تعودنا أنه بعد كل مصيبة أو كارثة يخرج علينا أصحاب نظرية المؤامرة، ومرة أخرى ارتفعت أصواتهم في زلزال المغرب المشكوك في أنه طبيعي، واعصار دانيال الذي ضرب سواحل اليونان قبل أن يتجه إلى ليبيا.
يؤمن اتباع نظرية المؤامرة أن الولايات المتحدة والحكومة الخفية والماسونية وجهات أخرى لديها تقنيات متقدمة جدا وسرية تستخدم في افتعال الأوبئة وحرائق الغابات وحتى الزلازل إضافة إلى العواصف.
كما يعتقد هؤلاء أن كل مصيبة تحدث في الأرض هي بسبب الإنسان وهو الذي يتسبب فيها، وينسى هؤلاء أن تلك الظواهر موجودة منذ الأزل، الفارق الآن لدينا الإعلام والوسائل الاجتماعية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة.
في الماضي لم يكن من الممكن لشخص يعيش في المغرب أن يسمع بزلزال تركيا مثلا ولن يسمع بإعصار ليبيا إلا بعد انتهائه وربما قد لا يعرف به المواطن البسيط أبدا.
اليوم تتناقل وسائل الإعلام الأخبار التطورات وهناك تغطية وكاميرات مراقبة منتشرة، وهي التي تلتقط ما يرافق تلك الظواهر من أحداث جسيمة، تجعل المهووسين بنظرية المؤامرة يجدون فرصتهم لإثبات صحة نظريتهم.
في أزمة كورونا ادعى هؤلاء أن الوباء مؤامرة وحرب عالمية ثالثة وانتصرت فيها الصين، واتضح فيما بعد أن بكين هي الخاسر الأكبر والمتضرر اقتصاديا وهي التي لم يتعافى اقتصادها حتى الآن وخيب آمال المراقبين.
إقرأ أيضا:موقف روسيا بوتين والصين من غزو العراق 2003قيل أيضا أن اللقاحات هي لقتل الناس، وأن كل من حصلوا على جرعات منه سيموتون في غضون أيام وربما أشهر أو عام أو عامين، ولم يحدث شيئا من ذلك، بل على العكس من لم يحصل على التطعيم أصبح يواجه في الفترة الأخيرة انفلونزا موسمية تهدد حياته.
والحديث عن نظرية المؤامرة في زلزال المغرب لم يأتي بجديد حقيقة مقارنة بزلزال تركيا الذي كان مسرحا للنظريات التي تشكك من أن دول الناتو قد وجهوا ضربة لدولة عضوة في نفس التحالف الأطلسي، وقيل حينها أنه لإعادة تركيا المتمردة إلى حظيرة الغرب.
ماذا أيضا عن المغرب ما الذي فعله للغرب كي يتعرض منهم للزلزال؟ بالعكس لديه علاقات جيدة مع دول الأطلسي إضافة إلى إسرائيل التي تتعرض بنفسها للكوارث، فقط الفرق هي أن تل أبيب مستعدة وواقعية وجاهزة للتعامل مع الكوارث العسكرية والطبيعية.
لا يوجد دليل على أن الزلازل مؤامرة، فهي ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة لتحرك قطع الصخور في باطن الأرض، وتحدث الزلازل بشكل عام عندما يحدث تحرك مفاجئ على طول الخطوط المعروفة باسم الشوائب (الصدوع) في القشرة الأرضية، وهذا يعود إلى قوى الطبيعة مثل الصدمات التكتونية أو الانزلاقات الصفائح الأرضية.
توجد العديد من الدراسات العلمية والمراصد الزلزالية التي تراقب وتسجل الزلازل في جميع أنحاء العالم، وتقوم هذه المؤسسات بتحليل البيانات وتقديم المعلومات الهامة لفهم هذه الظاهرة وتوفير تحذيرات مبكرة في حالة الزلازل الكبيرة.
إقرأ أيضا:شبكات الجيل الخامس وهدف تأمين الغذاء ومحاربة تغير المناخعلى الرغم من أن بعض النظريات المؤامرة قد تدعي أن الزلازل تمكنت من تنظيمها الحكومات أو المؤسسات السرية، إلا أنه لا يوجد أي دليل علمي يدعم هذه الادعاءات، الزلازل هي ظاهرة طبيعية معقدة تم دراستها بعناية من قبل العلماء والمهندسين المختصين، وقد تسببت في الكثير من الدمار والخسائر البشرية على مر العصور.
من جهة أخرى فإن إعصار ليبيا والسيول التي حصلت في البلاد والتي تسببت في مقتل أكثر من 10000 شخصا حتى الآن، تحولت إلى كارثة أخرى تحيط بها الكثير من الأسئلة لدى أنصار نظرية المؤامرة.
والحقيقة أن تاريخ ليبيا حافل بالفيضانات، حيث تم تسجيل العديد من العواصف والأعاصير في ليبيا خلال العقود الماضية، في عام 1982، ضربت عاصفة “ماكسيمو” الساحل الغربي للبلاد، تلتها عاصفة “سيلينو” قرب سرت في عام 1995، وفقًا للمركز العربي للمناخ وبعض الدوريات المعنية بتقلبات الطقس بالمنطقة الوسطى والغربية من البحر المتوسط.
كما تم رصد عاصفة “زيو” التي اجتاحت الساحل الليبي في ديسمبر 2005، وعاصفة “رولف” في نوفمبر 2014، وتأثر الشمال الليبي بتأثيرها، وفقًا للمركز العربي للمناخ.
إقرأ أيضا:كيف تنفق شركات النفط مليارات الدولارات لنفي التغير المناخي؟في سبتمبر 2020، مرت عاصفة “كاسيلدا” على سواحل ليبيا قادمة من اليونان، ولكن البلاد لم تشهد سوى أمطار خفيفة إلى متوسطة في معظم مناطق الشمال الشرقي، وكانت الأمطار جيدة في جبل الأخضر.
بطبيعة الحال الكارثة هذه المرة أكبر وكشفت عن ضعف البنية التحتية في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا والغارق في السنوات الأخيرة بالخلافات السياسية والحرب الأهلية.
إقرأ أيضا:
هل زلزال تركيا مفتعل وما هي أضواء الزلازل؟
هل شركة بيبسي يهودية فعلا؟
سر ضوء أزرق في سماء الإسكندرية بالتوازي مع زلزال تركيا ومصر
لماذا نظرية المليار الذهبي غير منطقية؟
حقيقة حظر كوكا كولا في السعودية لعقدين وبالدول العربية بسبب إسرائيل