فيس بوك تغرق في وحل الأخبار المزيفة
يواجه فيس بوك أزمة هي الأكبر في تاريخه، وقد تنهي في نهاية المطاف عصر هذه الشبكة الإجتماعية المترامية الأطراف والمؤثرة على حوالي ملياري شخص حول العالم.
نتحدث عن الأخبار المزيفة التي تنتشر على المنصة والتي دفعت وسائل الإعلام لتسليط الضوء على المشكلة، وانتهى بها المطاف الآن إلى الخضوع لتحقيقات من لجنة الاستخبارات الأمريكية وتزايد كراهية الأمريكيين له، خصوصا وأنه متهم بالأدلة القاطعة بأنه كان سلاحا فتاكا في الإنتخابات الأمريكية وقد تلاعب برأي 126 مليون أمريكي.
ولطالما أكدت الشركة الأمريكية أن شبكتها الإجتماعية متكاملة توفر خدمات جيدة للمستخدمين، وهي لا تشكل ضررا على أحد لكن هذه الحجج الفارغة أصبحت من الماضي.
فيس بوك اعترف بأن عام 2018 سيكون لإصلاح الموقع واعادته إلى المسار الصحيح، وهذا بعد أزيد من عام تعرض فيها لاتهامات من شتى الجهات بأنه منصة فوضوية.
ورغم أن احصائيات المستخدمين تظهر لنا نموا في عددهم إلا انني على ثقة بأن الكثير من الحسابات أغلقت وحذفت من قبل أصحابها استياء منهم على ما يجري في هذه المنصة.
فيس بوك في أزمة كبيرة جدا لا يدرك معظم الناس حجمها وما دامت تربح وتحقق عائدات جيدة فهي بخير، لكن النتائج المالية لا تترجم عادة خطورة الأزمة في مراحلها الأولى.
إقرأ أيضا:مسابقة نيمو: 10000 دولار للستريمرز العرب غير المتعاقدين
-
فيس بوك لم تصدق أن منتجها يعاني من عيوب
صمم فيس بوك بطريقة تبقي المستخدمين فيه لفترات طويلة يتصفحون المنشورات يتفاعلون معها وتظهر المنشورات الإعلانية بينها بطريقة جيدة لا تزعج أحدا.
ولأن هذا التصميم نجح في تحقيق هدفه فإن الشركة الأمريكية تنظر إلى نموذج أعمالها على أنه جيد ويسير على النحو المطلوب.
لذا كان من الصعب على إدارة الشركة تصديق التقارير الصحفية التي تؤكد بأن هناك مشكلة كبيرة في الموقع مفادها ظهور الأخبار المزيفة للملايين من المستخدمين.
ولطالما أكدت فيس بوك أنها لا تتحمل أية مسؤولية للمحتوى المنشور عليها، وأنها شبكة اجتماعية مفتوحة للجميع.
ثم لاحظنا خلال الأشهر الأخيرة من عام 2017 تحركها لحل المشكلة من خلال مجموعة من الإجراءات والقرارات التي تصب في صالح الخروج من الأزمة.
نعم بدأت الشركة تدرك بأن ترك الفوضى تستمر في المنصة لن يجعلها معزولة عن المشاكل التي تسببها تلك المحتويات للدول والشعوب والمجتمعات، وترسخ لديها بأنها مشكلة خطيرة مع تدخل الحكومات على الخط وفرض المزيد من الشروط والضغوط لمحاربة المحتوى المخالف.
صحيح أن الشركة تدعم الإبلاغ عن المنشورات وحذفها لكنها لا تقوم بأي إجراء عادة ضد الأخبار المزيفة لأنه في نظرها مجرد وجهة نظر أخرى على المنصة لا داعي لقمعها.
إقرأ أيضا:هذا مصير مقاطع فيديو القتل والتحريض على الإرهاب في يوتيوب
-
عليها أن تتعلم من شركة جونسون آند جونسون
على نيويورك تايمز نشر السيد روجر كوهين وهو صديق لمؤسس فيس بوك مقالا كشف فيه عن تفاصيل لم نكن نعرفها.
