيل الميناء إلى الصين.
وعلى الرغم من أن سلطات جيبوتي حاولت مرارا وتكرارا تفسير مسألة رفض تسليم ميناء دوراليه إلى الصين، إلا أن الوعد الشفهي من جيبوتي لم يتمكن من تهدئة المخاوف المتزايدة في واشنطن.
وقال الجنرال البحري الأمريكي توماس دي. فالدهوزر إنه “إذا استولى الصينيون على هذا الميناء، فقد تكون العواقب وخيمة”، وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ: “نأمل أن يتمكن الجانب الأمريكي من النظر بموضوعية ونزاهة إلى تنمية الصين والتعاون الصيني الأفريقي”.
وفي السياق نفسه، وعلى الرغم من وعد حكومة جيله باحترام المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، فإن واشنطن لا تنظر بشكل إيجابي إلى آفاق السياسة الإقتصادية لجيبوتي في الظهور كمركز تجاري مهم في القرن الأفريقي.
إقرأ أيضا:ممارسة ومشاهدة كرة القدم حرام في الإسلام للنساء والرجالوينبع انزعاج واشنطن أساساً من مشاركة بكين المتزايدة في مشاريع التنمية في جيبوتي بطرق متعددة، تضمن المشاريع أن تذهب حصة الأسد إلى بكين.
تكمن أهمية جيبوتي في أنها دولة صغيرة على الساحل الشرقي لإفريقيا، وتعتبر نقطة تلاقي بين القارات الأفريقية والآسيوية والأوروبية، ويمر مضيق باب المندب، الذي يعد ممرًا بحريًا حيويًا يربط البحر الأحمر بخليج عدن نحو 30% من حركة التجارة العالمية.
وتستضيف جيبوتي قواعد عسكرية لعدة دول، وهي توفر هذه القواعد مرافئ ومنشآت للدفاع والدعم اللوجستي، مما يجعل جيبوتي موقعًا استراتيجيًا للقوات العسكرية والعمليات الإنسانية ومكافحة القرصنة ومكافحة الإرهاب.
تعد جيبوتي مركزًا تجاريًا حيويًا وميناءًا رئيسيًا في المنطقة، يوجد فيها ميناء دوراليه المزدحم الذي يعتبر نقطة تحول رئيسية للشحن والتجارة في شرق أفريقيا، كما تستضيف سكة حديدية تربط ميناءها ببلدان الجوار مثل إثيوبيا وجنوب السودان، ما يجعلها تلعب دورا آخر وهو كونها مدخل للسلع والبضائع إلى شرق أفريقيا.
إقرأ أيضا:العلاقة بين مصر القديمة والماسونية وتشابه رموزهمالكن بالرغم من كل ذلك فإن تعدد القواعد العسكرية في البلاد يعرضها لتكون ضمن منطقة صراع إقليمي أو دولي في المستقبل، خصوصا وأن التوتر الصيني الأمريكي في تزايد مستمر بالمنطقة، كما أن اثيوبيا تريد لها قاعدة عسكرية بحرية للوصول إلى البحر الأحمر وإعادة احياء قوتها البحرية.
إقرأ أيضا:
هل تنجح روسيا في احتلال أفريقيا بعد محاولتها الفاشلة 1889؟
روسيا تدعم اثيوبيا لبناء قاعدة عسكرية بحرية لمواجهة مصر
بريكس: مقارنة بين اقتصاد اثيوبيا ومصر والجزائر
دور مصر الخفي في حرب اثيوبيا ضد تيغراي الأهلية
سد النهضة اقتصاديا وسياسيا: مصر اثيوبيا الصين أمريكا السودان