وقال أنه في بداية عام 2016 لاحظ منشورات غريبة وتعليقات مزيفة تنتشر على الموقع وتتكاثر والتفاعل معها مرتفع للغاية، ولاحظ ذلك سواء ضمن المنشورات التي تفاعل معها أصدقاؤه أو المنشورات الإعلانية.
وأضاف أنه بناء على ذلك اتصل بمؤسس فيس بوك وكذلك شيريل ساندبيرغ، المسؤولة عن التشغيل بالشركة وأخبرهما بأنه قلق ازاء عناصر شريرة تستخدم الموقع لصالحها.
الرد جاء من الطرفين متطابق تماما، وهو لا داعي للقلق فالأمور تسير على ما يرام، وهما مترددين ازاء القبول بتلك الحقيقة.
وأضاف أنهما استمرار في نكرانهما لتلك النتائج والمخاوف حتى الأشهر الأخيرة من عام 2017، مرحبا بمنشور مارك زوكربيرغ الذي أعلن رسميا عن توجهه إلى خوض اصلاحات للموقع خلال العام الجاري.
وطالبه في المقال المطول إلى التعلم من شركة جونسون آند جونسون التي واجهت أزمة عام 1982 وكادت أن تقضي على مصداقيتها رغم انها لا تتحمل بالأساس مسؤوليتها.
-
هذا ما حدث مع جونسون آند جونسون وهذا ما يجب أن يحدث مع فيس بوك
عودة إلى عام 1982 حيث وجدت جونسون آند جونسون نفسها المتهمة في قضية أزمة التسمم بالتيلينول، ورغم أن الشركة لم تكن السبب في العبث بالدواء الذي تسبب بالوفيات إلا أنها تحملت المسؤولية رغم انها لم تكن ملزمة بذلك.
إقرأ أيضا:ما هي تقنية FLoC بديل ملفات تعريف الارتباط كوكيز؟ما فعلته الشركة الشهيرة هو قيامها بسحب عبوات التيلينول من مختلف المتاجر والجهات التي توفر بيعه، وأعادت تصميم التغليف للعبوات بطريقة تمنع التلاعب بها.
ورغم أن هذا الإجراء قد كلف الشركة الكثير من المال على المدى القصير إلا انه لاحقا تجاوزت هذه الأزمة بهذا الفعل الشجاع منها دون أن تتضرر سمعتها.
فيس بوك اعترف أخيرا بأن هناك مشكلة في صفحة خلاصة المنشورات، وهذه أول خطوة على النحو الايجابي أما الخطوة الثانية فهي وجوب الاعتراف بفشله في تقريب المسافات بين الأصدقاء وخلق مجتمعات مسالمة، والخطوة الثالثة هي الاعتذار المباشر لكل المستخدمين المتضررين من التلاعب برأسهم من خلال بث منشورات مزيفة لهم.
أما الخطوة الرابعة والأهم فهي العمل على اعادة تصميم منتجه بطريقة يقضي فيها على الثغرات التي يستغلها منتجي المحتوى المتطرف والأخبار المزيفة في الشبكة الإجتماعية.
ليس مطلوبا من الشركة التخلي عن منتجها أو اهدافها أو حتى أطماعها التنافسية، لكن ما تحتاجه هو إصلاح المشكلة وستتجاوز هذه الأزمة الكبيرة.
نهاية المقال:
من الجيد أن نرى ادارة فيس بوك تعترف بأن هناك خللا في منتجها هو الذي يستغل لنشر الأخبار المزيفة والمحتوى المتطرف، لكن تحتاج الشركة في هذه الأيام إلى الاقتداء بشركة جونسون آند جونسون التي واجهت أزمة التسمم عام 1982 بإجراء كلفها الكثير من المال لكن حافظ على سمعتها وجعلها تستمر في النجاح.